يغادر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك السجن اليوم الخميس على أقرب تقدير، بعد حكم قضائي هز البلاد المنقسمة بالفعل والتي تعاني اضطرابات بعد سبعة اسابيع من عزل الجيش للرئيس الإسلامي محمد مرسي. وانعقدت المحكمة في سجن يحتجز فيه مبارك بالقاهرة أمس الأربعاء وأمرت باخلاء سبيل الرئيس، الذي حكم البلاد ثلاثين عاما حتى الإطاحة به عقب احتجاجات شعبية في مطلع 2011.
وحكم على مبارك (85 عاما) بالسجن المؤبد العام الماضي في قضية قتل المتظاهرين خلال الانتفاضة ضده. لكن محكمة الاستئناف قبلت طعنه في يناير كانون الثاني وأمرت بإعادة المحاكمة.
ومن المستبعد أن يكون امام مبارك مستقبل سياسي لكن الافراج عنه، الذي قال المستشار أحمد البحراوي المحامي العام لنيابة الأموال العامة العليا إنه نهائي ولا يجوز للنيابة الطعن عليه، اثار غضب المصريين.
وقال أحد المواطنين في وسط القاهرة "الجيش رجع نظام مبارك.. نفس النظام." واضاف "من انتخبهم الشعب في السجون الآن."
وكان المواطن المصري يشير إلى حملة أمنية واسعة ضد جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي واعتقل خلالها كثير من زعمائها.
وقال مواطن آخر يعمل بأحد المتاجر إن مبارك كان أسوأ حاكم في تاريخ مصر لكن أحد المارة اختلف معه حيث قال "كان أعظم رئيس."
وتهيمن الاضطرابات السياسية على مصر منذ شهور وقتل ما لا يقل عن 900 شخص بينهم 100 من الجنود والشرطة في الحملة ضد أنصار مرسي خلال الاسبوع الماضي لتكون أسوأ حلقة من العنف الدموي في البلاد منذ عقود.
وتراجع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي مساعداتهما لمصر في ضوء العنف لكن السعودية التي تعادي الاخوان المسلمين تعهدت بسد اي نقص ينجم عن وقف المساعدات.
ولم يصدر رد فعل فوري على قرار إخلاء سبيل مبارك من جماعة الاخوان المسلمين التي يقبع أغلب زعمائها في السجون.
ولا يزال مبارك يحاكم من جديد بتهمة التواطؤ في قتل المحتجين خلال الانتفاضة التي قامت ضده إلا انه قضى الحد الاقصى الذي يسمح به القانون لاحتجازه احتياطيا على ذمة القضية.
وأزال الحكم القضائي امس آخر مبرر قانوني لحبسه فيما يتصل بقضية فساد بعد صدور حكم افراج مماثل في قضية فساد أخرى يوم الاثنين. ولن يسمح لمبارك بمغادرة البلاد وستظل أصوله مجمدة.
ولا يزال ابنا مبارك جمال وعلاء ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي في السجن وقال محامي العادلي إن الحكم الخاص بمبارك لا تأثير له على قضاياهم.
وقال بعض السياسيين الليبراليين والعلمانيين الذين أيدوا عزل الجيش لمرسي في الثالث من يوليو إنهم يأسفون للإفراج عنه لكنهم أضافوا أنه يجب احترام حكم القضاء.
وقال محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة المؤقتة التي عينها الجيش، إن نظام مبارك كان نظاما قذرا وإن الرئيس الأسبق دمر البلد.
وأشار أبو الغار إلى سن مبارك والفترة التي قضاها في السجن وقال إنه يجب التركيز الآن على بناء البلاد وتأسيس الديمقراطية وإنهاء مشكلة الاخوان المسلمين.
وأضاف أن الحكومة تعلم أنه إذا أفرج عن مبارك فسيكون هناك غضب شعبي لكن يجب احترام قرار المحكمة.
وقال خالد داود، المتحدث باسم حزب الدستور الليبرالي، إن محاكمات الرئيس السابق ومساعديه كانت معيبة من البداية لأن القضاء لم تكن لديه الأدوات الكافية للتعامل مع القضايا المرتبطة بحكم مبارك وهو ما أدى إلى تبرئة الكثيرين.
وربما يعكس رد الفعل المحدود نسبيا من خصوم مبارك غير الإسلاميين إحجاما من جانبهم عن إثارة اضطرابات بعدما عزل الجيش لمرسي عقب مظاهرات حاشدة ضده.
ويقول قادة الجيش انهم استجابوا لإرادة الشعب بعد مظاهرات حاشدة شارك فيها ليبراليون ويساريون للمطالبة بإبعاد مرسي. وعين الجيش حكومة مؤقتة للإشراف على خريطة طريق للعودة الى الديمقراطية.
وتصور السلطات حاليا صراعها مع الاخوان القوة السياسية الاكثر تنظيما في مصر باعتباره حرب على الارهاب وتعتقل زعماءها وقبضت أمس على المرشد العام لها محمد بديع في القاهرة.
وأغضب حبس مبارك السعودية والامارات اللتين تعهدتا مع الكويت بمساعدات قيمتها 12 مليار دولار لمصر عقب عزل مرسي. وقال دبلوماسيون عرب إن البلدين ضغطا من أجل الافراج عن الرجل الذي كانا يعتبرانه حليفا قويا بالمنطقة.
وقال عقيد طلب عدم الكشف عن اسمه إن معاملة القائد الأعلى السابق للقوات المسلحة "أساءت لصورة الجيش".
وقالت لبنى منيب، المتحدثة باسم التيار الشعبي وهو حركة يسارية، إن حكم المحكمة سبب مشكلة. وأضافت أنها تعتقد أنه مذنب ودعت إلى محاكمته أمام محاكم ثورية وقالت إنها تؤيد عقد مثل هذه المحاكمات لكل المسؤولين في عهد مبارك ولمرسي وللإخوان المسلمين.
وقالت الولاياتالمتحدة أمس إن الحملة الأمنية ضد المحتجين يمكن أن تؤثر على المساعدات الأمريكية لمصر لكنها نفت تقارير عن أن واشنطن علقت المساعدات بالفعل.
وتقدم الولاياتالمتحدة مساعدات عسكرية سنوية لمصر قيمتها 1.23 مليار دولار وأخرى اقتصادية بقيمة 241 مليون دولار.
وبحث وزراء خارجية الاتحاد في اجتماعهم في بروكسل كيفية استغلال الدعم الاقتصادي لحمل الحكومة على وقف حملتها الأمنية وبحث حل وسط سلمي.
ولم تشعر الدول الغربية بالارتياح خلال العام الذي تولى فيه مرسي السلطة عندما أقر دستورا إسلامي الصبغة.