صراع صيني أمريكي هندي روسي على أسواق القارة السمراء استطاعت إفريقيا ومعها المغرب إقناع الأمريكيين بالاستثمار في القارة السمراء، وضخ ملايير الدولارات في أسواقها. وتحرك الوفد المغربي لقمة «أمريكا – إفريقيا»، الرسمي منه وغير الرسمي، اقتصاديا وسياسيا، لإقناع رؤوس الأموال بوجهة المغرب كمنصة في عديد من الصناعات، وكبلد يوفر ثروة غير مادية مشجعة على الاستثمار. فأولى التحركات، جاءت من وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، حيث قصد الوزير مولاي حفيظ العلمي مجموعات أمريكية في الصناعات الغذائية وصناعة السيارات والكهرباء، ودعاهم إلى اكتشاف المناخ الاستثماري الذي يوفره المغرب. وانطلق المسؤول الحكومي في استعراض الأوراش التي اعتمدها المغرب أخيرا، أهمها مخطط التنمية الصناعية 2014 - 2020، والذي يراهن على خلق نصف مليون منصب شغل. ولم يفوت المسؤول الحكومي فرصة القمة، دون التوقف عند الأرقام الاقتصادية التي لا تصل إلى مستوى التطلعات، إذ لم تتجاوز نسبة 4.5 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. القمة مكنت المكتب الوطني للهيدروكاربورات، من الاتفاق مع أكبر المجموعات الأمريكية في الصناعات البترولية «كوسموس إنرجي» و»شيفرون» من أجل تكوين المهندسين المغاربة في الصناعات النفطية، وذلك بارتباط «ثورة» التنقيب عن الذهب الأسود والغاز الطبيعي بالمغرب. القمة الأمريكية الإفريقية للعام 2014، فتحت منافذ جديدة للمغرب وإفريقيا، إذ اشتغل المغرب على تسويق تموقعه في القارة السمراء، وشراكات التبادل الحر مع بلدان كثيرة في السوق الإفريقية، بالإضافة إلى انتشار مجموعاته في الأسواق الإفريقية خاصة في مجالات الاتصالات والخدمات المالية. ولم يغفل المستثمرون الأمريكيون معطى اتفاق التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية، حيث يشكل هذا النوع من الاتفاقات فرصة مناسبة لرؤوس الأموال للانتقال بكل سهولة والاستفادة من امتيازات عديدة، وهو ما يراهن عليه الأمريكيون الذين رصدوا 14 مليار دولار أمريكي للقارة السمراء. وفيما لم يغفل المستثمرون الأمريكيون اتفاق التبادل الحر، يراهن المستثمرون المغاربة على خلق الفرص لإقامة شراكات، وإنتاج تدفقات تجارية التي من شأنها إحداث القيمة المضافة في العديد من القطاعات. فالمغرب، يفتح للمجموعات العالمية سوقا يصل عدد المستهلكين فيها إلى مليار مستهلك، ويقرب المسافات بين السوقين الأوروبية والإفريقية، وكذا العربية. الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن للعالم ولإفريقيا أن المغرب بوابة لا محيد عنها نحو القارة السمراء، حيث ستستضيف المملكة أول قمة عالمية للمقاولات في أرض إفريقية. القمة المقاولاتية تشكل فرصة كبيرة لرجال الأعمال المغاربة من أجل الانفتاح على أزيد من 100 دولة عبر العالم، والتلاقي مع عشرات المؤسسات البنكية والخدماتية وغيرها. وبالموازاة مع التحرك الرسمي، لم تتوقف تحركات «الباطرونا»، حيث استطاعت البنوك المغربية عقد شراكات مع مؤسسات أمريكية. وهكذا دخلت مجموعة التجاري وفا بنك في شراكة مع مؤسسات أمريكية لتمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة ببلدان غرب إفريقيا. في مقابل ذلك، رفعت مجموعات أمريكية من حجم تواجدها بالسوق المغربية، فالمجموعة الأمريكية «إيتون» المتخصصة في صناعة الطاقة جعلت من المغرب منصة لتطوير إنتاجها الموجه للسوق الإفريقية، وأطلقت وحدة إنتاجية تعد الأكبر في القارة. إفريقيا، بمواردها المادية وغير المادية، رفعت شدة التنافس بين أقوى اقتصاديات العالم، فقبل قمة واشنطن، حل الصينيون بالمغرب في أول منتدى إفريقي صيني، حاملين معهم مشاريع في قطاعات كثيرة تدعمها صناديق سيادية راغبة في استثمار ملايير الدولارت، دون إغفال فرنسا المستثمر التقليدي في القارة. القارة الإفريقية التي تسجل أكبر معدلات النمو في عالم يقف مأزوما، تزيد من شراهة التنافس بعد إعلان الأتراك والروس والهند الحج نحو أسواقها. ضيق الأسواق القارية الأخرى، الأوروبية مثلا، فتح المجال أمام إفريقيا التي تراهن على التنمية الاقتصادية لمواجهة التدهور الأمني، كمقاربة جديدة أعطت أكلها في عديد من الأقطار عبر العالم.