ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الجمعة بقصر الضيافة بالرباط، حفل التوقيع على اتفاقية بين المملكة المغربية والمجموعة الفرنسية بي إس إي بوجو- سيتروين، تتعلق بإحداث مركب صناعي تابع للمجموعة بالمنطقة الحرة "أتلانتيك فري زون" بجهة الغرب- الشراردة- بني أحسن. وفي مستهل هذا الحفل، تم عرض شريط مؤسساتي، سلط الضوء على أهم المراحل المسطرة ضمن مخطط تسريع التنمية الصناعية في شقه المرتبط بصناعة السيارات. وأوضح وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مولاي حفيظ العلمي، في معرض تقديمه لهذا المشروع الكبير بين يدي جلالة الملك، أن إحداث مركب ثان لصناعة السيارات بالمغرب هو تجل جديد للثقة التي تحظى بها المملكة، مشيرا إلى أن صناعة السيارات في المغرب ارتقت إلى مستويات نمو مطردة خلال السنوات الأخيرة، مما جعلها أول قطاع موجه للتصدير في 2014. وتعزى هذه الطفرة - حسب الوزير- إلى الإمكانيات البنيوية الكثيرة التي توفرها المملكة، لاسيما استقراره المؤسساتي والسياسي والماكرو- اقتصادي، وانفتاحها على الخارج من خلال مختلف اتفاقيات التبادل الحر الموقعة والإصلاحات المهيكلة المنفذة من أجل تحسين مناخ الأعمال. وقال، في هذا الصدد، إن هذه الإمكانيات تشمل أيضا تطوير عرض نوعي وجذاب يقوم على إحداث بنية استقبال ذات جودة (المناطق الصناعية المندمجة) بتكاليف تنافسية وربط لوجستي سككي وسيار ومينائي وجوي جيد، إلى جانب إستراتيجية تكوينية مجددة وبراغماتية قوامها أربعة معاهد للتكوين في مهن صناعة السيارات، اثنان في طنجة وواحد في القنيطرة وآخر بالدارالبيضاء. وأكد الوزير بعد تذكيره باختيار العديد من مصنعي تجهيزات السيارات والمناولين ذوي الصيت العالمي الاستقرار بالمغرب، أن مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014- 2020، الذي تم إطلاقه في أبريل 2014، جاء لتعزيز هذا الزخم وجعل المغرب قاعدة لصناعة السيارات بارزة وذات جاذبية في أعين رواد هذه الصناعة. وأبرز بأن مجموعة بي إس إي بوجو- سيتروين الرائدة التي تحظى بسمعة كبيرة في المملكة ، تغير اليوم وضعها بالانتقال من مستورد موزع إلى مصنع كامل يطمح إلى تزويد السوق الوطنية وكذا أسواق إفريقيا والشرق الأوسط انطلاقا من المغرب. وأشار إلى أن هذا المشروع سيساهم في إقلاع قطب صناعي للتميز محدث للثروة وللقيمة المضافة بمنطقة الغرب شراردة بني حسن. من جانبه، أكد رئيس المكتب المديري لمجموعة بي إس إي بوجو- سيتروين السيد كارلوس أنتونيس تافاريس، أن المصنع المزمع إنجازه بالقنيطرة، والذي سيتطلب استثمارات بقيمة 6 مليارات درهم، سيأتي لاستكمال الترسانة الصناعية للمجموعة عبر العالم. وأوضح تافاريس أن اختيار المغرب لإنشاء مصنع للإنتاج تابع للمجموعة ليس بالصدفة، مشيرا إلى أن المملكة تتوفر على الكثير من المؤهلات السياسية والسوسيو- اقتصادية والتجارية والجغرافية التي تحكمت في هذا الاختيار. وأضاف تافاريس أن هذا المركب الصناعي، الذي تقدر طاقته الإنتاجية ب 200 ألف سيارة و200 ألف محرك في السنة، والذي يندرج إنجازه في إطار الاندماج الصناعي بين المغرب وفرنسا، سيمكن مجموعة بي إس إي بوجو- سيتروين ، الحاضرة في 160 بلدا، من ولوج العديد من الأسواق في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط بكيفية فعالة وتطوير منتوجات ملائمة. وأوضح أن هذا المصنع سينتج سيارات تستجيب لانتظارات الزبناء المغاربة ونظرائهم في المنطقة . وحسب تافاريس، سيمكن هذا المشروع الاستراتيجي الذي سينطلق العمل به في 2019، من إحداث نحو 4500 منصب شغل مباشر و20 ألف منصب غير مباشر، مشيرا إلى أنه سيتيح، أيضا تطوير قطاع البحث والتطوير من خلال توظيف 1500 مهندسا وتقنيا من مستوى عال. وبهذه المناسبة، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، التوقيع على اتفاقية وسبعة ملحقات تتعلق بإنشاء المركب الصناعي بي إس إي بوجو- سيتروين بالمملكة المغربية. حضر هذا الحفل، على الخصوص، رئيس الحكومة، ورئيسا غرفتي البرلمان، ومستشارو صاحب الجلالة، وأعضاء الحكومة، وفاعلون اقتصاديون وشخصيات أخرى. **** استثمار بوجو ستروين بالمغرب.. المملكة تربح رهان التموقع كبوابة لولوج إفريقيا تمكن المغرب، بفضل نموه الاقتصادي القوي والثابت، على مدار العقد الأخير، من فرض نفسه كبوابة رئيسية لولوج القارة الإفريقية. وقد شكل قرار مجموعة (بوجو ستروين) إحداث مركب صناعي جديد بالمملكة، تتويجا وتكريسا لهذا التوجه. ويؤشر ولوج هذا الفاعل العالمي الكبير إلى السوق المغربي على مدى الثقة التي يحظى بها المغرب، ويعد اعترافا جديدا بما يوفره من مؤهلات وفرص حقيقية وكبيرة للاستثمار وخلق الثروات. وتجدر الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي تقرر فيها مجموعة بوجو ستروين (بي إس إي)، إحداث مركب صناعي مخصص لإنتاج السيارات بالقارة الإفريقية، حيث كان حضورها يقتصر في الماضي على وحدة للتجميع في نيجيريا. ويشكل قرار الاستثمار بالمغرب، اعترافا من الفاعلين الاقتصاديين الأوربيين، بما تمثله المملكة من قاعدة اقتصادية واعدة تستجيب للعديد من المعايير والمقاييس، من بينها على الخصوص الاستقرار السياسي الراسخ والأكيد، حيث برزت المملكة بوضوح كاستثناء مضيء في ظل موجة الاضطراب والتوتر التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في سياق "الربيع العربي". تأسيسا على هذا الاستقرار المتميز، حرص المغرب، على مدى السنوات العشر الأخيرة، على تعزيز وتطوير إطاره الماكرو اقتصادي، من خلال اعتماد إصلاحات عميقة ساهمت في تحرير موارد وطاقات المملكة، والانفتاح على العديد من البلدان الإفريقية، كفاعل يساهم بفعالية وإخلاص في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية لقارة تسير في طريقها نحو التحول إلى مركز اقتصادي عالمي واعد. لقد أضحى المغرب، بفضل الحضور الفاعل والقوي لمقاولاته في العديد من البلدان الإفريقية، وشبكته الممتدة للخطوط الجوية وموقعه الاستراتيجي بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، مؤهلا لاحتضان واستقطاب استثمارات كبرى تتطلع إلى مجموع السوق الإفريقي. ومن بين المؤهلات التي تعزز تموقع المملكة، العلاقات الاقتصادية القوية والمكثفة التي يربطها المغرب مع مختلف الأسواق بأوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط والمؤطرة بالعديد من اتفاقات التبادل الحر والتعاون الاقتصادي مع العديد من البلدان. كما يكشف ولوج بوجو ستروين (بي إس إي)، للمملكة، بوضوح، بعدا جديدا آخر للمغرب، يتمثل في الانفتاح وتوفير كل ظروف ومعايير المنافسة الشريفة. إن إيمان هذه المجموعة الكبرى، بمميزات الاستثمار بالمغرب وإمكانيات النمو الهائلة التي يوفرها، جعلها تتجاوز مسألة وجود منافسها التاريخي ، متمثلا في شركة (رونو نيسان)، بالمملكة والتي اختارت بدورها الاستثمار بالمغرب منذ سنة 2012 من خلال مصنعها الضخم بمنطقة ملوسة ، قرب طنجة. الاستثمار بالمغرب، ثقة منها في قدرة المملكة، من خلال قوانينها وتشريعاتها، على توفير كل ظروف وشروط المنافسة العادلة بين الفاعلين الاقتصاديين. كما يعي الفاعل الاقتصادي الأوروبي، جيدا، أن السوق المغربي يتيح إمكانيات ومؤهلات كبيرة وهائلة للنمو والتوسع. والواقع أن ولوج مجموعة (بوجو ستروين ) للمغرب، ينسجم مع منطق سيرورة واستمرارية السياسة الاقتصادية المغربية الرامية إلى جعل المملكة بوابة رئيسية لا محيد عنها لإفريقيا. لا يتعلق الأمر هنا، بمجرد أمنية، وإنما بحقيقة تتجسد على أرض الواقع، بكل هدوء وطمأنينة. فبعد أن تمكن من خلق بنيات تحتية من الطراز الرفيع، تتمثل في ميناء طنجة المتوسط، وتعزيز شبكته الطرقية، وتوسيع آفاق الشبكة الدولية لشركة الطيران (الخطوط الملكية المغربية)، وإقامة قطب مالي بمدينة الدارالبيضاء يستجيب للمعايير الدولية، أضحى المغرب اليوم في موقع يؤهله، للاضطلاع بكل سهولة ويسر، بدوره كأرضية تستقطب كبريات الشركات العالمية التي تأمل في الاستفادة من المؤهلات والإمكانيات الكبيرة والواعدة للمملكة الضاربة جذورها في إفريقيا. لقد جعلت السياسة الإفريقية الحكيمة والمتبصرة، التي حرص المغرب على نهجها، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تعززت من خلال جولات ملكية شبه سنوية، تتوج بتوقيع اتفاقيات تؤسس لشراكة مثمرة للجميع، الشركاء الأمريكيين والأوروبيين والعرب، يعتبرون المملكة مدخلا وبوابة لا غنى عنها من أجل ولوج السوق الإفريقي الواعد. فبفضل تاريخه العريق، وسياساته الناجحة والواعدة، انتزع المغرب اعتراف الجميع، بقدرته على التحول إلى حلقة وصل، تتمتع بجميع مؤهلات وإمكانيات النجاح التي تغري كل مستثمر وفاعل اقتصادي من الحجم الكبير، بالاستثمار والنمو والتوسع، وذلك في ظل مناخ من السلم والأمن، يفتقده الكثيرون. يتعلق الأمر إذن بخيار استراتيجي، يندرج في إطار الرؤية الاستراتيجية التي وضعها جلالة الملك، من أجل تعزيز التعاون الإفريقي - الإفريقي، ضمن نموذج يروم تعزيز التنمية المشتركة للبلدان الإفريقية، انطلاقا من رؤية مبتكرة وخلاقة تقوم على تثمين مؤهلات وموارد القارة.