يروى أنه كان فيما مضى غابة يحكمها أسد بلغ من الكبر عتيا ، وحدث أن أصبح الأسد ذات يوم جائعاً فقال للثعلب أحضر لي طعاماً وإلا اضطررت لأكلك ، فقال الثعلب أمهلني حتى أحضر لك حماراً لتأكله ، قال الأسد حسناً اذهب ولا تتأخر . فذهب الثعلب إلى حمار يرعى في إحدى مراعي الغابة ، وقال له يا أيها الحمار إن الأسد يبحث عن ملك آخر للغابة أو وزير يشاركه الحكم ، فاذهب إليه حتى تتقرب منه فإما أن تصبح ملكا وإما أن تكون اليد اليمنى للملك ،فتعجب الحمار من هذا الكلام ، وأخذ يفكر ويحلم بالمنصب الذي ينتظره ويتصور هيأته و مملكته وحاشيته ، وعندما وصل الحمار عند الأسد ، وقبل أن يسلم عليه، ضربه الأسد على رأسه فقطع أذنيه ، ففر الحمار مرتعدا خائفا ، فقال الأسد للثعلب في غضب : إذهب وأحضر لي الحمار وإلا أكلتك مكانه ، فذهب الثعلب إلى الحمار مرة ثانية وقال له إنك حقا حمار ابن حمار ولا تفقه في السياسة حرفا ، كيف تترك يا هذا مجلس الأسد وتضيع على نفسك منصب الملك أو الوزارة ، فقال له الحمار حيلتك مكشوفة ، تظهر الخير وتضمر الشر ، فكيف تدعي أن الأسد يريد أن ينصِّبني ملكاً على الغابة أو يستوزرني وهو في الحقيقة يريد أن يأكلني أما رأيته وهو يضربني على رأسي حتى طارت أذناي . قال الثعلب كان يجب أن تطير أذناك حتى يضع التاج على رأسك أم تريد أن تكون ملكا أو زيرا بدون تاج .؟؟؟ قال الحمار هذا كلام معقول فقم بنا للأسد لأعتذر له عن فراري وسوء فعلي . فعادا مرة أخرى إلى الأسد ، وعندما اقترب الحمار من الأسد ليعتذر له ضربه فقطع ذيله ففر الحمار مرة أخرى , فقال الأسد للثعلب أحضره وإلا جعلتك مضغة سائغة لأنيابي ، فذهب الثعلب إلى الحمار وقال له أتعبتني يا هذا فأخبرني لماذا تفر دائماً من أمام الأسد ؟؟؟ قال الحمار فقدت أذني وذيلي وأنت ما زلت تصر على أنه يريد أن ينصبني ملكاً ، فرد عليه الثعلب وكيف تجلس على كرسي المُلك وذيلك تحتك ؟ أم كيف تريد أن تكون وزيرا وذيلك يشوه منظرك ، فقال الحمار صدقت ورب الكعبة ، فقم بنا لأعتذر إليه ، فأخذ الثعلب الحمار إلى الأسد مرة ثالثة وما إن رآه الأسد حتى انقض عليه وقتله . ثم إن الأسد لما أدرك بأن الحمار أمسى جثة هامدة أمر الثعلب بأن يقسم الحمار ويأتيه بالمخ والرئة والكبد والقلب فذهب الثعلب فأكل المخ ثم رجع للأسد ومعه الرئة والكبد والقلب فقط فقال الأسد لما رأى الحمار بدون مخ ، أين المخ والمخيخ وما جاورهما يا ثعلب ؟ فقال الثعلب في دهاء : لو كان له مخ يا سيدي ما عاد إلينا بعد قطع أذنيه وذيله . فقال الأسد مقتنعا صدقت يا ثعلب . تذكرت هذه القصة وأنا أتابع تبعات تصريحات القيادي البارز في حزب الاشتراكي الموحد محمد الساسي حول موقف حزب العدالة والتنمية من النظام ، قبل 20 فبراير ، وخلال التصويت على الدستور الجديد وبعد فوزه بالرتبة الأولى خلال الإنتخابات التشريعية الأخيرة . الساسي أكد بالصوت والصورة أن حزب العدالة والتنمية قدم إشارة ثلاثية للنظام أولها عدم المشاركة في تظاهرات 20 فبراير وثانيها ، التصويت بنعم على الدستور، وثالثها عدم صدور أي انتقاد حول مجريات الإستفتاء .. وهي إشارات قال عنها محمد الساسي أنها قدمت من طرف العدالة والتنمية للتعبير عن حسن النية للنظام، و وكذا التعبير عن أن أبناء الحزب وأتباعه وقيادييه هم " حيوانات سياسية أليفة" .ولعل وصف هو الحيوانات الأليفة هو ما دفع ببعض قيادي الحزب إلى الرد على الساسي بالقول " أنهم ما مساليينش ليه هاذ الساعة " . شخصيا لست أميل إلى وصف الساسي أبدا ، ولست أبالي برد العدالة والتنمية على هكذا وصف على الرغم من أن كبيرهم هو من بدأ بإطلاق هذه الأوصاف على كائنات سماها بالعفاريت والتماسيح وأكد غير مامرة أن هذه التماسيح المنتمية في القاموس اللغوي إلى فصيلة الحيوانات المفترسة هي التي تتحكم في دهاليز السياسة عندنا وهي التي تسيطر على ما للاقتصاد من موارد وصادرات ، وهي التي تحشر أنفها في كل كبيرة وصغيرة من هذا البلد وتشكل جيوب مقاومة لكل إصلاح مطلوب ومرغوب . بكل تأكيد أن بنكيران وحزبه حين يتكلمون عن التماسيح والعفاريت فهم يدركون ما يقولون ويعون ما يتفوهون به ، لكن ما لا يدركه الحزب وبنكيران هو أنهم ماضون بمواقفهم " الانبطاحية " الجديدة والقديمة إلى جعل قصة الأسد والثعلب والحمار واقعا حيا يعيش فصوله المغاربة بكثير من الحسرة والندم والألم ... ويا للأسف .