المنطقة تعاني من تناقص مستمر لمواردها المائية أكدت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالماء، شرفات أفيلال، الثلاثاء بالجزائر، الاستعداد التام للمغرب للمشاركة في المسلسل الأورومتوسطي، وفي تفعيل الاستراتيجية المائية بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، التي أطلقت في عمان سنة 2008 . وقالت أفيلال في كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر الوزاري الأول لمبادرة 5زائد 5 للماء، أن المغرب "وفاء منه لانتمائه المتوسطي، وتعبيرا منه عن الاعتزاز بهذا الانتماء، ووعيا بأهمية العمل المشترك في هذا الفضاء الحيوي، ولأجل المساهمة في وضع تصورات موحدة لرفع كل هذه التحديات، كان وسيظل دائما، على استعداد تام للمشاركة في المسلسل الأورومتوسطي، حيث شارك في بلورة الاستراتيجية المائية بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، مند انطلاقها بعمان سنة 2008، وساهم أيضا، من خلال خبرائه، في إعداد وثيقة الإستراتجية المائية ببلدان غرب البحر الأبيض المتوسط". وتابعت أن هذه الوثيقة الهامة، والتي ستشكل، بعد المصادقة عليها، مرجعية لبلدان المنطقة في مجال وضع التوجهات المناسبة في ما يتعلق بتخطيط وتدبير الموارد المائية خلال العقود المقبلة. وأشارت أفيلال إلى أن العمل داخل الفضاء المتوسطي، كان ولا يزال، في صلب اهتمام المملكة المغربية، في كل ما يتعلق بالتعاون والعمل المشترك، إيمانا منها بضرورة تكريس منطقة البحر الأبيض المتوسط كبحيرة سلم ونماء، وربح كل الرهانات التي تواجهها، سواء منها ذات البعد الموضوعي والطبيعي، أو تلك التي تجد أصولها في التراكمات التاريخية. وبعد أن أكدت أن إشكالية الماء "إن تم تدبيرها بالشكل العلمي الصحيح و المستدام، لا بد أن ذلك سوف يساهم في فتح آفاق أوسع أمام جهود النماء والاستقرار بالنسبة لبلدان الحوض المتوسط"، ذكرت الوزيرة المنتدبة أن الموارد المائية المتاحة بمنطقة غرب المتوسط جد محدودة، بل إنها في تناقص مستمر، بفعل عدة عوامل، لعل أهمها تلك المرتبطة بالتغيرات المناخية، بدليل أن عددا من بلدان المتوسط قد بدأت تعاني اقتصادياتها، كما أنظمتها الإيكولوجية، من آثار محدودية أو تراجع الثروة المائية. وفضلا عن الإكراهات الطبيعية، سجلت أفيلال أن "منطقتنا تشهد تحديات لا تقل صعوبة، وأقصد بها ما هو متصل بتلبية الحاجيات المائية، سواء منها الناتجة عن التزايد السكاني، أو أيضا، تلك الناتجة عن تطور مختلف الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية". ومن جهة أخرى، قالت إن الوضع المتقدم الذي تتمتع به علاقة المغرب بالاتحاد الأوربي، يشكل حافزا إضافيا لتحقيق التناسق والتناغم التشريعي والمؤسساتي مع شركاء المملكة في هذا الفضاء الدولي الهام، وكذا دعم تخطيط و تدبير الموارد المائية على مستوى الأحواض، معتبرة أن كل هذه التدابير و الإجراءات، وغيرها أيضا، هي بمثابة مؤشرات قوية على أن المغرب، يسير فعلا في طريق تفعيل التوجهات الرئيسية للاستراتجية المائية ببلدان غرب البحر الأبيض المتوسط . وفي استعراضها للتجربة المغربية في مجال تدبير الموارد المائية، أوضحت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء، أن المغرب وعيا منه بأهمية تدبير الموارد المائية، في ظل ظروف طبيعية ومناخية ليست بالسهلة ولا الملائمة، في جميع الأحوال، نهج منذ أكثر من أربعة عقود سياسة مائية استباقية قوامها التعبئة القصوى، والتدبير المحكم، مما مكنه من تأمين تزويد المواطنات والمواطنين بالماء الصالح للشرب، بوتيرة دائمة ومنتظمة، كما استطاع تنمية السقي على نطاق واسع، وتحسين مستوى حماية السكان والممتلكات من الفيضانات. وقالت في هذا الصدد "نحن الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع المخطط الوطني للماء، الذي يسطر المعالم الكبرى للسياسة المائية للمملكة خلال العقود المقبلة، وذلك من أجل دعم المكتسبات التي تحققت في هذا المجال، وتدارك بعض جوانب القصور، مع توفير جميع الآليات والوسائل الكفيلة بتفعيله وتنزيل مضامينه ومقتضياته إلى أرض الواقع، بشكل سلس وسليم وناجع". ولمواكبة تفعيل هذا المخطط وتهييئ شروط تنزيله في أحسن الظروف، أبرزت أن المغرب باشر ورش مراجعة المنظومة التشريعية المتعلقة بالماء، بصفة خاصة، والتنمية المستدامة بصفة عامة، قصد ملاءمة النصوص التشريعية مع التحديات والإكراهات، ومع المتطلبات الجديدة والمستقبلية، ومن أهمها تحقيق المساواة والمناصفة بين النساء والرجال، سواء في خلق وإنجاح عناصر التنمية بشقيها المادي واللامادي، أو في الاستفادة من منافع وخيرات هذه التنمية. وإلى جانب المغرب يضم حوار خمسة زائد خمسة، عشر دول من ضفتي المتوسط هي الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال. يذكر أن مؤتمر الجزائر شهد الإطلاق الرسمي لاستراتيجية الماء في غرب البحر الأبيض المتوسط (مبادرة الماء 5 +5) التي رحب بها رؤساء دول وحكومات عشرة بلدان بشمال وجنوب حوض البحر الأبيض المتوسط (5+5)، خلال القمة الثانية المنعقدة بلافاليت عاصمة مالطا في أكتوبر 2012، وكذا وزراء خارجية دول غرب المتوسط (5 زائد 5) خلال اجتماعهم العاشر بنواكشوط بموريتانيا في 16 أبريل 2013. وقد تم إطلاق هذه المبادرة على هامش أشغال الدورة 68 للجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك، وتم الإعلان عنها رسميا خلال المنتدى الاقتصادي الأول لحوار 5+5 الذي انعقد في برشلونة يوم 23 اكتوبر 2013 ، وتأتي لتنضاف إلى ركائز استراتيجية أخرى مثل البيئة والنقل والتربية والتكوين المهني والبنيات التحتية والهجرة والطاقات المتجددة. وستمكن هذه الركيزة البلدان العشرة بغرب المتوسط من التوفر على فضاء للتشاور والتنسيق وآلية للتعاون كفيلة بضمان تنمية مستدامة للموارد المائية بهذه المنطقة التي تتميز بندرة حادة في الموارد المائية. كما ستدعم هذه الآلية الاستراتيجيات الوطنية للتنمية والتقليص من تداعيات التغيرات المناخية على الموارد المائية.