ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا تزايدت بنسبة 30% بالمقارنة سنوات قليلة مضت منع ارتداء النقاب لا يمر عبر سن قانون جديد بقدر ما يمر عبر التربية والتحسيس حصيلة ترؤس تجمع مسلمي فرنسا للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية كانت إيجابية ومشرفة سجل خلال السنتين الأخيرتين تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا بأوروبا بصفة عامة وبفرنسا على وجه التحديد، فحسب بعض الإحصائيات التي أوردتها مصادر إعلامية فرنسية، فإن نسبة الاعتداء على الإسلام والمسلمين ارتفعت خلال السنتين الأخيرتين بنسبة قد تصل أحيانا إلى 30%، وأنه خلال سنة 2008 تم تسجيل أزيد من 80 عمالا مناهضا للإسلام والمسلمين 59 منها استهدفت أشخاصا، فيما بقية الاعتداءات الأخرى مست رموز إسلامية كالمساجد والمقابر والمؤسسات الدينية، وأن أغلب هذه الاعتداءات تسجل بالضواحي الباريسية. حول هذه الظاهرة، وحول قانون منع ارتداء النقاب في الأماكن العمومية والذي أقره البرلمان الفرنسي بغرفتيه، التقت بيان اليوم بمدينة مونتي لا جولي بضواحي باريس بالأستاذ أنور كبيبش رئيس تجمع مسلمي فرنسا والكاتب العام للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وأجرت معه الحوار التالي: * عرفت فرنسا خلال السنوات الأخيرة، تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا ولدت موجة من الاعتداءات على الرموز الإسلامية وعلى المسلمين، كيف ينظر تجمع مسلمي فرنسا لهذه الظاهرة؟ - أولا أشكر جريدة بيان اليوم على مشاركتها في القافلة التي تعتبر بادرة طبية، وهي التفاتة مولوية من صاحب الجلالة ومن المغرب، وهي تدل على الاهتمام الفائق بالجالية المغربية بصفة عامة بأوروبا وباقي بلدان المعمور، وخاصة بفرنسا. بالنسبة إلى الأجواء العامة هنا، في فرنسا وفي أوروبا بصفة عامة، فإننا نلاحظ أن هناك نوع من تنامي ظاهرة تنامي الشعور بالإسلاموفوبيا، وهو شعور مع الأسف، يأخذ في بعض الأحيان، أشكال تكون عنيفة، هناك بعض المساجد التي يتم الاعتداء عليها بعض مقابر المسلمين التي تم الاعتداء عليها كذلك خصوص مقابر المقاومين المسلمين الذين ساهموا في تحرير فرنسا وشاركوا في الحرب إبان الحرب العالمية الأولى والثانية. ولكن مع الأسف، ذاكرة قدماء المحاربين وهؤلاء الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل الحرية والكرامة، مع الأسف هذه الذاكرة لم تحترم. ولكن نحن كتجمع مسلمي فرنسا، نحاول إشعار السلطات الفرنسية عبر مختلف الوسائل بخطورة هذا الوضع، وبوجوب اتخاذ مبادرات وقرارات سياسية للحد من تنامي الاعتداء على المسلمين ورموزهم هنا بفرنسا، ولحد هناك تجاوب كبير من السلطات الفرنسية، في متلف مستوياتها من رئيس الجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزي مرور بالوزير الأول السيد فرانسوا فيون ووزير الداخلية السيد بريس أورتفو، كل هؤلاء أكدوا دعمهم للجالية الإسلامية هنا بفرنسا والوقوف بجانبها، علما أن الإسلام أصبح الآن مكونا أساسيا في المجتمع الفرنسي، لأنه يمثل الديانة الثانية على المستوى الوطني. وهناك عدة مدن من ضواحي باريس مثلا، والتي يمثل فيها الإسلام الديانة الأولى، فالآن، المسلمون أصبحوا مواطنون بصفة كاملة داخل المجتمع الفرنسي، وبالتالي، فإن العناية بهم والدفاع عن حقوقهم أصبح من الاهتمامات التي وجب على السلطات الفرنسية الاهتمام بها على غرار باقي المواطنين الفرنسيين. * في نظركم ما هي الأسباب الحقيقة وراء تنامي هذه الظاهرة في فرنسا وأوروبا عموما؟. وهل يمكن أن نقول بأن الأزمة الاقتصادية العالمية عامل من العوامل التي أدت إلى تنامي هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة؟ - صحيح أن الأزمة الاقتصادية العالمية ساهمت، خلال الفترة الأخيرة، في إعطاء حجم خاص لظاهرة الإسلاموفوبيا، أو في ارتفاع وتيرتها، ولكن ظاهرة الاعتداء على الإسلام والمسلمين كانت قبل الأزمة الاقتصادية العالمية؛ إذ منذ الثمانينات تقريبا، ونحن نلاحظ تنامي الشعور بالخوف من الإسلام، ونلاحظ هذا النوع من التعامل مع الإسلام والمسلمين. لكن مع الأسف، بعد أحداث 11 شتنبر 2001، أصبحت هذه الظاهرة تتخذ حجما وبعدا أكبر مما كانت عليه، على اعتبار أن تلك الأحداث خلقت ردة فعل قوية من طرف المجتمعات الأوربية عامة والفرنسية خاصة اتجاه كل الرموز التي تمثل الإسلام والمسلمين. كما أن الإحصائيات التي ترصد هذه الظاهرة، تبين مؤخرا، أن هناك إحساس عام بأن الاعتداءات التي تستهدف الإسلام والمسلمين هنا في فرنسا، ارتفعت وتيرتها بنسبة كبيرة قد تصل أحيانا إلى حوالي 20 أو 30%، بالمقارنة مع ما كانت عليه في السنوات السابقة. لكن الآن، في إطار الشراكة التي تم التوقيع عليها بين المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ووزارة الداخلية الفرنسية، والتي سيتم بموجبها إحداث مرصد خاص سيقوم بإحصاء هذه الظاهرة وكل أشكال الاعتداءات التي تستهدف الإسلام والمسلمين بطريقة علمية مضبوطة، بالإضافة إلى تنظيم لقاءات وطنية وجهوية للمتابعة خلال كل ثلاثة أشهر، لمعرفة تطور الظاهرة ودراسة إمكانية الحد منها، بتعاون مع وزارة الداخلية والمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بمختلف المدن والجهات الفرنسية. هذه الشراكة ستمكن كذلك المجتمع الفرنسي ومختلف الفاعلين على الصعيد الوطني والجهوي، من التوفر على إحصائيات ومعطيات دقيقة حول ظاهرة تنامي الإسلاموفوبيا. * صادق البرلمان الفرنسي بغرفتيه والمجلس الدستوري الفرنسي مؤخرا، على قانون يمنع بموجبه ارتداء النقاب في الأماكن العمومية، ما هو رأي تجمع مسلمي فرنسا بخصوص هذا القانون؟ - لقد عبرنا منذ البداية، عن موقفنا من هذا القانون منذ أن بدأ النقاش حول الإعداد له، وقلنا منذ البداية، سواء داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أو داخل تجمع مسلمي فرنسا، أن ظاهرة ارتداء النقاب هي محدودة في فرنسا، وأن الإحصائيات التي نتوفر عليها، تشير إلى أن عدد النساء اللواتي يرتدين النقاب ينحصر ما بين 1000 و2000 امرأة ممن يرتدين هذا النوع من الزي في فرنسا. وبالتالي، فإن هذا العدد لا يمثل شيئا بالمقارنة مع حوالي ستة ملايين مسلم ومسلمة يعيشون في فرنسا، ولن يكون له أي تأثير. قلنا أيضا إن هذا العدد محدود جدا، وأن هذه الظاهرة ظاهرة هامشية، ولا ينبغي أن نعطيها أكبر من حجمها الحقيقي، كما أن الضغط الإعلامي والذي كان مبالغا فيه، ساهم مع الأسف، في الشعور بأن هذه الظاهرة عامة، ومن ثمة، اتخذ الحوار حول هذا الموضوع على الصعيد الوطني، منحا آخر لم يكن بالضرورة يجيب على الإشكالات الحقيقية المرتبطة بهذا الجانب. كما أننا سواء في إطار المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أو في إطار تجمع مسلمي فرنسا، نرى أن محاربة هذه الظاهرة لا تمر عبر سن قانون جديد، بقدر ما تمر عبر عملية التربية والتحسيس والمواكبة والحوار مع هؤلاء النسوة اللائي أخذن هذا المنحى في ارتداء النقاب، وعبرنا في حينه، عن معارضتنا لإحداث قانون جديد يستهدف هذه الشريحة من النساء. الآن، هناك مسار آخر اتخذه هذا القانون الذي تم التصويت عليه في البرلمان الفرنسي بغرفته، والحال هاته، لا يسعنا إلا أن ندعو هؤلاء النساء باعتبارهن مواطنات فرنسيات لهن حقوق وعليهن واجبات، أن يحترمن هذا القانون الذي أقره المشرع الفرنسي. وفي الوقت ذاته، عبرنا للسلطات الفرنسية، سواء الوزارة الأولى أو وزارة الداخلية، عن استعدادنا في إطار المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وتجمع مسلمي فرنسا، لمواصلة التوعية والتحسيس والتربية وفتح قنوات للحوار مع هؤلاء النسوة في جميع الأماكن التي يتواجدن بها، وفي المساجد إن اقتضى الحال ذلك، علما أننا نطلب دائما من أئمتنا داخل المساجد وعلى المنابر،القيام بعملية التوعية والعمل على توضيح أن ارتداء النقاب موقف لا تسانده أكبر المذاهب الإسلامية، رغم أن هناك بعض الفتاوى والتأويلات التي تسير في اتجاه اعتباره الزي الإسلامي مثل ما يمكن أن نلاحظه في بعض بلدان الخليج، لكن الأكيد هو أن أكبر علماء المسلمين وأكبر المذاهب الإسلامية يرون عكس ذلك، ويقرون على أن النقاب ليس ضرورة بالنسبة للمرأة المسلمة. فمراعاة للمجتمعات الغربية عامة والمجتمع الفرنسي على وجه الخصوص، ندعو هؤلاء النسوة أن يأخذن بعين الاعتبار هذا الواقع وهذا الفضاء الذي يتحركن من داخله، وأن يرتدين الزي الذي يمكنهن من التواصل مع باقي شرائح هذا المجتمع الفرنسي الذي يعيشن فيه. * أليست هناك صعوبة في إمكانية تطبيق هذا القانون؟ - من بين الأشياء التي دفعتنا لمعارضة قانون منع ارتداء النقاب منذ البداية، صعوبة تطبيقه. لنتصور أن هناك امرأة ترتدي النقاب وتتجول في الشارع، فكيف يمكن للمكلفين بتنفيذ القانون من رجال الشرطة وغيرهم أن يعملوا على منعها من ارتدائه، هل سيرغمونها على إزالته؟ وكيف سيتمكنون من ذلك؟ ثم بالنسبة لحالة النساء اللواتي يأتين في سياحة إلى فرنسا من بلدان إسلامية، وهن مرتديات النقاب، هل سيتم إرغامهن على ارتداء زي معين؟ أم سيمنعن من دخول التراب الفرنسي؟. هذه بعض الإشكاليات التي ستطرح عند تطبيق هذا القانون الجديد، بالإضافة إلى إشكاليات أخرى قد تظهر مع مرور الوقت، والتي ستثبت صعوبة إن لم أقل استحالة التطبيق، ولهذا قلنا منذ البداية في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وفي تجمع مسلمي فرنسا، بضرورة إعطاء الأولوية للجانب التربوي والتحسيسي بدل التقنين. * لم يبق على إعادة انتخاب هياكل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلا بضعة أشهر، كيف تستعدون لهذه الانتخابات وما تقييمكم لحصيلة هذه الولاية؟ - فعلا، لقد مرت ثلاثة سنوات على انتخاب المجلس الفرنسي لديانة الإسلامية، وستنتهي ولايته في شهر يونيو 2011، وبالتالي، فنحن مقبلون على إعادة انتخاب هياكل المجلس، وإعادة انتخاب المجالس الجهوية (25 مجلس جهة على صعيد التراب الفرنسي). على مستوى تجمع مسلمي فرنسا، نحن على كامل الاستعداد للتنظيم والمشاركة في هذه الانتخابات، إذ نعتبر أن العمل الذي قام به المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية خلال هذه الفترة التي تولى فيها التجمع رئاسة المجلس، في شخص الأستاذ محمد الموساوي، كان عملا في المستوى، وأن الحصيلة كانت إيجابية بشهادة الجميع، كما أن الإنجازات كانت مشرفة، ونحن الآن مستعدون لعرضها أمام مختلف أطراف الجالية المسلمة هنا في فرنسا، فضلا عن أن الأصداء الطيبة والتفاعل الإيجابي مع عمل المجلس، يجعلنا مطمئنين للنتائج التي ستسفر عنها الانتخابات المقبلة.