جمعية «بييزاج» تختار المدرسة العمومية لتعميم ونشر الوعي البيئي شرعت جمعية «بييزاج» للبيئة في تنفيذ مشروع نموذجي للمدرسة الخضراء بأكادير بتكلفة صفر درهم. المشروع الذي يتم إنجازه بتعاون مثمر مع الجماعة الحضرية لأكادير، قسم النظافة والمغارس، يتوخى تعديل السلوك البيئي بهدف العناية والحفاظ على المرفق العام بصفة عامة، والفضاء الأخضر بصفة خاصة، ومعالجة أحد أصعب الإشكالات التي تعاني منها المدن بسبب انتشار ظواهر لا تساهم في العناية والرقي بالسلوك البيئي للمناطق ذات المنفعة الايكولوجية من حدائق وفضاءات خضراء، ومنتزهات، وشواطئ، وغابات، أو أزقة وطرقات وساحات خضراء للأحياء السكنية. وكثيرا ما يتم تهشيم مصابيح الإنارة العمومية وتخريب حاويات النفايات المنزلية بالشوارع أو وملء جدران المؤسسات التربوية وجدران المرافق الخاصة والعامة بكتابات ملوثة للمشهد البصري السليم والهادف. وتساهم هذه السلوكات في تعميم ثقافة العبث بالفضاء العام أمام ثقافة البناء والعناية والحماية، وتكريس ظاهرة الفوضى أمام قيم النظام والجمال، وذلك بالنظر إلى تنامي هذه السلوكات الضارة بالبيئة عموما والبيئة الحضرية بوجه خاص، وهو المنطلق الذي حدا بجمعية «بييزاج» إلى إبداع نمط متقدم من المبادرات البيئية والثقافة المواطنة بأسلوب تربوي جديد، وتطبيق التجربة على أرض الواقع بمؤسسة تربوية عمومية. مجهودات تبقى، حسب «بييزاج»، قابلة للاستثمار أو الاندثار عبر المسار التربوي والتعليمي للتلاميذ. المدرسة العمومية هي المشتل الحقيقي للتربية البيئية وحماية المرفق العام تعتبر المدرسة العمومية المغربية مشتلا خصبا لنشر وتعميم قيم الاعتناء بالمرافق العامة ذات الدور الإيكولوجي والبيئي. وكمدخل تربوي وتعليمي يمكنها أداء ادوار متعددة في مجال الرقي لتحقيق الأهداف النبيلة لقيم المواطنة وغايات التربية التي ينشدها المجتمع. وقد أدركت «بييزاج» غير ما مرة، من خلال تجاربها الميدانية مع فئات المتعلمين، بأن تعديل السلوك الإنساني تجاه البيئة لحمايتها هو مسألة تربية وتكوين وتعليم وتلقين للقيم البيئية والإيكولوجية عبر مراحل النمو العقلي والجسدي للإنسان، وأن سلوك حماية البيئة، هو سلوك وطقس يومي مرتبط أساسا بوجود الإنسان كعنصر فاعل ومؤثر في البيئة من خلال كيفية التعامل مع ما يحيط بنا من مكونات أخرى نباتية حيوانية نفايات وليس مسألة نشاط أو مناسبة دورية سنوية كما يعتقد السواد الأعظم من الناس. فالمدرسة العمومية هي المشتل الأساسي للمرفق العام والذي من خلاله تمتد ثقافة حماية المرفق العام عبر فضاءاته الخضراء ومساحاته المغروسة وتجهيزاته العمومية وتدبير اقتصاد الماء والكهرباء وحماية المغروسات والاعتناء بالأشجار، وسقيها وشذبها، وتشجير المساحات الفارغة للمساهمة في جمالية المدرسة المغربية العمومية، وللرفع من معدلات المساحات الخضراء للفرد داخل المجالات الحضرية والتحسيس بأهمية وادوار الأشجار في تلطيف الجو والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وهذا لن يتأتى من وجهة نظر جمعية «بييزاج» للبيئة إلا بواسطة تعاون مثمر بين المؤسسات المنتخبة، والمجتمع المدني، والمدرسة العمومية بأكادير، ومن خلال أنشطة يدوية واحتكاك مباشر وممتد بالبيئة في المحيط المدرسي ومنهج تنشيطي يستحضر البعد البيئي في أبعاده العلمية والثقافية والأدبية والفنية. إقبال كبير من التلاميذ على اقتسام القيم النبيلة للتضامن والعمل الجماعي وحماية البيئة انطلقت العملية بتجربة نموذجية لمشروع المدرسة الخضراء بالثانوية الإعدادية محمد الشيخ السعدي بأكادير، وهو مشروع يمتد على المدى الطويل ويشرف عليه الأستاذ رشيد فاسح والأستاذة خديجة أمنصور العاملين بنفس المؤسسة. واستفاد المشروع من تعاون كبير من قبل رئيس قسم النظافة ورئيس قسم المغارس بالجماعة الحضرية لأكادير اللذين وفرا للجمعية جميع سبل نجاح التجربة النموذجية من أدوات ومغروسات وآليات وتربة الغرس. وتم لذات الغرض تعبئة وتكوين حوالي 80 تلميذ وتلميذة لهذه المبادرة البيئية والثقافية والتضامنية، حيث تكفلت الفتيات بإعداد وجبات إطعام المشاركين بمختلف الأطباق من الحلوى والشاي وأشياء أخرى، فيما يشبه حفل نهاية سنة دراسية أشرفت عليه الأستاذة المنشطة، بينما تكفل الأستاذ فاسح بعمليات النظافة والبستنة والغرس. التجربة بينت لجمعية «بييزاج» للبيئة أن للتلاميذ قابلية قصوى في الإقبال على قيم التعاون الجماعي للمصلحة العامة والتعلم النشط وقيم التضامن والمساهمة في أنشطة حماية البيئة المدرسية من خلال إحضار وتلوين العجلات المطاطية بأنفسهم بتأطير من أستاذة الفن التشكيلي بنفس المؤسسة، وكذلك عمليات النظافة الجماعية والقيام بحفر الأرض وفق المعايير، وغرس الأشجار بعناية ووضع تربة الغرس وسقي الأرض قبل وبعد غرسها، وتتبع عمليات السقي بشكل يومي وبالتناوب من طرف جميع التلاميذ بالمدرسة. ويعتبر تكريس هذا السلوك والارتباط البسيط بالأرض وبالأشجار كمفهوم بيئي من وجهة نظر»بييزاج» ارتباطا آخر جد مهم وكبير لا يقل أهمية، ويعزز لدى المتعلمين المغاربة، أطفالا وشبابا، ذكورا وإناثا، التمسك بالأرض كمفهوم أكبر وكوطن وكانتماء وتشبث بها كما تتشبث الجذور بالأرض. كما تعتبر «بييزاج» عدم استثمار هذه السلوكات والقابلية الإيجابية للمتعلمين، من كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار والمستويات في مجال التنشيط المدرسي، هدرا كبيرا في مجال بناء الشخصية المتكاملة للإنسان المغربي وللأدوار الممتدة في باقي الفضاءات والمرافق الأخرى، خصوصا أدوار حماية والاعتناء بالبيئة، وهو الفرق الذي نعاينه كلما حاولنا إدراك الفروق في نسب التخلف بين سلوكنا اليومي التلقائي في الفضاء العام، وبين سلوك الأجانب في بلدانهم مع بعض الاستثناءات النسبية القليلة. وعي بيئي متنام في صفوف ساكنة أكادير بالأحياء الشعبية بأكادير، بصفة خاصة، نمت في الآونة الأخيرة مظاهر وسلوكات حملات النظافة والغرس وحماية البيئة الحضرية للأحياء بشكل ملفت للنظر. هذه المبادرات التي تقودها جمعيات ثقافية ورياضية وجمعيات الأحياء، هي نتاج تنامي الوعي البيئي عند الساكنة المحلية في الفترة الأخيرة بفضل مجهودات الجميع، ونخص بالذكر وسائل الإعلام المحلية المختلفة، والساكنة التي تقوم بتنظيم حملات بتعاون مع السلطات المحلية والجماعة الحضرية لأكادير، حيث يتم إيلاء القضية البيئية أهمية قصوى خاصة خلال السنوات الأخيرة، من ما تعرفهعرف الجهة إحداث المساحات الخضراء ومرافق القرب للشباب والأطفال والشيوخ وكذلك بالعديد من المدارات والمحاور الطرقية والساحات الفارغة، والتي يجب العناية بها وتعزيزيها وحمايتها. يبقى فقط أن العديد من المبادرات هي في حاجة إلى مقاربة تشاركية وحوار صريح وحقيقي، مع المجتمع المدني، لإنجاح هذا الحراك البيئي والإيكولوجي المواطن بالمدينة، وتبادل وجهات النظر والتعاون حول القضايا البيئية بما يخدم المصلحة العامة في بعدها الإنساني والكوني، ليس بأكادير فقط بل بسوس الكبير، بكل من إنزكان وآيت ملول والدشيرة، التي تشهد هي كذلك هذا الحراك البيئي المهم كذلك وبحاجة إلى استثماره وتعزيزه بما يخدم نشر وتعميم السلوك البيئي عند مختلف الأجيال، خصوصا فئات الشباب والأطفال. ومن هذا المنطلق فجمعية «بييزاج» للبيئة بأكادير الكبير تعتبر أن التربية البيئية وتعديل وتهذيب السلوك تجاه المرفق العام عموما منطلقه هو المدرسة المغربية، وتعتبرها مسؤولية جماعية ومشتركة داخل المجتمع، لتنافي السلوكات العدوانية والانحرافية والتخريبية والتضليلية للشباب والقاصرين. كما تعتبر أن تعميم هذا الوعي المتقدم والمواطن يتم بواسطة الشراكة والتعاون بين المدرسة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، وجمعيات المجتمع المدني المواطنة العاملة في المجال البيئي والتنشيط الثقافي والفني، خاصة أن نتائج هذه المبادرة خلقت لدى المتعلمين نفسا جديدا وشعورا بالمسؤولية الإيجابية تجاه المدرسة التي يمكن أن تنوع أنشطتها وإيقاعاتها التربوية بأشكال عدة.