مقتل 43 شخصا وجرح 239 آخرين أعلنت لبنان، أمس الجمعة، يوم حداد وطني بعد تفجيرين انتحاريين أديا إلى مقتل 43 شخصاً وجرح 239 آخرين في العاصمة اللبنانية في هجوم تبناه تنظيم «داعش». ويعتبر هذا التفجير المزدوج، الأعنف والأكبر من ناحية عدد الضحايا الذين سقطوا في الهجمات التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت حتى الآن. ذلك أن الضاحية سبق أن شهدت خلال الأعوام الماضية هجمات عدة، أبرزها تلك التي وقعت في العام 2013، وفي يناير من العام 2014، قتل 5 أشخاص بتفجير استهدف حارة حريك في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية. تنديد دولي بالتفجير الانتحاري.. أدانت فرنساوالولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة وأطراف عربية ومحلية التفجيرين اللذين استهدفا مساء أمس الضاحيةَ الجنوبية لبيروت معقل حزب الله اللبناني، وراح ضحيتهما 43 شخصا وجرح نحو 240، بينما تعهد حزب الله بمواصلة القتال ضد من وصفهم بالإرهابيين، مشيرا إلى أن المعركة طويلة ومستمرة. فقد أعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مساء أول أمس الخميس عن «صدمته» و»سخطه» إثر التفجيرين، ووصفهما بأنهما «عمل دنيء». وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان، إن هولاند «يقدم تعازيه إلى أسر الضحايا وأقاربهم»، مشددة على أن فرنسا ملتزمة أكثر من أي وقت مضى من أجل السلام في لبنان ووحدته واستقراره. كما أدانت الولاياتالمتحدة التفجيرين، ووصفتهما بأنهما اعتداءات إرهابية شنيعة، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نيد برايس «هذا النوع من الأعمال الإرهابية لا يؤدي إلا إلى تعزيز التزامنا بدعم مؤسسات الدولة اللبنانية، ومن بينها الأجهزة الأمنية لجعل لبنان مستقرا وآمنا وذات سيادة». من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن «حزنه الشديد» مما أسماه «عملا حقيرا»، مؤكدا دعم الأممالمتحدة للمؤسسات اللبنانية والقوات المسلحة وأجهزة الأمن في الجهود التي تبذلها للحفاظ على أمن لبنان وشعبه، كما أعرب عن أمله أن يحال المسؤولون عن التفجيرين إلى القضاء سريعا. وفي السياق الدولي أيضا، أدان رئيس مجلس الأمن الدولي السفير ماثيو رايكروفو مندوب بريطانيا الدائم لدى الأممالمتحدة «القتل الوحشي» الذي وقع في بيروت، مضيفا أن بريطانيا، التي تتولى رئاسة أعمال المجلس حاليا، ستعمل مع شركائها في مجلس الأمن على إصدار بيان يدين ما حدث. تنديد عربي.. وأدانت مصر «بأشد العبارات» التفجيرين اللذين استهدفا الضاحية الجنوبية لبيروت، وأكدت وزارة الخارجية في بيان لها وقوف مصر إلى جانب لبنان حكومة وشعبا في هذا «الظرف الدقيق»، الذى تسعى فيه قوى «التطرف والإرهاب وأعداء السلام إلى زعزعة أمن واستقرار لبنان»، معربة عن ثقتها في حكمة اللبنانيين وإدراكهم «المكائد» التي تحاك ضد استقرار بلدهم وسلامته. وفي السياق ذاته، أدان شيخ الأزهر أحمد الطيب -في بيان له- هجوم الضاحية الجنوبية، داعيا «الشعب اللبناني بجميع طوائفه ومكوناته إلى الاصطفاف في وجه المؤامرات التي تستهدف وحدة أرضهم». كما دعا «القادة والرموز الوطنية والدينية إلى تغليب صوت العقل والحكمة، والنأي بلبنان عن الانجرار إلى أتون الصراعات الإقليمية التي أخذت منحا طائفيا يتهدد مستقبل المنطقة بفعل تدخلات قوى إقليمية ودولية، تسعى لفرض أجنداتها لتفتيت الدول العربية وتقسيمها على أساس مذهبي»، بحسب البيان. كما نقلت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» تأكيد الحكومة على «الوقوف بجانب لبنان وشعبه في كل الظروف والأحوال»، مشيرة إلى أنها «تدين بشدة الأفعال الإجرامية والإرهابية كافة التي تمس أي بلد عربي أيا كان مصدرها». من جهتها، استنكرت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» «الجريمة التي استهدفت حياة المواطنين وأمنهم واستقرارهم»، معلنة تضامنها مع الشعب اللبناني. ردود فعل محلية.. وتعهد حزب الله بمواصلة القتال ضد من وصفهم بالإرهابيين، مشيرا إلى أن المعركة طويلة ومستمرة. ونقلت وكالة رويترز عن حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله قوله إن «ما جرى الخميس يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح»، وأن معركة الحزب في وجه الإرهاب ليست قصيرة. أما رئيس الحكومة اللبنانية تمام السلام فقد وصف الهجوم بالعمل «الإجرامي الجبان الذي لا يمكن تبريره بأي منطق وتحت أي عنوان»، داعيا اللبنانيين إلى المزيد من اليقظة والوحدة والتضامن في وجه ما وصفها بمخططات الفتنة التي تريد إيقاع الأذى ببلدنا، وفق تعبيره. كما أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن الوزارة لن تتوانى عن ملاحقة المجرمين أينما وجدوا، بينما دعا رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الحكومة لعقد اجتماع طارئ واستثنائي لاتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات للحفاظ على لبنان. من جهته، أدان زعيم تيار المستقبل سعد الحريري التفجيرين، وقال إن استهداف المدنيين عمل دنيء وغير مبرر لا تخفف وطأته أي ادعاءات، ورأى أن «قتل الأبرياء جريمة بكل المعايير من برج البراجنة إلى كل مكان»، بحسب تعبيره. وأدانت الأمانة العامة لتحالف 14 مارس انفجاري الضاحية، ورأت في بيان تلقت الأناضول نسخة منه، أن «حماية الاستقرار تكون من خلال الانسحاب من الأحداث السورية التي ترتد بوضوح على من تورط فيها»، في إشارة إلى قتال حزب الله إلى جانب النظام السوري بشكل علني منذ 2013. بدوره، دعا رئيس اللقاء الديمقراطي النيابي اللبناني وليد جنبلاط إلى رص الصفوف والترفع عن الخلافات السياسية لقطع الطريق على عودة التفجيرات. أما الزعيم المسيحي ميشال عون -حليف حزب الله- فقال إن «المرحلة خطرة جدا وهذه التفجيرات هدفها الانتقام ورفع معنويات الإرهابيين بعد هزائمهم في الميدان». وأشار إبراهيم كنعان من كتلة التيار الوطني الحر الحليف لحزب الله إلى أن «الاستهداف واحد والوجع واحد والمجرم واحد فلنتحد من أجل لبنان». وكشف مصدر أمني رفيع المستوى أن التحقيقات الأولية توصلت إلى معطيات كشفت المكان الذي قدم منه المهاجمون الثلاثة الذين نفذوا التفجيرات في منطقة برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية، وأماكن إقامتهم قبل تنفيذ التفجيرات. من جهته، أوضح بيان للجيش اللبناني أن مسلحا أقدم على تفجير نفسه بأحزمة ناسفة، تلاه إقدام آخر على تفجير نفسه قرب موقع الانفجار الأول. وأضاف أنه عثر في موقع الانفجار الثاني على جثة لشخص ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه. تنظيم الدولة يتبنى التفجير.. وقد تبنى تنظيم الدولة الإسلامية في بيان نسب إليه مسؤولية هذين التفجيرين، بينما أعلن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام اليوم الجمعة حدادا عاما على قتلى التفجير. وقال التنظيم -في بيان على أحد المواقع التابعة له- إن أحد «جنود الخلافة» تمكن من ركن دراجة مفخخة وتفجيرها في شارع مكتظ بمنطقة برج البراجنة، وبعد تجمع الناس في مكان التفجير -أضاف البيان- تمكن «أحد فرسان الشهادة» من تفجير حزامه الناسف وسطهم، مما أوقع عددا كبيرا من القتلى والجرحى. وفي السياق ذاته، أظهرت لقطات مصورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أفرادا من حزب الله اللبناني ومن سكان منطقة برج البراجنة، وهم يطاردون أحد المشتبه في تورطهم بالتفجيرين. وتظهر اللقطات عملية إلقاء القبض على المشتبه به والتي تخللها إطلاق نار في الهواء من قبل مسلحي الحزب.