حصاد والرميد يدخلان على الخط بعد التصريح الاستنكاري للأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في تفاعل سريع مع تصريح الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، الذي شجب استعمال المال في انتخابات مجلس المستشارين التي جرت يوم الجمعة الماضي، دخلت اللجنة الحكومية المكلفة بتتبع الانتخابات على الخط. فقد أعلنت اللجنة الحكومية التي تتألف من وزيري الداخلية والعدل والحريات، أنه قد بلغ إلى علمها أن بعض المنتخبين برسم انتخابات مجلس المستشارين يشتبه في ارتكابهم لجرائم انتخابية تتعلق باستعمال المال لاستمالة الناخبين. وإلى حدود أمس الاثنين، علمت بيان اليوم أن لجن التحقيق المشتركة بين وزارتي الداخلية والعدل والحريات شرعت بالفعل في معالجة ملفات المنتخبين المشبوهين. وكانت فضائح يوم الاقتراع الخاص بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين قد خلفت ردود فعل همت بالأساس التلاعب الذي طال الانتخابات من خلال استعمال مبالغ مالية خرافية لشراء ذمم "الناخبين الكبار". ومن بين ردود الفعل القوية تلك الصادرة عن الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله الذي سارع إلى شن هجوم حاد على نتائج انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، حيث أكد على وجود حالات عديدة تفيد استخدام المال بطريقة مفرطة في الغرف ومجالس الجماعات والجهات، حددها في نسبة تناهز 70 بالمائة. وتساءل بنعبد الله بالقول "كيف يمكن للمغرب أن يستمر في قبول وضعية من هذا النوع"، مشيرا إلى أن منتخبين طامحين إلى الغرفة الثانية لجئوا إلى شراء ذمم المصوتين باستخدام المال، قبل أن ينتقد أداء مجلس المستشارين ويعتبره جهازا "يثقل الهرم المؤسساتي بالمغرب". ودعا نبيل بنعبد الله إلى حذف الغرفة الثانية، والعودة بذلك إلى ما يمكن أن يعطي للبلاد نظاما مؤسساتيا يقوم على غرفة واحدة، هي مجلس النواب، باعتبار أن هذه الغرفة الواحدة تعتمد على التصويت المباشر، وعلى "الإرادة الحرة للمواطنين، وليس على ما يسمى "الناخبين الكبار" الذين رأينا كيف تتم استمالتهم بالأموال"، على حد تعبيره. ويشكل استعمال "المال الحرام"، وهو المال السياسي غير المشروع الذي يستعمله المرشحون، أحد أصعب التحديات التي ظلت تواجه الانتخابات البرلمانية في بلادنا، وذلك من خلال شراء الذمم وأصوات الناخبين نقدا أو عينا. هذا وكان مراقبون وسياسيون قد عبروا، قبل إعطاء الانطلاق لانتخابات الجمعة الماضي، عن تخوفاتهم من اللجوء إلى "المال السياسي" للتأثير على سير ونزاهة العملية الانتخابية، وتوقعوا استنساخ تجارب سابقة استعمل فيها "المال السياسي" خلال مسار الاقتراع، ضدا على المجهودات الساعية إلى محاربة هذه الظاهرة المشينة. لكن يبدو أن حليمة عادت لعادتها القديمة، وبشكل أكثر قوة. وليست حليمة هنا سوى أصحاب "الشكارة"، أي الأعيان وذوي رؤوس الأموال الكبيرة الذين أغرقوا "السوق الانتخابي"، خاصة في الأيام الأخيرة قبيل يوم الجمعة الماضي، بالأموال التي حصل عليها كل من يرغب في بيع صوته الانتخابي. عودة "البيزنس الانتخابي" أفسد العملية الانتخابية برمتها في مغرب ينخرط بقوة في مرحلة سياسية هامة من تاريخه، يميزها الدستور الجديد الذي ينص على دولة الحق والقانون، وعلى تشكيل مؤسسات تمثيلية قوية وحقيقية تعبر عن إرادة الشعب التي تنبع من صناديق الاقتراع في مناخ يتسم بالنزاهة والشفافية والمسؤولية لدى جميع الأطراف والفاعلين في البلاد. هذه الأهداف الكبرى لن تتحقق، يقول نبيل بنعبد الله، في تصريحه الذي تناقلته مختلف وسائل الإعلام، والذي عجل بتحرك اللجنة الحكومية المكلفة بتتبع الانتخابات، إلا بالضرب على أيدي كل من يقدم على توظيف الأموال الحرام لاستمالة إرادة الناخبين، دون الاكتراث بأن مثل هذه السلوكات تضر بشكل كبير بالديمقراطية والشفافية المطلوبة في محطات سياسية مؤثرة، وتلحق أبلغ الضرر ليس فقط بصورة مغرب بات واحة ديمقراطية وسط محيط مضطرب مهدد للاستقرار العالمي، بل أيضا بجهود الأحزاب السياسية الجادة، وعلى رأسها حزب التقدم والاشتراكية، الذي وظف كل إمكانياته لمحاربة عزوف المغاربة، وخاصة فئة الشباب منهم، عن المشاركة في المواعيد الانتخابية.