هل أوضاع السجون المغربية بخير، وهل السجناء فيها ينعمون بكل الحقوق؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة كلما أثير الحديث عن واقع السجون المغربية، ويتردد أيضا بمناسبة نشر بيانات حقيقة رسمية لنفي ما ورد في الصحافة. مؤخرا، استنكرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ما أوردته بعض الجرائد من معطيات، قالت عنها أنها مغلوطة ولا تمت للحقيقة بصلة بشأن وفاة أحد السجناء بالسجن المحلي بآسفي بتاريخ 18 نونبر الجاري. وخلافا لما جاء في بعض الصحف، أوضحت المندوبية أن تشريحا طبيا لجثة الهالك بين أن الوفاة كانت طبيعية نتيجة سكتة قلبية. وأعربت المندوبية عن أسفها لكون جرائد أشارت إلى أن السبب يعود إلى حالة اعتداء جنسي وهمية وهو خبر غير صحيح، ويندرج حسبها ضمن سلسلة من الأخبار المزيفة التي تستهدف بشكل مقصود قطاع السجون. في بلاغها، آخذت المندوبية على الجرائد المعنية أنها لم تقم بنشر أي توضيح تصدره المندوبية في موضوع مثل هذه الأخبار المغلوطة مخالفة بذلك مقتضيات قانون الصحافة. و بالمناسبة جددت إدارة بنهاشم دعوتها إلى كافة وسائل الإعلام إلى «التأكد لديها من صحة الأخبار المتداولة حول ظروف اعتقال السجناء والتحلي في ذلك بالموضوعية وبالمسؤولية إنصافا للحقيقة وتنويرا للرأي العام». لقد دأبت الإدارة المسؤولة على السجون المغربية، خلال السنوات الأخيرة، على نشر بلاغات وبيانات للرد على ما ينشر في وسائل الإعلام. وأعربت ذات الإدارة في مناسبات عديدة عن استعدادها للانفتاح على الصحافة وعلى هيئات المجتمع المدني. وتبعا لهذا الانفتاح، يبدو أن المندوبية العامة لإدارة السجون تعتبر أن من حقها لوم الصحف التي لا تحترم القانون الذي يكفل حق الرد، كما من حقها استنكار تصرفات أقلام غير مهنية. بدون مجاملة، إن المسؤولية الأخلاقية تفرض «إنصاف المندوبية» في مثل هذه الحالة، سيما أن الأمر يتعلق بقطاع لا تخفى أهميته و حساسيته. إن حق الرد هو فرصة لإثبات حسن النوايا، من جهة، ومناسبة من جهة ثانية إما للتصحيح أو تأكيد ما نشر بالدليل والبرهان. وعموما، إن بيانات المندوبية، بقدر ما تحاول ترجمة ما يبدل في ما مجال إصلاح السجون وتحسين أوضاع المساجين، وهذا أمر واقعي لا يجوز تجاهله، فإنها في نفس الوقت لا يمكن أن تحجب الواقع المأساوي للسجون في المغرب. نعم، لا أحد بإمكانه إنكار مشاكل كثيرة ومتعددة ما زالت قائمة، مثل الاكتظاظ، سوء التغذية والمعاملات، ضعف الخدمات، انتشار المخدرات والرشوة، محدودية فرص التأهيل وإعادة الإدماج... لكن موازاة مع هذا هناك مجهود يبدل من طرف الدولة. هذا المجهود، ولو أنه بطيء، فهو يتوخى الاقتراب من توفير الحد الأدنى من المعايير الدولية. إنه مجهود وجب التعامل معه ايجابيا، والايجابية وفق القواعد لا تعني تحريف الوقائع أو طمسها من لدن هذا الطرف أو ذاك.