اعتبر الباحث والناقد المسرحي المغربي حسن يوسفي, الذي شارك في الندوة الرئيسية للدورة 22 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي, التي تستمر فعالياتها حتى 20 أكتوبر الجاري, أن استخدام الصورة في العرض المسرحي يعد أبرز مميزات تجربة المخرجين المغاربة الشباب. وقال يوسفي, خلال جلسة ضمت نخبة من المسرحيين والنقاد العرب لاستعراض تجارب عربية في «مسرح الرؤى», إن من بين العلامات الكبرى التي ميزت تجربة جيل المخرجين المسرحيين الشباب في المغرب هو استعمال الصورة في العرض المسرحي مع اختلاف في طريقة توظيفها باختلاف المنظورات الجمالية والنزوعات التجريبية لمخرجيها. وبالنسبة للباحث المغربي, الذي ساهم في أعمال الندوة بورقة بعنوان «الصورة كأفق للتجريب في المسرح المغربي», فإن المسرح المغربي جعل من الصورة في بعض تجاربه «منطلقا واعيا للتجريب» بهدف تجديد آليات الإبداع, وخلق آفاق مغايرة للممارسة المسرحية المغربية, والانخراط في الصيرورة الجديدة للمسرح عبر العالم والتي تفرض على المسرح أن يصبح مفتوحا على «مجتمع الفرجة». وانطلق الناقد, في تناوله لتوظيف الصورة في التجريب المسرحي المغربي, من أربعة نماذج قدمت خلال العقد الأخير هي مسرحيات «تسليت» لمسرح الكاف من إخراج عبد الإله عاجل و»خفة الرجل» لفرقة «فضاء اللواء للإبداع» للمخرج بوسرحان الزيتوني و»حديث ومغزل» للفرقة نفسها و»الحذاء» لفرقة مسرح «نون» للمخرج كريم لفحل الرشقاوي. وتوقف يوسفي عند تباين توظيف الصورة في النماذج الأربعة ففي عمل «تسليت» (حكاية من التراث الأمازيغي) تحضر الصورة بكيفية ثابتة ومنعكسة كقاعدة سينوغرافية للعرض أي كوسيلة للإيحاء بالفضاءات التي تجري فيها الأحداث, فيما لجأ مخرج «خفة الرجل» إلى استخدام شريط سينمائي حقيقي حول الحرب لتوظيفه كلوحة خلفية للعرض على قاعدة تفاعل الأحداث على الخشبة مع تلك التي تجري في الشريط (توازي وتفاعل دلالي بين الخطابين). أما مخرج مسرحية «حديث ومغزل» فقد عمد إلى استخدام شريط مصور لجزء من الحكاية «ربما استثقل حضوره كمشهد مسرحي», وكان منطلقه في هذا الاختيار هو «تمثيل ما لا يمكن تمثيله بواسطة الصورة», في حين لجأ مخرج مسرحية «الحذاء» إلى توظيف شريط صور خصيصا من أجل العرض يلقي فيه الضوء على بطل مسرحيته في سياقات وحالات بعيدة عن سياق المسرحية (وفق مبدأ التنافر الدلالي : الشريط المصور يستحضر لحظات مأساوية فيما المسرحية ذات طابع كوميدي). وعموما, فإن الباحث المغربي يرى أن العروض التجريبية التي ظهرت في حضن المسرح المدعوم (الدعم المسرحي من قبل وزارة الثقافة) شكلت «إضافات نوعية» للمشهد المسرحي الوطني, حيث أفرزت جيلا من المخرجين الشباب ذوي تمثل مميز للمسرح وصيغ خاصة في ممارسته. وعندما يتحدث حسن يوسفي عن التجريب في المسرح, فهو يفضل التركيز على «دلالته الثقافية» بالخصوص, والتي تجعل منه «اتجاه أو حساسية جديدة أو نزعة فنية غير تقليدية». وحسن يوسفي حاصل على دكتوراه الدولة في المسرح من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس سنة 1998, ويعمل حاليا أستاذا للتعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة (مكناس). وصدرت له عدة مؤلفات ودراسات عن المسرح من بينها «قراءة النص المسرحي - دراسة في +شهرزاد+ لتوفيق الحكيم» و»المسرح ومفارقاته» و»المسرح والانثربولوجيا» و»المسرح في المرايا - شعرية الميتامسرح واشتغالها في النص المسرحي الغربي والعربي» و»ذاكرة العابر - عن الكتابة والمؤسسة في المسرح المغربي» إضافة إلى مساهمته في عدد من المؤلفات الجماعية. وقد اختار المنظمون هذه السنة كمحور للندوة الرئيسية للمهرجان «التجريب في مسرح الرؤى» (مسرح يعتمد على الرؤى المجردة والصورة المشهدية والرؤية الكوليغرافية والتصور الحركي) من خلال استطلاع تجارب مخرجين ومصممي المسرح وكتاب في بلدان مختلفة. وتشهد الدورة الثانية والعشرين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجربي, التي انطلقت الأحد الماضي, تقديم 85 عرضا مسرحيا أجنبيا وعربيا من بينها المسرحية المغربية «أمر» لفرقة «المحترف» للثقافة والفن التي تخوض غمار المسابقة الرسمية للمهرجان. ويرأس المخرج النمساوي جوزيف تسيللر لجنة التحكيم التي تضم عشرة أعضاء من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا وكندا واليونان وتركيا وغينيا والسودان ومصر.