الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي خلال خطابه بميدان التحرير يوم الجمعة - رويترز يؤدي الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي اليمين الدستورية يوم السبت 30 يونيو الجاري بعد يوم من استباق الزعيم الاسلامي الحفل الرسمي باداء اليمين امام حشود مبتهجة في ميدان التحرير محذرا المجلس العسكري من محاولة كبح سلطاته. وقلص المجلس العسكري بالفعل من صلاحيات مرسي الذي يحتل حاليا المنصب الذي شغله في الماضي حسني مبارك الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بعد 16 شهرا من اطاحة المصريين به. ومرسي هو اول رئيس من خارج القيادات العليا للجيش منذ اطاح ضباط بالجيش بالملك فاروق عام 1952. ودعمت جماعة الاخوان المسلمين مرسي حتى اوصلته لسدة السلطة ويمثل فوزه تحولا جذريا بعد عقود من القمع. وكتبت صحيفة الجمهورية التي كانت حتى اندلاع الثورة العام الماضي تدين بالولاء لمبارك في العنوان الرئيسي لعددها اليوم "اليوم ..ميلاد الدولة المدنية". ومن المقرر ان يؤدي مرسي اليمين رسميا الساعة 11 صباحا (0900 بتوقيت جرينتش) امام المحكمة الدستورية بدلا من البرلمان كالمعتاد. وحلت المحكمة البرلمان الذي سيطر عليه الاسلاميون هذا الشهر في اجراء ضمن عدة اجراءات اعدت لترسيخ التأثير العسكري على مصر لفترة طويلة بعد تولي مرسي الرئاسة. وقال مرسي يوم الجمعة وسط هتافات حماسية للجماهير الغفيرة التي كان بينها العديد من اتباع جماعة الاخوان المسلمين التي كانت محظورة يوما "اقسم بالله العظيم ان احافظ مخلصا على النظام الجمهوري وان احترم الدستور والقانون". وفي كلمة الى "مسلمي ومسيحيي مصر" وعد مرسي "بدولة مدنية وطنية دستورية حديثة" ولم يشر الى حلم الاخوان بايجاد نظام اسلامي. وقال مرسي في ميدان التحرير بوتقة الثورة التي انهت 30 عاما من حكم مبارك "انني مؤمن تماما بانكم مصدر السلطة والشرعية". وتمثل كلمته الجريئة تحديا واضحا للجيش الذي يقول ايضا انه يجسد ارادة الشعب والذي يرى نفسه الضامن للمصالح الوطنية وللدولة. وتولى المجلس العسكري برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي السلطة من مبارك عندما تنحى في 11 فبراير شباط 2011 وتعهد مرارا بتسليم السلطة لرئيس منتخب بحلول الاول من يوليو تموز. وقالت مصادر بالجيش ان طنطاوي الذي تولى وزارة الدفاع طيلة 20 عاما في عهد مبارك سيسلم السلطة لمرسي في حفل يذاع في التلفزيون اليوم السبت بعد اداء الرئيس اليمين. وعانت مصر تحت حكم المجلس العسكري من مرحلة انتقالية اتسمت بالتخبط والعنف في بعض الاوقات اجريت خلالها الانتخابات البرلمانية والرئاسية دون وضع البلاد على طريق واضح للديمقراطية او حكم دستوري. ولا تزال مصر في مأزق سياسي دون دستور ولا مجلس شعب ولا اي وضوح بشأن دور المؤسسة العسكرية الحريصة على البقاء في مقعد القيادة. وبدأت لجنة من المفترض ان تتولى صياغة دستور جديد العمل بعدما انهارت سابقتها وسط نزاعات بشأن اذا ما كان هناك زيادة في تمثيل الاسلاميين في دولة يوجد بها اقلية مسيحية نسبتها 10 بالمئة والعديد من الليبراليين العلمانيين. ومصر ايضا في حالة استقطاب اكثر من ذي قبل. وفاز مرسي بشق الانفس في جولة الاعادة هذا الشهر ضد احمد شفيق قائد القوات الجوية السابق واخر رئيس وزراء في عهد مبارك لكن العديد من الناخبين كانوا مستاءين من الاختيار بين اسلامي ورجل ينظر اليه على انه من فلول عصر مبارك. وستجد مصر ان من الصعب جذب الاستثمار والقروض والمساعدات الاجنبية التي تحتاجها لانعاش الاقتصاد المتدهور جراء شهور من الاضطراب والبلبلة الى ان يعود الاستقرار السياسي. وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي يوم الجمعة ان كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي اتصلت بمرسي لمناقشة التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر وما هي افضل مساعدة يمكن ان يقدمها الصندوق. وقال المتحدث ان "المديرة كررت ان صندوق النقد الدولي مستعد لدعم مصر ويتطلع للعمل عن كثب مع السلطات". وقال المتحدث ان لاجارد هنأت ايضا مرسي على انتخابه رئيسا "الذي يمثل خطوة مهمة للامام في تحول مصر". وعلى الرغم من ذلك لم يتم وضع جدول زمني لزيارة طاقم صندوق النقد الدولي لمصر لمناقشة قرض الصندوق الذي تبلغ قيمته 3.2 مليار دولار امريكي. وقال المتحدث ان هذا "سيعتمد على تشكيل الحكومة". ومما يعقد العملية استحواذ المجلس العسكري على سلطات جديدة هذا الشهر حيث اعطى لنفسه حقوق الاعتراض على صياغة دستور جديد وعين مجلس دفاع وطنيا لادارة السياسات الدفاعية والخارجية. ويمهد اصرار المجلس العسكري على اداء مرسي اليمين امام المحكمة الدستورية ورده الجريء في التحرير الطريق امام صراع طويل على السلطة في مصر. ويدير الجيش الذي اتى منه جميع الرؤساء السابقين طوال تاريخ الجمهورية العربية الممتد منذ 60 عاما مشاريع تجارية مسؤولة عن ما يقدر بثلث الاقتصاد. ولا ينوي ان يعرض للخطر 1.3 مليار دولار سنويا يحصل عليها كمساعدة عسكرية من الولاياتالمتحدة لدعم اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل التي ابرمت في 1979 والتي ينتقدها الاسلاميون على نحو واسع. وقال مرسي انه سيحترم التزامات مصر الدولية ولا يرغب في جر البلاد الى الحرب ثانية. واشار خطابه في التحرير الذي استقبل بهتافات من عشرات الالوف من انصاره الى عزمه على استخدام الشرعية الشعبية لهزيمة السلطة العسكرية المترسخة. وردد الحشد هتافات "يا مشير قول الحق ..مرسي رئيسك ولا لأ" و "ثورة كاملة يا إما بلاش (لا)" و "يسقط حكم العسكر.. احنا الشعب الخط الاحمر.".