هجمات نوفمبر بباريس، لا تزال حبلى بالمفاجآت بشأن تفاصيل تلك العملية الانتحارية التي أربكت أجهزة الأمن، دافعة بدول أوروبا إلى "تجييش" جميع عناصرها لتفادي تكرار ذلك السيناريو المرعب. "عملية باريس ليست بالشيء الهام مقارنة بما سيحدث لاحقا"، هذا ما أسرَّ به "عبد الحميد أبا عود"، مدبر هجمات باريس للمرأة "المتسببة" في مقتله، إذ أن عملية مداهمة ضاحية "سان دوني" من قبل القوات الفرنسية التي انتهت بمقتل أبا عود، يرجع فضلها إلى إمرأة مسلمة مجهولة. هذه المرأة "المجهولة" بفضحها السر للجهات الأمنية الفرنسية تكون قد أنقذت أرواحا أخرى من الموت في عمليات انتحارية كبرى كان أبا عود ينوى تنفيذها في أوروبا بعد هجمات باريس، وجنبت الأوروبيين من كارثة فادحة أخرى. الجندية المجهولة في مداهمة سان داوني تناقلت الصحف العالمية، صورة عبد الحميد أبا عود، المتورط في تدبير عمليات انتحارية بباريس، ليصبح "أبا عود" حديث الفرنسيين بلا استثناء، هذا الزخم الإعلامي الذي أحيط بشخصية أبا عود، سهل عملية التعرف على العقل المدبر والتبليغ عن مكان اختبائه. صحيفة "واشنطن بوست" أجرت حوارا صحفيا مع المرأة التي أبلغت الشرطة عن نوايا الهارب عبد الحميد أبا عود ومكان اختبائه وجنبت أوروبا موعدا "فاجعا" كان بانتظار تنفيذه من قبل عناصر تنظيم "داعش". "رأيته في التلفزيون"، صورته المنتشرة في القنوات التلفزيونية أذكت شرارة "نهاية أبا عود"، إذ استحضرت المرأة التي لم يكشف عن هويتها حتى الآن لسلامتها الشخصية، ذلك اللقاء الذي جمعها مع أبا عود في مكانه السري بالقرب من حي "آبيرفيلير". من المؤكد أن اللقاء الذي جمعها ب" أبا عود" بعد يومين فقط من هجمات ال13 من نوفمبر لعبت الصدفة وحدها في حدوثه، ففي تلك الأثناء كانت بصحبة رفيقتها " حسناء آيت بولحسن" عندما تلقت هذه الأخيرة اتصالا هاتفيا من قبل شخص يطلب توفير سيارة، فلبت حسناء النداء وتوجهت فورا إلى حي آبيرفيلير الصناعي بمنطقة سان دوني شمال باريس. لقاء الموت لم يدر في خلد أبا عود أن ذلك الاتصال سيحدد مصيره، وأنه "سيقدم" كلقمة سائغة لقوات الأمن الفرنسي، إذ التقى أبا عود (28 عاما) بالمرأتين، وكان "مبتسما وهو يرتدي قبعة شمسية لم يكن يبدو أنه انتحاري"، وتابعت المرأة حديثها أنها علمت بنوايا "أباعود" لتنفيذ مجزرة إرهابية ثانية في باريس. وعلقت السيدة على ذلك الحديث بقولها إن عبد الحميد أخبرها بمشاركته في عملية إطلاق النار على أشخاص كانوا في صالات المقاهي والمطاعم في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، وأبلغها أنه استطاع دخول فرنسا من دون أوراق ثبوتية صحبة 90 شخصا من جنسيات مختلفة (عراقية، سورية ، فرنسية ، إنجليزية، ألمانية) بالإضافة إلى أنهم يستعدون لتنفيذ هجمات جديدة تستهدف مركزا تجاريا في منطقة "لاديفنس" وكذلك مركزا للشرطة وحضانة أطفال في نفس المنطقة، بعد أسبوع من هجوم باريس. الإرهاب لا دين له بعد حصولها على تلك المعلومات، وجدت المرأة نفسها وسط مخطط إرهابي كبير، فشعرت بالذعر والارتباك، لكنها استجمعت قواها وبددت تلك المخاوف، وقررت الاتصال برقم الطوارئ الذي وضعته الحكومة الفرنسية من أجل التبليغ عن الإرهابيين ومدهم بمعلومات قد تساعدهم في اعتقال هذه الخلايا. ونوهت السيدة في المقابلة الصحفية، أن الدافع الحقيقي لإبلاغها الشرطة عن أبا عود، هو أن يعرف العالم بأنها مسلمة، وأن أباعود وغيره من الإرهابيين لا يطبقون تعاليم الإسلام كما يزعمون. أخشى من عمليات انتقامية بالإبلاغ عن مدبر هجمات باريس، لم يعد للسيدة المجهولة أي حياة اجتماعية تذكر، وانعزلت عن محيطها الاجتماعي، بعد أن أصبحت حياتها مهددة بعمليات انتتقامية على خلفية مساعدتها للشرطة في إحباط مخططات أبا عود الجهنمية. أنهت "المسلمة المجهولة" مخطط أبا عود المميت في مهده، وجنبت فرنسا من حصول كارثة أخرى أشد ثقلا ووطأة من سابقتها، وهذه الواقعة تبرهن مرة أخرى على أنه لا يجوز رمي جميع المسلمين في سلة " المتطرفين" لأن الإرهاب لا دين له.