كنا نتمنى أن يزورنا أحد في فترة حصار الثلوج في فبراير ومارس الماضيين،لقد اضطررنا للقيام بمسيرة الجوع بعدما وجدنا أنفسنا بين خيارين،إما السكوت و الموت دون أن ينتبه لنا أحد،أو المغامرة في المسيرة ، كانت المنازل التي ترون مغطاة بالثلوج بالكامل" ،لقد مررنا بتجربة مريرة هذه السنة " بهذه الكلمات حدثنا أحد أبناء سكان تاسرافت آيت عبدي الذين قاموا بمسيرة مشيا على الأقدام واعتصموا أمام مقر ولاية جهة تادلة أزيلال ببني ملال قبل ثلاثة أشهر،ماذا تحقق اليوم بتاسرافت آيت عبدي بجبال تنكارف ؟ وهل تحققت وعود يوم 09 مارس الماضي ؟ "المساء" زارت تنكارف ودوار تاسرافت آيت عبدي ومجموعة دواوير أخرى أكثر معاناة وأشد تضررا وتنقل لكم ما عاينته . آيت عبدي تاسرافت من هنا انطلقت مسيرة الجوع في الطريق إلى جماعة أنركي انحرف إلى اليسار موكب يضم 12 سيارة رباعية الدفع،كان الموكب يضم والي جهة تادلة أزيلال مرفوقا برؤساء بعض المصالح الخارجية وبعض ممثلي وسائل الاعلام في زيارة لمجموعة من الدواوير بجماعة بوتفردة،كان الوصول إلى تاسرافت آيت عبدي بعد رحلة قطعنا خلالها مسافة أربع كيلومترات في طريق متربة. وصل الموكب إلى جبال تنكارف حيث يوجد دوار تاسرافت آيت عبدي،كانت فتاتان تنطلقان مسرعتان للوصول بالتزامن مع وصولنا لمكان تجمع السكان ،اصطف الأطفال والنساء على يميننا فيما الرجال يلوحون بأيديهم على يمين الطريق، "من هنا انطلقنا في مسيرة الجوع في بداية شهر فبراير الماضي ،وخضنا الاعتصام الشهير أمام ولاية جهة تادلة أزيلال"، كان محدثنا يشير إلى الساحة التي نصبت فيها خيمتان كبيرتان لاستقبال الوالي والوفد المرافق له. بعد وصولنا مباشرة وجدنا موائد وضعت فوقها تمور فواكه جافة وخبز وزبد وشاي للفطور، قبل أن يفاجئنا مجموعة رجال كانوا يأتمرون بأوامر رجل طويل القامة،إنه امسالكي اسعيد أحد أبرز قادة الاعتصام أمام مقر الولاية،كان الرجال يحملون خراف مشوية ملفوفة وسط قطع بلاستيكية "أنتم ضيوف حللتم عندنا ولن ننسى كرم سكان بني ملال وحسن ضيافتهم " يقول موحى ، "إنها الساعة العاشرة كيف يمكن أن نتناول وجبة غذاء في ساعة متقدمة من النهار"، تساءل محمد م أحد المشاركين في الرحلة. آيت عبدي تاسرافت هنا صمدنا في حصار الثلوج بيوت طينية مغطاة بسقف من الأخشاب ومبلطة بالتراب لا يتجاوز ارتفاعها مترين ونصف،مجموع البيوت لا يتجاوز 100 مسكن تتوسطها ساحة بني فيها خزان للماء ،وعلى بعد أقل من 50 متر كانت هناك مدرسة بثلاث قاعات ،كانت القاعة الأولى مغلقة بقفل وسلسلة، والثانية تضم ثلاث شابات يقمن بأعمال منزلية بعدما اتخذن القاعة مسكنا ،والثالثة كانت تضم تلاميذ رفقة أستاذة،ألوان القاعات اختلطت بفعل استغلالهن واجهات دعاية لمرشحي الانتخابات السابقة،لايهم من وضع الجير لرسم المربعات المخصصة للمرشحين شكل الصباغة أو الحفاظ على لون القاعات الموحد،كان يهمه فقط قضاء المهمة. كان الرجال الذين اصطفوا للسلام على الوالي قد هيأوا خيمة لجلستهم وتركوا ممثلين عنهم للحديث مع الوالي في الخيمة الثانية،فيما النساء والأطفال يغنون فرحا بمقدم الضيوف ،على بعد خطوات من الخيمة التي كانت تضم الوفد الرسمي الذي زار تاسرافت وقفت سيدة كانت عيونها تدمع "هذه أول مرة يزورنا فيها مسؤول كبير لذلك فهي غير مصدقة لما ترى أعينها"، "كنا نتمنى أن يزورنا أحد في فترة حصار الثلوج في فبراير ومارس الماضيين،لقد اضطررنا للقيام بمسيرة بعدما وجدنا أنفسنا بين خيارين،إما السكوت على المعاناة وإما الموت دون أن ينتبه لنا أحد،هنا كانت المنازل التي ترون مغطاة بالثلوج بالكامل." سعاد "اسم مستعار"، معلمة بالمدرسة تحدثت ل"المساء" عن معاناة الساكنة خلال فترة حصار الثلوج،" لقد سلكنا طريق صعبا للغاية أثناء عيد الأضحى وغامرنا بأرواحنا للوصول إلى ذوينا"،تحدثت سعاد عن المعاناة التي تسببت فيها التساقطات الثلجية الكثيرة هذه السنة وكيف كان السكان يترقبون ما ستسفر عنه "معركة الاعتصام أمام مقر الولاية ،لقد استقبل المعتصمون استقبال الأبطال خاصة بعد مجيئهم محملين بقناطير من الملابس والأغذية والأدوية ". "نحن 15 أستاذ وأستاذة منها أستاذين فقط،و13 فتاة،إننا بالمقارنة مع أساتذة يوجدون بنفس المجموعة جد محظوظين ،لأننا لانبعد عن الطريق التي في طور التعبيد سوى باربع كيلومترات،وها انتم ترون قد وصلت الكهرباء للدوار". "أبريد أبريد... السيد الوالي" تقدم من الوالي شيخ عجوز فقد بصره يقوده ابنه،كان الشيخ يمني نفسه ويحدث أهل الدوار عن قرب تحقق نبوءة قديمة بأن تاسرافت آيت عبدي ستشق لها الطريق كان أغلب السكان يسخرون منه،"بعد شهر من الآن ستعبد الطريق وتصل إلى وسط الدوار،أنتم الآن تنعمون بالكهرباء وشبكة الهاتف والماء الشروب، وزارتكم وحدة طبية مرات عديدة منذ عودتكم هنيئا لكم"، تحدث الوالي إلى الشيخ المسن ومعه العشرات من الأطفال والنساء ورجال الدوار المتحلقين حول الوالي ،لم ينتبه أغلبهم لاخبار الوالي لهم أن الطريق ستكون جاهزة في غضون شهر،وارتفعت أصوات أغلبهم بمطلب واحد "أبريد،أبريد ،أبريد السيد الوالي". مبلغ 14 مليون درهم هو المبلغ المخصص لتجهيز طريق يبلغ طولها 13 كلم تربط بين دواوير تاسرافت -تاغزوت وستكون جاهزة بعد شهر من الآن لمرور السيارات وقد عاينتم أين وصلت أشغال الطريق الرابطة بين تاكلفت وأنركي حيث سيتم بالموازاة معها تجهيز طريق تاسرافت آيت عبدي،يؤكد مصدر من المديرية الجهوية للتجهيز. موحى أ،احد الذين شاركوا في رحلة الجوع وفي الاعتصام الذي دام أسبوعين أمام مقر ولاية جهة تادلة أزيلال ببني ملال، تحدث ل"المساء" عن النتائج الايجابية التي خلفتها تلك المغامرة،"أهمها أنكم اليوم هنا تشاهدون بأم أعينكم ما أخبرناكم عنه رغم انجلاء الثلوج،اننا جد سعداء بما تحقق من وصول الكهرباء وشبكة الهاتف التابث والماء الشروب، وأملنا أن تصل الطريق هنا كما قال السيد الوالي بعد شهر لنتمكن من انقاذ مرضانا ومواجهة حصار الثلوج لنا". يكفي ان تعلموا بحالنا مدير مدرسة تنكارف تحدث عن أصل تسمية الدوار"أخذ اسمه من هذا الجبل الذي ترون مازال مغطى بالثلوج"،تاسرافت آيت عبدي سهل منبسط في محاط بجبال تنكارف وجبل موريق الذي ماتزال قمته تكسوها الثلوج،كان المدير يرتدي كما أهل الدوار جلبابا صوفيا،"درجة الحرارة كما ترون هنا منخفضة، لم نودع بعد جو الشتاء في الجبل رغم استعدادكم أنتم في السهول لاستقبال فصل الصيف"، يقول محماد أحد أبناء الدوار،قبل أن يضيف "الحمد لله عرف الكل بقضيتنا بعد اعتصامنا وانتبه المسؤولون لبعض مشاكلنا وزيارتكم اليوم ستزيدكم يقينا بأننا هنا معذبون". الحسين، أحد الذين شاركوا في الاعتصام أمام مقر الولاية قبل أربعة أشهر، كان يرقب الوضع من بعيد، يبدو الحسين غير مكترث للجلبة التي أحدثتها زيارة الوالي والوفد المرافق له لتنكارف، "لقد ساعدنا سكان ومواطنو بني ملال بمساعدات أكثر من الوعود التي تلقيناها من الولاية،نريد عملا وحلا للمشاكل التي نعيشها أثناء تساقط الثلوج،مجيء الوالي اليوم فيه حسن نية ولكن لقد وعدونا بالطريق قبل ثلاثة أشهر ولم يبدأوا فيها بعد". لهذه الأسباب نريد الالتحاق بأزيلال طوال الطريق من وإلى آيت عبدي تاسرافت تساءل العديد من المشاركين في الرحلة الولائية عن السر في تبعيتها ترابيا لجماعة بوتفردة باقليمبني ملال رغم أنها تقع وسط جماعتين من اقليم أزيلال،يبدو التقسيم الترابي عبثا في حالة سكان تاسرافت آيت عبدي فعلى بعد كيلومترات قليلة تقع جماعة تاكلفت غربا ،فيما يفصلها عن جماعة انركي أقل من 20 كيلومتر ،وهي مسافة جد قريبة بالمقارنة مع بعد الدوار عن مقر جماعة بوتفردة الذي تطلب الوصول له في طريق طويل ما يقارب أربع ساعات فوق سيارات رباعية الدفع،"الآن عرفتم معنى أن يكون مطلب السكان قبل أربعة أشهر أن يكونوا تابعين ترابيا لاقليم أزيلال ،إنهم يعانون الأمرين للوصول إلى مقر الجماعة قصد الحصول على نسخة من عقد الازدياد أو على أي وثيقة ادارية أخرى، قد تكلفهم رحلة يومين ومبالغ مالية لاطاقة لهم بها"،يقول أحد أبناء الدوار مفسرا لمطلب تاسرافت آيت عبدي بالانضمام لعمالة اقليم أزيلال . مزروعات وفلاحة مرتبطة ببرودة الأرض في الوقت الذي كان فيه فلاحو سهول بني عمير وبني موسى قد شرعوا في حصاد محصولهم الزراعي،يترقب سكان آيت عبدي ماسيسفر عنه موسم استثنائي للثلوج وتأثير ذلك على مزروعاتهم التي زرعوها قبل أسابيع قليلة،الثلوج ما زالت تغطي بقع كثيرة من الأراضي الجبلية،منظر المزروعات التي بدأت تشق الأرض وتطل برؤوسها،ودرجة الحرارة المنخفضة التي لا تتجاوز عشر درجات، يوحيان أننا هنا في بداية شهر دجنبر رغم ان درجة الحرارة المرتفعة في مناطق أخرى من الجهة وفي عموم مدن المملكة قد جاوزت الأربعين درجة،"في مثل هذا الوقت من السنوات الماضية كانت درجة الحرارة قد جاوزت 15 درجة،وكانت مزروعاتنا قد غطت بخضرتها جل الأراضي،لكن كما رأيتم هناك مناطق لم تحرث بعد بسبب برودة الأرض الشديدة وتأثرها بالثلوج" يقول لحسن أ مفسرا ل"المساء"،قبل أن يضيف،"لانعرف إن كانت برودة الأرض ستؤثر بشكل كبير وننتظر الآن ارتفاع درجة الحرارة للاطمئنان على مزروعاتنا قبل موسم تساقط الثلوج الذي تفصلنا عن بدايته أقل من خمسة أشهر". كانت الرحلة إلى تاسرافت آيت عبدي بداية برنامج شمل أربع محطات أخرى ترى كيف ستكون الرحلة لدواوير إيضيس وتافراوت وتيزوكات وتاعدلونت ؟ آيت عبدي تاسرافت:المصطفى أبوالخير