نحو إقرار قانون يضمن الحق في الحصول على المعلومات يوجد حاليا على مكتب مجلس النواب مقترح قانون حول ضمان الحق في الحصول على المعلومات، يروم وضع الآليات الضرورية لتمتع كافة المواطنين بهذا الحق الذي يعد أحد الحقوق الأساسية التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على اعتبار أن التمكين من هذا الحق يعد من جهة تعميقا لمسار الديمقراطية الحقة وشرطا أساسيا من شروط الحكامة الجيدة لإعماله مبادئ الشفافية، بل يسهل تبعا لذلك بشكل كبير مشاركة المواطنين وانخراطهم في متابعة ومراقبة السياسات العامة. وحول أهمية إقرار هذا القانون، أكد عبد العزيز النويضي رئيس جمعية عدالة إحدى هيئات المجتمع التي تنشط في مجال احترام حقوق الإنسان وحق الوصول إلى المعلومات، في تصريح لبيان اليوم «أن هذا القانون سيتيح الحد من الشطط ومن السلطة التقديرية للإدارة أو المسؤولين، ويجعلها قابلة للخضوع للمحاسبة ولمبادئ الشفافية، قائلا: «إنه في حالة ما إذا صيغ هذا النص بشكل جيد سيمكن الأفراد من الحصول على المعلومات التي تهمهم إما للدفاع عن مصالحهم، وإما للقيام بالأبحاث أو الدراسات. كما أنه من الناحية الشكلية، إذا تضمن هذا النص مقتضيات تلزم الإدارة بإرساء موقع إلكتروني لنشر عدد من الوثائق عليه، بحيث لايضطر الفرد إلى اللجوء إلى طلبها وإنما سيجدها متاحة، سيوفر العديد من النفقات والتنقلات وسيعفي الباحث من ضياع الوقت». وأضاف النويضي أن هذا القانون إذا كان قد صيغ بشكل لا يتوسع في عرض الاستثناءات فإنه سيتيح وصولا أكبر للمعلومات، وإذا وضع أيضا آلية مضبوطة تلزم الإدارة بالاستجابة لطلب المعلومات في أجل محدد وتضع آلية موازية يحتكم إليها المواطن عندما يرفض طلبه، سيكون ذلك بمثابة تعميق لمسار الاختيار الديمقراطي. وأبرز أن المعيقات التي تقف حجر عثرة في وجه إقرار هذه المقتضيات تتحدد بصفة عامة وفي مختلف البلدان بأن كثيرا من الأشخاص يحتكرون المعلومة وبعضهم يستفيد من هذا الاحتكار وبعضهم يبيع المعلومة إلى جهة ويحجبها عن جهة أخرى، أو يميز في توفير المعلومات لجهات ويحرم منها جهات أخرى. واستطرد «كل من هو عدو لمبادئ الشفافية والمراقبة والمحاسبة فإنه سيعمل على عرقلة إقرار قانون يضمن الحق في الولوج والحصول على المعلومات». وأوضح «أنه في جميع الأنظمة الديمقراطية، فالقوانين التي تتيح الوصول إلى المعلومات تصاغ بشكل يحمي المصالح المشروعة، إذ يمكن للقانون أن يحمي الأسرار الصناعية، والعسكرية، بمعنى أنه يمكن أن يتضمن استثناءات مبررة لخدمة مصلحة عامة مشروعة أو مصلحة خاصة مشروعة». أما عز الدين أقصبي عضو المجلس الوطني للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، فقد أكد في مسودة حول أرضية «مشروع الميزانية المفتوحة» والتي أعدها مؤخرا، أن إقرار قانون يضمن الحصول على المعلومات يتطلب إظهار إرادة قانونية قوية ومستمرة من طرف السلطات العمومية». هذا وشددت العديد من هيئات المجتمع المدني التي تترافع بخصوص إخراج هذا القانون إلى حيز الوجود، إلى ضرورة إدخال تعديلات على قانون الوظيفة العمومية الذي يتضمن مقتضيات تشجع على ثقافة السرية، هذا فضلا عن اعتماد قانون يتيح الحصول على المعلومات ودسترة هذا الحق. هذا ويتضمن نص القانون الذي اقترحه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، تقديما يؤكد على الأهمية التي يكتسيها إقرار هذا القانون، فبالإضافة إلى كونه يعد حقا من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأفراد، فهو يمثل شرطا من شروط الحكامة الجيدة؛ إذ يشير أنه لا يمكن الحديث عن عمل حكومي بدون أن يكون عملا شفافا وبدون أن توفر الحكومة لموطنيها المعلومات الرسمية للإطلاع والتقييم واتخاذ الموقف المناسب. كما يتألف القانون من 43 مادة وستة أقسام، الأول منها يتضمن تعريفات حول عدد من المصطلحات الجديدة التي تضمنها نص مقترح القانون من مثل المفوضية العامة للمعلومات، والتي حسب المقترح هي مؤسسة مغربية مستقلة تمارس عدد من المهام المحددة لها بمقتضى هذا النص، فيما المادة الثانية تقدم الهدف وراء تقديم هذا القانون والذي يروم بالأساس تسهيل الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة، إلا ما دخل منها في نطاق الاستثناءات. وهذه الاستثناءات التي لايمكن طلب الوصول إليها، حددها هذا القانون في المعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني والأمن العام للدولة والعلاقات الخارجية للبلاد، أو تلك التي تكتسي صبغة استراتيجية ومداولات مجلس الوزراء وكل ما هو محمي بواسطة القانون بحكم طابعه السري. فيما حددت المادة الثالثة من القسم الثاني الأشخاص الذين لهم الحق في الحصول على المعلومات، وهم المواطنون المغاربة، الأشخاص الأجانب المقيمون بالمغرب والذين يمكنهم الحصول على المعلومات في إطار المعاملة بالمثل بين المغرب والدولة التي يحملون جسنيتها، وكذا المؤسسات الأجنبية التي تمارس في إطار القانون المغربي نشاطها بالمغرب ولفائدة المغرب. وحول نوع المعلومات التي يجب أن يتم إتاحتها للعموم، نصت المادة السادسة أن الهيئات العامة ملزمة بنشر تقارير سنوية حول المعلومات الإدارية المتعلقة بكيفية عمل الهيئات طبقا للقانون والإجراءات والتدابير التي تمكن الأفراد من التعرف على السياسات العامة والولوج للمعلومة، هذا فضلا عن مضمون أي قرار أو سياسة قد تؤثر على المواطن وأسباب اتخاذ القرار والأهداف المتوخاة منه، كما يتعين على المؤسسات الصناعية العامة والخاصة نشر تقارير على نحو منتظم تبين فيها المعلومات المتعلقة بموقع المواد السامة أو التي تلحق أضرارا بالبيئة واستعمالها وطبيعتها والمخاطر التي تلحقها بالشبر والحيوان والطبيعة وكميات الانبعاثات الصادرة عن التصنيع وكيفية التخلص من النفايات. هذا وأحاط المقترح الحصول على المعلومات بشروط منها ألا تستعمل الوثائق المتحصل عليها في أغراض تجارية، وتسلم المعلومات المطلوبة باللغة التي تتوفر بها ، ولا يحق للراغب في الوصول إليها طلب ترجمتها.