انطلقت أمس ببوزنيقة فعاليات المؤتمر التأسيسي لحزب اليسار الأخضر تحت شعار "مغرب المواطنة والأمان ممكن" بحضور حوالي 800 مؤتمر ومؤتمرة يمثلون مختلف فرع الحزب التنظيمية على المستوى الوطني. وينعقد هذا المؤتمر بعد حصول الحزب على التصريح القانوني العام الماضي، في سياق وطني ودولي تزايد في الاهتمام بموضوع البيئة في علاقتها بالتدبير السياسي والاقتصادي والمجتمعي، ويرى حزب اليسار الأخضر في مشروع ورقة البيئة والسياسية، التي ستناقش خلال هذا المؤتمر إلى جانب مشروع القانون الأساسي ومشروع الورقة الإطار التي تتضمن التوجهات العامة للحزب، أن موضوعة البيئة لم تعد حكرا على جهة دون أخرى بل أصبحت أمرا واقعا تتدخل وتتداخل فيها مجموعة عوامل اجتماعية اقتصادية سياسية ثقافية وتاريخية، معتبرا أن البيئة هي المدخل الرئيسي لكل مقاربة تنموية حقيقية، وهي حجر الزاوية الذي سيحول مجرى التاريخ نحو نهايتين حتميتين "إما مأساة حقيقية وشيكة، أو ثورة تُغيّر في عادات وأساليب الحياة وفلسفاتها وسياساتها وطرائق التفكير والتدبير". وذكر اليسار الأخضر في هذه الورقة أن انخراط المغرب في الدينامية الدولية للحفاظ على البيئة وتوقيع على مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات ذات الصلة، يندرج في سياق ترسيخ قناعة مفادها أن الرهان على التنمية المستدامة لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن المنظور البيئي، مؤكدا من جانب أخر، أن موضوعة البيئة شكلت "هاجسا حيويا في وعي وخطابات قوى التقدم والحداثة المغربية بمختلف تلاوينها الفكرية والسياسية، غير أن هذا الهاجس وإن كان في صلب اهتمام الفصائل السياسية الطامحة للتغيير، إلا أنها لم تتمكن من إبرازه وتحويله إلى حقل من حقول الصراع السياسي، ومدخل من مداخل مقارباتها للمشروع المجتمعي الذي تعمل من أجل تحقيقه" لذلك فحزب اليسار الأخضر المغربي، تضيف الورقة "يرى بأن الوعي بالبيئة يجب أن يكون مُتمثَّلاً في حركات البناء الديمقراطي، ومن خلال التنصيص على مأسسته داخل الدولة والمجتمع"، ومن ثمة يطرح الحزب ضرورة إعادة النظر في مجمل القوانين المرتبطة بمجال البيئة وإخراج المراسيم التطبيقية لتفعيلها، مؤكدا على أن "البيئة هي مجال اختصاص العديد من المؤسسات الرسمية غير الفاعلة في غالبيتها ودون مستوى التنسيق فيما بينها، في ظل غياب وزارة خاصة بالبيئة وسياسة مندمجة في جميع القطاعات الحكومية، وتخلف الجماعات المحلية بكل أنواعها على مستوى تدبير موضوع البيئة في الممارسة العملية رغم أنها في صلب اختصاصاتها، وعدم اهتمام القضاء إلا لماما بالقضايا والنزاعات البيئية" معتبرا بأن المسؤولية تستوجب الصرامة في معالجة القضايا ذات الصلة بالبيئة وهو ما يستدعي في نظر الخضر المغاربة "العمل على إيجاد مداخل موضوعية وإجراءات عملية لمحاربة الفقر والتهميش والإقصاء، والتفكير الجماعي في منهجية العمل وكذا الأسس التي سنرسي عليها دعائم تربية وثقافة بيئيتين تتمثلان الحياة من خلال حكامة جديدة، تُعمل العقل في التشريع والجرأة في تطبيق القانون لأجل إنصافٍ اجتماعي يُعيد الكرامة ويضمن ديمومة الفائدة في حدود الحاجة، ويحافظ على خيرات الأرض وعلى الحياة للأجيال القادمة" بالإضافة إلى دعوته للتفكير في سن الإجراءات اللازمة لتغيير أساليب الإنتاج والاستهلاك والتفكير بجرأة في سيناريوهات العمل وفي مجالات التعاون الممكن اقتراحها على المنتظم الدولي من أجل القطع مع سياسات الهيمنة والاستهلاك والاستغلال الفاحشين لخيرات الأرض والإنسان. نشير إلى أن المؤتمر التأسيسي لحزب اليسار الأخضر الذي سيختم أشغاله يوم غد الأحد، سينتخب، بعد المصادقة على مختلف الوثائق المعروضة على المؤتمر، 30% من أعضاء المجلس الفدرالي، الجهاز التقريري للحزب، الذي سيتكون من 110 إلى 120 عضوا وذلك بعد أن تم انتخاب 60% منهم عن طريق الفروع الجهوية على أن تخصص نسبة 10% الباقية لكفاءات وفعاليات ستقترحها اللجنة التحضيرية، كما سينتخب المجلس الفدرالي مكتبا تنفيذيا يضم 25 إلى 27 عضوا الذين سينتخبون بدورهم المنسق العام للحزب.