إن المؤتمرات الرسمية العالمية لحقوق الإنسان, من أهم أدوارها الأساسية, الحد من المآسي التي تعيشها الشعوب بسبب تلاعب الدول بقضايا حقوق الإنسان, وذلك عبر المشاركة الفعالة عبر الهيئة العامة للأمم المتحدة, في وضع مراقبين دوليين للحد من هذه المعاناة, لضمان حماية الشعوب المضطهدة, في إشارة واضحة إلى ما يجري داخل الدول النامية, إلا أن المؤتمرات غالبا تكون غير مهيأة بما فيه كفاية لتبادل وجهات النظر, وتبديل قناعات المشاركين, إنما التركيز يكون ينصب حول إسماع الآخرين أراء لا تنطبق على الواقع المعاش, لان هؤلاء المفاوضين لا يمثلون الفئة العريضة من شعوبهم, ولا يعيشون المعاناة التي يعانونها, لان فاقد الشيء لا يعطيه, وفاقد الأزمة والمعاناة لا يمكنه إلا أن يكون مفاوضا ضعيفا دون شخصية, لأنه يفاوض في مجال لا يعرفه, ففي عالم إفقار الفقير و إغناء الغني, فان حقوق الإنسان لا يصبح لها معنا, و تصبح متداخلة مع الشؤون السياسية و الداخلية, ابتداء من المطالبة بممارسة حق الأمم والشعوب بالحياة, وإيقاف مظاهر الاضطهاد السياسي وعمليات القتل الجماعي لهمم الشعوب بالوعود الكاذبة والتضليلات و البرامج المنافقة عبر الشاشات والإذاعات ومخلفات الإرهاب السياسي, دون الالتزام بالأعراف الدبلوماسية التي التزمت بها من اجل هذا العمل النبيل الذي يجرم اضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان, وإعطائه الحق في الثقافة والتدين والحياة والتعليم والرعاية وباقي الحقوق المشروعة. فإذا تتبعنا مفهوم حقوق الإنسان عند الدول المتقدمة نجده ينحصر بالدرجة الرئيسية على الحقوق السياسية والمدنية المتعارف عليها في الغرب, وتعتبره مقياس عالمي لحقوق الإنسان,أما مفهوم حقوق الإنسان عند الدول النامية فمرتبط بمستوى التنمية والتعليم والحقوق الاجتماعية والاقتصادية إلا أن هذه الأخيرة أي الدول النامية, يبقى المفهوم شعار معلق بين السماء والأرض كباقي الشعارات المعتادة, خصوصا بعد انهيار المعسكر الاشتراكي لصالح الأنظمة الغربية, وقيام النظام العالمي الجديد بقيادة أمريكا, الأمر الذي يخيف دول العالم الثالث التي استفادت في الماضي من التوازن العالمي, أما اليوم فالأمر مختلف, بحيث هناك ازدواجية واضحة في التعامل مع ملف حقوق الإنسان من بلد لأخر, بمعيار انتقائي حسب أغراض سياسية, مما يسبب مخاوف متزايدة لهذه الدول النامية من ضغوطات سياسية باسم حقوق الإنسان, هذا الملف الذي لم يعد يخفى على أحد, حيث أصبحت كل التصريحات الكاذبة والوعود الواهية والتلاعب بالشعارات التي تدعوا إلى النهوض بهمم الشعوب المستضعفة الفقيرة, تصل إلى الآذان ولا تتقبلها الأبدان, مما يستوجب تغيير التعامل مع هذه الفئات,لا على مستوى الدول ولا على مستوى الأوطان بأساليب تطبعها الشفافية والوضوح, حتى تعم الثقة بين الإنسان وأخيه الإنسان,ولا تدخل حقوق الإنسان طي النسيان.