* يعتقد دعاة الإسلام السياسي أن فائدة البنوك الحديثة حرام، لأنها ربا، في نظرهم. وإذا رجعنا إلى مفهوم الربا في العصور القديمة وجدنا أن من لا يستطيع رد الدّٰين الذي عليه يصبح عبدا لدائنه، ما يعني أن الربا يؤدي إلى الاستعباد. كما أن الربا في النص القرآني هو أضعاف مضاعفة من مبلغ الدين، في حين لا ترقى كل الفائدة البنكية اليوم إلى هذه النسبة. زد على ذلك أن البنوك العصرية لم تكن موجودة عند ظهور الإسلام. كما أن المقترض اليوم ل لا يكون شخصا، بل إنه مؤسسة، أو هيئة اعتبارية، ما يجعل ما يتحصل عليه من فوائد لا يكون غير مشروع لأنه لا يٌحٓوّٓل إلى حساب أشخاص ماديين. أضف إلى ذلك أنه في حالة إفلاس المؤسسة المقترضة، فالضرر لا يلحق بالأشخاص بسبب الاقتراض بفائدة. فضلا عن ذلك، يلجأ دعاة الإسلام السياسي إلى اعتماد طرق ملتوية لجعل الفوائد التي تجنيها المصارف "الإسلامية" تبدو حلالا، حيث غيروا أسماء عملياتها البنكية من أجل إخفاء غايتها. وبذلك، تتغير أسماء العمليات البنكية ظاهريا، وتبقى الحقيقة كما هي. لقد أبرزت بعض الدراسات أن ما يسمَّى بالفائدة قد سماه فقهاء الإسلام السياسي ب " البيع بأجل"، ما يكشف عن لجوء هؤلاء إلى التحايل بهدف تقديم المصارف الإسلامية وكأنها تتعامل بدون فائدة، مع أنها تتعامل بها حقيقة… فوق ذلك، إذا تأملنا مصدر رساميل هذه البنوك "الإسلامية" وجدنا أنها في ملكية شيوخ بعض عشائر الخليج، ما يؤكد أنها من مداخيل النفط الذي هو ملك للخليجيين، ويعني ذلك أن هذه الرساميل مأخوذة من أهل الخليج ضد إرادتهم، وبذلك فهي مال حرام. ويجني هؤلاء الشيوخ فوائد كبيرة عن طريق التدليس والتضليل، إذ يسخرون فقهاء الإسلام السياسي للإفتاء بتحليل ما هو حرام، فيضفي هؤلاء المشايخ الشرعية الدينية على الليبرالية المتوحشة عبر تغيير أسماء معاملات المصارف "الإسلامية" لتسويغ الفوائد الخرافية التي يجنيها شيوخ بعض العشائر الخليجية من هذه المصارف (عبد المجيد الشرفي). ويعني كل ذلك أن الإسلام السياسي لا يمتلك مشروعا أو حلاّ اقتصاديا خارج الرأسمالية المتوحشة التي تشتغل بقوانين وضعية لا يعترف بها الخطاب الظاهري لدعاة الإسلام السياسي. من هذا المثال، يتضح أن الإسلام السياسي يشكل عائقا في وجه تقدم شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وازدهارها وتمكينها من تحقيق حقوقها الاجتماعية والاقتصادية… علاوة على ذلك، لقد علمتنا دروس تاريخ هذه المنطقة القريب أن جزءا كبيرا من أرباح ما يسمَّى بِ "المصارف الإسلامية" يتم تحويله إلى الحسابات البنكية لأصحابها، كما يتم توظيف هذه المصارف لتمويل تيارات الإسلام السياسي بغية تمكينها من تقديم خدمات اجتماعية للفقراء والمستضعفين بهدف شراء أصواتهم في الاستحقاقات الانتخابية، ما يعد خرقا سافرا للقانون يستوجب العقاب، لأنه يشكل ضربا من الرشوة. كما يفيدنا تاريخ منطقة الشرق الأوسط القريب نفسه أن البلدان التي استضافت هذه المصارف" الإسلامية" قد عرفت فتنا أدت إلى تفتيت الأوطان، حيث اتخذت هذه المؤسسات المالية وسيلة وغطاء لتمويل الفتن وتقويض الاستقرار وألوحدة الوطنية، كما أنها موَّلت تأسيس مدارس وجمعيات لنشر ثقافة الإسلام السياسي وفكره. وقد استعملت مداخيل بعض هذه المدارس لتمويل الحملات الانتخابية لجماعات الإسلام السياسي….