أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري، أول أمس الإثنين بجنيف، أن ثقافة الملكية الفكرية عندما تكون عادلة ومتوازنة، فإنها تنطوي على مؤهلات للتنمية متعددة الأشكال. ولاحظ الناصري، في مداخلة له خلال اللقاء رفيع المستوى للدورة ال48 لاجتماعات جمعيات الدول الأعضاء بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية، أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلد ما وحماية ثروته وتراثه الثقافي تستلزمان بالضرورة، على الصعيد الدولي، حماية قانونية للموارد الوراثية والتعبيرات الثقافية التقليدية التي تشكل بالنسبة لبعض البلدان الثروات والموارد الوحيدة التي تتوفر عليها، والتي تعد بالنسبة للمغرب تراثا عريقا يعبر عن هويته. وأعرب الوزير عن رغبة المغرب العميقة في أن تتوقف، في أقرب وقت ممكن، الحيازة غير القانونية والاستعمال المفرط للقيم الإنسانية والوراثية لهذا التراث، الذي يعتبر مصدر عيش العديد من الفنانين والصناع التقليديين. وأكد أن المغرب، إنطلاقا من ذلك، يؤيد بشكل تام مقترحات المجموعة الإفريقية، بهدف ضمان أفضل حماية دولية لثرواتها. ووجه الناصري في هذا الإطار، نداء إلى باقي الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية بهدف تجاوز الخلافات التي تسود مختلف لجان المنظمة. واستعرض الوزير إثر ذلك التدابير الهامة التي اتخذها المغرب على عدة مستويات في مجال الملكية الفكرية. وبخصوص تأهيل الترسانة القانونية، أشار الوزير إلى تحيين القوانين المتعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المرتبطة بها، والملكية الصناعية والتجارية، عبر تحسين نظام الحماية وضمان ملاءمتها مع التزامات المغرب على الصعيد الدولي، فضلا عن تعزيز دور وعمل الهيئات المختصة. وبخصوص المناخ الملائم للخلق والإبداع، قال السيد خالد الناصري إن المغرب اتخذ إجراءات تشريعية وإدارية من أجل النهوض وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، خاصة عبر مدونة الاستثمار الجديدة، والعمل على إحداث محاكم تجارية، وتبسيط المساطر القضائية في إطار إصلاح القضاء، مؤكدا أن هذه التدابير من شأنها تيسير التعامل مع المنازعات المتعلقة بالقضايا الصناعية والتجارية، وتقوية جانبي حماية الملكية الفكرية. كما ذكر الناصري بوضع برنامج «مقاولتي» سنة 2007 لدعم إحداث وتمويل ومواكبة المقاولات الصغرى، وإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في سنة 2005 . وفي ما يتعلق بالتحسيس وتطوير ثقافة الملكية الفكرية التي تظل واحدة من الأولويات بالنسبة للمغرب، -يضيف الوزير- فإنه تم القيام بعدة خطوات بشراكة مع السلطات العمومية، والجامعات، والمقاولات، وكذا المجتمع المدني، بهدف تقريب صناع القرار، والمسؤولين عن تطبيق القوانين، وصناع الرأي، من نظام الملكية الفكرية من أجل فهم أفضل لها. وذكر الناصري، في هذا السياق، بالإجرءات المتخذة لتنمية قطاع الملكية الفكرية على المستوى الوطني، مشيرا بخصوص حقوق المؤلفين إلى تعزيز حقوق الفنانين عبر وضع نظام النسخة الخاصة وتعديل النصوص المتعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المرتبطة بها وتعميم نظام التأمين على المرض بالنسبة للفنانين. وأشار الوزير أيضا إلى خلق صندوق للمساعدة لوضع إطار لتحفيز وتشجيع ودعم جميع المبدعين بقطاع الموسيقي، إضافة إلى الصناديق القائمة من أجل النهوض بالمسرح والسينما، وتوقيع برنامج تعاقد لتحديث وتأهيل القطاع السينمائي وحقوق المؤلف والحقوق المرتبطة بها، وكذا وضع استراتيجية وطنية جديدة لمحاربة التزوير والقرصنة وانتشار القطاع غير المهيكل وتفرعاته. واستعرض الناصري كذلك، الإجراءات المتخذة على المستوى الوطني لحماية الموارد الوراثية (مخطط المغرب الأخضر) وتلك المتعلقة بالمعارف التقليدية، مشيرا، بالأساس، إلى إعداد استراتيجية للحفاظ على المهن التي هي في طور الإندثار والنهوض بها. وفي ما يتعلق باندماج المغرب في مجتمع الإعلام والمعرفة، أشار الناصري إلى أن المملكة عممت وكثفت استعمال التكنولوجيات الحديثة من خلال العديد من البرامج، وخاصة «المغرب الرقمي»، و»الإدارة الإلكترونية» و»برنامج الهندسة». وذكر أيضا، في ما يتصل بالملكية الصناعية والتجارية بتوقيع مذكرة تفاهم بين المركز المغربي للملكية الصناعية والتجارية، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، في أفق تثمين البحث، قصد تمكين الولوج عبر الأنترنيت إلى تقنيات المعلومات المتعلقة ببراءات الاختراع المغربية، من خلال خدمة البحث «باتنتسكوب» التابعة للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، وتنظيم مسابقات في هذا المجال. وذكر الوزير أيضا بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات مع الجامعات والمعاهد المكلفة بالبحث من أجل إرساء ثقافة لبراءات الاختراع ولتنمية روح الإبتكار والإبداع والتجديد، علاوة على إدراج مشروع في إطار «مبادرة المغرب ابتكار» بهدف إحداث مركز للإعلام التقني يروم الاستجابة لحاجيات وانتظارات المقاولات والجامعات العمومية في مجال المعلومة التكنولوجية. وأكد الناصري أن الوفد المغربي لن يدخر أي جهد خلال هذه الجلسات في أفق تقديم مساهمته الإيجابية ودعم كل مجهود يروم، بالخصوص، تشجيع إقامة نظام للملكية الفكرية يحافظ على التوازن بين مصالح أصحاب الحقوق ومصالح المجتمع بصفة عامة وتسريع تطبيق مختلف توصيات أجندة التنمية، وضمان الحماية الدولية للموارد الوراثية والمعارف التقليدية، والفلكلور، وتحيين حقوق هيئات البث الإذاعي واستفادة الفنانين من حقوقهم في مجال المجال السمعي البصري. ويبحث اللقاء الوزاري الذي ينعقد على مدى يومين بمشاركة نحو 70 وزيرا موضوع «الابتكار والنمو والتنمية: دور الملكية الفكرية وتجارب الدول الأعضاء على الصعيد الوطني».