احتلّ المغرب المرتبة الأولى في اقتصاديات منطقة شمال إفريقيا متقدما على كل من تونس و مصر، فيما حلت الجزائر الرتبة الرابعة متقدمة على ليبيا رغم توفرها على ثروات طاقية كبيرة. واعتبر الاقتصاد المغربي من بين أكثر الاقتصاديات دينامية في المنطقة، نظرا لتنوع مصادره و انفتاحه على السوق العالمية، بالإضافة إلى متانة و قوة نظامه البنكي، ناهيك عن الاستقرار السياسي و تحسن مناخ الأعمال والاستثمار. وفي سياق ذلك، نوه «دوتشيه بنك» الألماني، بالمجهودات المبذولة من أجل تطوير الاقتصاد المغربي، مشيرا في دراسة أعدها خبراء اقتصاديون إلى أن علاقة الشراكة التي تربط المغرب مع الإتحاد الأوروبي محرك أساسي في الدفع بعجلة الاقتصاد المغربي وانفتاحه على السوق الدولية. وأشارت دارسة البنك، الحاملة لعنوان »شمال أفريقيا جيران المتوسط على طريق النمو«، أن دول شمال أفريقيا »باتت تحقق نمواً متزايداً في اقتصادياتها ساعدها في ذلك قطاع المصارف وأسواق المال والمواد الأولية والثروات الطبيعية، التي تزخر بها المنطقة الممتدة من مصر إلى المغرب«. وفي سياق متصل، ارتكز تصنيف مصرف »دويتشه بنك« في ترتيبه لاقتصاديات شمال أفريقيا، على معايير الاستقرار الماكرو - اقتصادي، وتنوع النظام المالي و البنكي وصلابته، والانفتاح الخارجي، ومناخ الأعمال والتشريعات المرتبطة بالاستثمار الأجنبي، والاستقرار السياسي والاجتماعي. واعتبرت دراسة »دويتشه بنك«، أن دول شمال أفريقيا »باتت تسجل نمواً مرتفعاً (نحو 5 في المائة في المتوسط) بفضل الإصلاحات المتنوعة التي اعتمدتها خلال السنوات الماضية، وهي أسواق تضم 160 مليون نسمة.. وعلى صعيد آخر، قدر حجم التجارة البينية بين شمال أفريقيا والاتحاد الأوروبي بنحو 60 في المائة من مبادلات دول جنوب البحر الأبيض المتوسط الإجمالية، وتُعتبر أوروبا المصدر الأول للعملة الصعبة للمنطقة من خلال صادرات الطاقة ومواد الغذاء والمواد الأولية والسياحة وتحويلات المغتربين والاستثمارات والمساعدات. وترتبط دول شمال أفريقيا الأربع، باستثناء ليبيا باتفاقات شراكة اقتصادية، تعود إلى منتصف تسعينات القرن العشرين خصوصاً تونس والمغرب، بينما انضمت الجزائر في العقد الماضي إلى اتفاق الشراكة، وباتت تحصل على مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي من ضمن برنامج »ميدا« لدعم سياسة الجوار المتوسطي. وكانت الرباط حصلت عام 2008 على صفة »الشريك المميز«، وهي صيغة وسطى بين العضوية الكاملة ومجرد الشراكة التجارية والثقافية الموقعة عام 1996 في بروكسيل. وتتوقع دراسة البنك أن تحقق كل من مصر وليبيا وتونس في الفترة المتراوحة بين عامي 2010 و2014 نموا اقتصاديا يفوق 6 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي، فيما تتراوح هذه النسبة في كل من الجزائر والمغرب بين 3 و5 بالمائة. وأشارت الدراسة إلى معدل النمو في دول شمال إفريقيا الخمسة قد وصل إلى 5 بالمائة خلال الفترة السنوات المتراوحة بين عامي 2003 و2008. وتعزو الدراسة هذه النسبة إلى ارتفاع نسب الاستهلاك الداخلي بالإضافة إلى الاستثمارات الحكومية والعائدات المهمة من قطاعي الصادرات والسياحة. ولا تستمد المنطقة، التي تتوقع لها الدراسة آفاق واعدة، أهميتها من ديناميكية اقتصادياتها، بل أيضا من أهمية الثروات المتثلمة في النفط والغاز المتوفرة بها، إذ تزود كل من ليبيا والجزائر ومصر دول الاتحاد السبع والعشرين ب12 بالمائة من حاجياتها من النفط و17 بالمائة من الغاز. وتعد ليبيا من ضمن أهم عشر دول في العالم من حيث احتياطي النفط، فيما تزود الجزائرإسبانيا وإيطاليا بالغاز عبر أربعة أنابيب، واحد منهم في طور الإنشاء. كما من المنتظر أن تلعب المنطقة في المستقبل القريب دورا مهما في تزويد أوروبا بالطاقة المتجددة من خلال مشاريع لدعم الطاقة النظيفة، على غرار مشروع ديزرتك لتوليد الطاقة انطلاقا من الطاقة الشمسية.