عندما كان الجدال محتدما حول مدونة السير التي جاء بها وزير النقل و التجهيز السابق كريم غلاب سواء داخل الغرفتين البرلمانيتين أو المنتديات و البرامج التلفزية و الإذاعية العمومية و الخاصة كانت أصوات حكيمة تحاول جاهدة أن توضح أن مشكل حوادث السير لا يمكن حله بمجموعة من النصوص و البنود المستوردة من دول أوربية متقدمة و أن الحل الحقيقي لحرب الطرقات يتمثل في تطبيق القانون و محاربة الفساد على الطرقات و تغيير العقليات نحو ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان و احترام الحياة و الآخر .. الآن و بعد مرور أكثر من سنة و نصف على اعتماد مدونة السير الجديدة لا تزال أرقام ضحايا حوادث السير صادمة و مرتفعة خاصة بسبب الحافلات التي تحصد عدة أرواح دفعة واحدة كلما وقعت حادثة و السبب عدم احترام بنود المدونة و الاكتضاض و الجشع و المستوى الثقافي و التربوي للعاملين فيها .. مناسبة هذا الحديث هو مضمون مكالمة تلقتها البوابة من مراسلها سعيد غيدى الذي كان في الرباط لتغطية وقائع مؤتمر حزب " الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" و هو الآن في طريقه إلى بني ملال على متن حافلة STB Toursالتابعة لشركة بوزيد للنقل انطلقت من الدارالبيضاء على الساعة الثامنة و النصف ليلا بعشرين راكبا إضافيا و بسرعة جنونية ، المراسل أكد انه احتج على الاكتضاض و السرعة لكن رد السائق و مساعده كان قاسيا حيث أكدا له أنهما إنما يطبقان تعليمات صاحب الشركة وهما يومئان له إلى أنه من النافذين و أن لافائدة من الاحتجاج إذا تعلق الأمر بالنافذين ...ما الفائدة من تغيير القوانين إذا كانت حافلات الجهات النافذة تخرق القانون و تمر على عشرات الحواجز الأمنية و لا يتم إيقافها و عندما يحتج المواطنون يقوم إليهم سائقون تخرجوا من الشارع لتهديدهم و إجبارهم على الصمت و القبول بالأمر الواقع ؟ المشكل ليس في تغيير القوانين و لا في استيراد الفصول المشكل في استمرار اسم "جهات نافذة " تستخف بالقانون و لا تعير له و لا لأرواح المواطنين اهتماما يبقى السؤال هل سيعيد رباح النظر في المدونة كما وعد و يتحلى بالشجاعة الكاملة بوضع المشرط على الداء الحقيقي؟