الهجوم الإعلامي المصري السخيف الذي استهدف بلادنا في الفترة الأخيرة، وبغض النظر عن خواء وتفاهة مقترفيه، وأيضا الاعتذارات المتتالية التي صدرت عن المسؤولين المصريين وعن الأوساط المهنية والديبلوماسية، يدفعنا مرة أخرى إلى تجديد التأكيد على حاجة المملكة إلى إعلام وطني مهني بإمكانه أن ينفذ على الأقل إلى الداخل العربي وينقل لشعوب البلدان العربية الصورة الحقيقية لواقع المغرب والمغاربة، ويعرف بمختلف الديناميات الوطنية ويدافع عن القضايا المشروعة لبلادنا وشعبنا. عندما بدأت الصحف المصرية تنشر الحوارات والروبورتاجات»المخدومة»من صالونات الجزائر ضد وحدتنا الترابية، لم تكن للبلد صحيفة واحدة هناك تنقل موقفه ورأيه، وعندما ثار السجال والكلام عن المغرب والمغاربة في الإعلام المصري فجعنا كلنا بحجم الخواء، وصدمنا لكل هذا الغياب المهول لصوت المملكة داخل واحد من أهم وأقوى البلدان العربية. في أكشاكنا نجد كثير صحف مصرية يوميا، بل حتى الصحف التي نشرت مؤخرا إساءاتها في حق بلادنا وزعت وبيعت بيننا، لكن في المقابل لا زلنا نحن عاجزين سواء عن إيصال الصحف الوطنية الحالية إلى داخل مصر وبقية البلدان العربية والمغاربية، أو التوفر على صحيفة مغربية مهنية وطنية كبرى توزع داخل البلدان العربية، وذلك بعد ستة عقود من الاستقلال. نعرف حيثيات ومعادلات هذا الموضوع وشروط السوق المتحكمة فيه، ولكننا نثيره هنا من المنطلق السياسي الوطني الذي يعني الدولة والبلاد برمتها، وليس فقط المقاولات الصحفية التي لا تستطيع لحالها تغيير هذا الواقع. أحيانا تأتي بعض هوامش الأشياء، على غرار ما اقترفه بعض المصريين في حقنا مؤخرا، لتنبهنا إلى هول الغياب المغربي داخل البلدان العربية، الشيء الذي تترتب عنه انعكاسات أخرى في مجالات مختلفة. افتقار البلاد لوسيلة إعلامية واحدة كبيرة تكون حاضرة بقوة في المشهد السياسي والإعلامي والمجتمعي العربي يعني منطقيا ضعف التعريف بالقضايا المغربية لدى شعوب هذه البلدان، وقابلية هذه الأخيرة للانجرار بسرعة ضد المملكة من طرف خصومها، ويعني أيضا ضعف التأثير المغربي في قضايا ومعادلات المنطقة، ثقافيا وسياسيا وديبلوماسيا... اليوم تبقى المنطقة العربية وعموم الشرق الأوسط هي المنطقة الأكثر سخونة في العالم، وهي قبلة الاهتمام العالمي والإقليمي بالنظر لما تعيش فيه من حروب ومشاكل ومآسي وتحولات، كما أن معادلات إستراتيجية جديدة هي بصدد التشكل على صعيد المنطقة، والى جانب ذلك فان المغرب باشر مثلا توجهات اقتصادية وإستراتيجية أكثر أهمية في علاقاته ببلدان مجلس التعاون الخليجي، ولكل هذا، هو في حاجة اليوم إلى تطوير حضوره وفعله الإعلاميين داخل البلدان العربية وفي العلاقة مع شعوبها ونخبها وفعالياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، بغاية تمتين الوجود والأثر. يمكن الانطلاق اليوم من امتلاك صحيفة قوية ذات حضور وانتشار عربيين، وفي نفس الوقت العمل على تطوير عمل تلفزيوني يتوجه إلى الشعوب العربية بالاعتماد على الأرضية التلفزيونية الوطنية الحالية في انتظار القدرة على خلق شيء آخر أكثر متانة، وكذلك تطوير عمل وكالة الأنباء على صعيد البلدان العربية، والاهتمام بالإعلام الالكتروني بناء على قواعد مهنية واضحة، ثم العمل من أجل استعادة التمثيلية القوية لوسائل الإعلام العربية بالمملكة والتفاعل معها، وتقوية الجاذبية الإعلامية للمغرب. تستحق المملكة حضورا إعلاميا عربيا أحسن وأقوى مما هو متحقق اليوم. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته