يمر مجلس المنافسة من مرحلة انعطاف نوعية ستؤدي به إلى توسيع صلاحياته والحصول على السلطة التقريرية والضبطية التي طالما طالب بها رئيسه عبد العالي بنعمور. وحسب مصدر من وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة، فقد تم تشكيل لجنة وزارية مكونة من جميع القطاعات المعنية ستشرف على بلورة مشروع إصلاح لهياكل مجلس المنافسة ولصلاحياته في اتجاه توسيعها وتخويل هذه الهيئة سلطات تقريرية ترقى بها من مجرد هيئة استشارية. في هذا السياق من المنتظر أن ينطلق نقاش وطني حول هذا الموضوع ستعمل اللجنة المذكورة على مواكبته. كما سينظم مجلس المنافسة أيام 9، 10، و11 دجنبر الجاري بفاس مناظرة دولية في موضوع سلطات المنافسة، ستتطرق إلى وظائف هذه السلطات وتفاعلاتها وعلاقاتها مع السلطات العمومية والقضائية والفاعلين الاقتصاديين. ويعتبر عبد العالي بنعمور، في ورقة تقديمية لهذه الندوة، أنه منذ أن دخلت الدولة مسلسل التحرير وعدم التدخل المباشر في الميدان الاقتصادي، بقيت مهمة الضبط والمراقبة للسوق من احتكار الإدارة لتكون الخصم والحكم في كثير من الحالات. كما أن التحول من حالة الاحتكار في بعض القطاعات إلى حالات المنافسة الحرة، أو في حالة الاعتبار الخاص لخصوصية بعض القطاعات المحتمل تحريرها، فرض إنشاء هيئات قطاعية مستقلة للتقنين والضبط الأمر الذي خلق أشكالا جديدة من الضبط أكثر تشددا في بعض الحالات كما هو الشأن في قطاعات الاتصالات والطاقة والنقل وغيرها. إن هذا الوضع يخلق، حسب بنعمور، مفارقة بارزة، حيث أن السائد حاليا عبر العالم هو الاتجاه نحو التحرير وإلغاء الضبط وليس العكس. ومنذ تعيينه على رأس المجلس، دعا عبد العالي بنعمور إلى الانتقال من الدور الاستشاري للمجلس إلى الدور التقريري، وذلك من خلال إدخال تعديل على القانون المؤسس لهذه الهيئة. واعتبر بنعمور أن توسيع سلطات المجلس وتمكينه من دور تقريري على شاكلة مجالس المنافسة بعدد من البلدان، سيمكنه من ضمان منافسة شريفة وحرة والتي من شأنها تحسين مناخ الأعمال، وبالتالي المساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما سيسمح له بالالتحاق بالركب الدولي، خاصة وأن هناك التزامات دولية للمغرب لاسيما مع الاتحاد الأوروبي، ومواعيد مهمة تنتظره ابتداء من 2010 و 2012. وحسب الصلاحيات المخولة للمجلس، وهي صلاحيات لا تعدو أن تكون استشارية وليست تقريرية، فأنشطته تقتصر على التحسيس بثقافة المنافسة عبر ندوات ومحاضرات للتعريف بالتجاوزات, والقيام بدراسات قطاعية، والقيام بالإجابات عن الإحالات وطلبات الرأي التي تطلبها الحكومة واللجان البرلمانية وهيئات أخرى. فانحصار عمل المجلس في هذا الدور تجعله فاقدا للفعالية ولشروط لعب دوره كحارس للسوق وضابط لإيقاع اللبرالية والحرية في تحديد الأسعار من قبل المنتجين الذين لا يهمهم إلا تحقيق الربح الوافر والسريع مهما كان ذلك على حساب القدرات الشرائية لفئات المواطنين. وإذا كانت حرية الأسعار تعتبر أساس المنافسة التي تحقق نتائج إيجابية لفائدة المستهلك وتنافسية النسيج الاقتصادي, فحرية السوق وكذا المنافسة، لا يحترمها بعض الفاعلين في السوق عبر ممارسات منافية لقواعد المنافسة المتعارف عليها.