مباشرة بعد إصدار الأحكام القضائية في حق معتقلي أحداث أكديم إيزيك، والتي تراوحت بين الإدانة بعقوبات سالبة للحرية وبين الحكم بما قضاه في حق اثنين من المتابعين، انبرى كل طرف إلى التعليق على هذه الأحكام من منظوره الشخصي، وتبعا لموقفه من المحاكمة ووضعه القانوني فيها.
فعائلات الضحايا أوكلت الأمر إلى خالقها للاقتصاص قانونا من الجناة، معتبرة أن الأحكام الصادرة في الملف عادلة وإن لم تتمكن من جبر الضرر المعنوي والمادي الذي لحقها بسبب فقدانها لعزيز أو قريب قبل سنتين من الآن. أما هيئة الدفاع عن المتهمين فقد صرحت بأن المحكمة احترمت الشكليات القانونية في الملف لكنها لم تعلن تخلّيها عن موكليها، حيث أكدت أنها سوف تطعن في الحكم أمام محكمة النقض للحصول على مرحلة أخرى من مراحل التقاضي.
بموازاة ذلك، صاغ المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهيئات الملاحظين الدوليين والوطنيين تقارير حول أطوار المحاكمة، وسريان إجراءات الدعوى، مؤكدين جميعا أن مقومات المحاكمة العادلة تم احترامها في الملف، وتم استيفاء كل القواعد المسطرية التي تحددها المعايير الدولية، مع التأكيد أيضا على أنه ليس من حقهم التعقيب على الأحكام لأن ذلك يبقى من اختصاص السلطات القضائية.
في مقابل ذلك، كان لجبهة البوليساريو وبعض الأقلام المأجورة والمندسة موقف آخر، حيث تم اعتبار هذه الأحكام طعنة في ظهر الجهود الأممية بشأن ملف الصحراء، وأنها عرقلة من الجانب المغربي لمسلسل المفاوضات الذي تشرف عليه الأممالمتحدة ! تصريحات من هذا القبيل ليس لها إلا تفسير واحد، هو حرص جبهة البوليساريو على تسييس الأحكام الصادرة في هذا الملف بعدما تعذر عليها تسييس المحاكمة. فهل استئناف المفاوضات-بحسب البوليساريو-يحتاج إلى تبرئة القتلة والمجرمين؟ وهل الحل السلمي لقضية الصحراء المغربية يتوقف على الحكم بالبراءة في قضية أكديم إيزيك؟
إن الأحكام القضائية تبقى دائما عنوانا للحقيقة وليس الحقيقة، وهي في ملف أحداث أكديم إيزيك عنوانا لوحشية المتابعين الذي سحلوا الجثث وتبولوا عليها في مشهد أقرب إلى البربرية منه إلى الآدمية، وهي أيضا عنوان لحكم المؤسسات في المغرب، حيث تم تمكين القتلة من أوجه الدفاع، واحترام ضماناتهم في المحاكمة العادلة، مع أنهم تنصلوا من كل نبرة إنسانية عندما مثلوا بالجثث أمام أعين الناس ورؤوس الأشهاد.