دفعت الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببلدان الاتحاد الأوربي منذ أكثر من ثلاث سنوات إلى إظهار قدر كبير من المرونة اتجاه إجراءات الحصول على التأشيرة للراغبين في الدخول إلى فضاء «شينغن»، إذ أعلنت المفوضية الأوربية اعتزامها إقرار سياسة جديدة لتسهيل الإجراءات الخاصة بالحصول على التأشيرة، بهدف تحفيز قطاع السياحة وتحريك الاقتصاد، وهي تسهيلات من المرجح أن يستفيد منها بالأخص السياح ونساء ورجال الأعمال والطلبة والأساتذة الباحثون. وتأكيدا لهذا النهج الجديد، قالت سيسليا مالستروم مفوضة الاتحاد الأوربي للشؤون الداخلية «كل سنة تحول الإجراءات الحالية دون حصول الكثيرين من السياح المحتملين على فرصة زيارة أوروبا، وهذا لا يشكل مشكلة بالنسبة لأولئك الذين ينتظرون الحصول على تأشيرة فقط، وإنما ينطوي أيضا على خسائر كبيرة للاقتصاد الأوروبي .نحن لا نقدر المنافع التي يمكن أن تعود علينا من وراء هؤلاء الزوار». وأضافت مالستروم في تصريح ل «بيان اليوم» ببروكسل تزامنا مع انعقاد قمة الاتحاد الأوربي إفريقيا، « لقد حان الوقت لأوروبا للقيام بتغييرات ووضع سياسة ذكية للحصول على التأشيرة، ذلك أن ما يقارب ستة ملايين ونصف مليون شخص في شتى أنحاء العالم لا يحصلون على تأشيرة شينغن بسبب طول أمد الإجراءات المعمول بها حاليا ولغلاء رسومها». وكشفت أنه بموجب الإجراءات الجديدة المزمع اتخاذها، سيتم تخفيض المدة التي تستغرقها السلطات للموافقة أو رفض التأشيرة من 15 يوما المعمول بها حاليا إلى عشرة أيام، مع منح تسهيلات جديدة للذين يسافرون كثيرا بالحصول على تأشيرة دخول فضاء شنغن لثلاث سنوات كاملة، وإتاحة وضع طلب الحصول على التأشيرة عبر الانترنت. هذا فضلا عن منح تسهيلات إضافية للذين يرغبون في زيارة أقاربهم وعائلاتهم وسبق أن استفادوا من التأشيرة ولم يسجل عليهم أي إخلال بشروط الإقامة المتعلقة بالمدة. ويسهل مشروع القانون الجديد إمكانية الحصول على تأشيرة لمدة سنة كاملة للزوار الذين يريدون القيام بجولة سياحية في دول منطقة «شينغن»، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا يحق له الإقامة في دولة واحدة أكثر من تسعين يوما في غضون نصف سنة، كما سيتم إلغاء التأمين الصحي الذي كان لحدود الآن إجباريا بالنسبة للمواطنين القادمين من دول خارج الاتحاد الأوروبي والذي يشكل إجراء مكلفا وشاقا. وأبرزت المسؤولة الأوربية أن كل هذه الإجراءات من المتوقع أن تساهم بشكل لافت في تحفيز قطاع السياحة، إذ من المتوقع أن ترفع عدد الزوار لبلدان الاتحاد الأوربي بنسب مهمة، وقد تتراوح النسبة في ستة من بلدان الاتحاد ما بين 30 و60 في المائة، ناهيك عن تحقيق العديد من القطاعات المرتبطة بقطاع السياحة أرباح إضافية تقدر ب 130 مليون أورو كالفنادق والمطاعم والنقل والتسوق وغيرها من الخدمات الترفيهية المقدمة للسياح، وكذا تحقيق 1.3 مليون فرصة عمل إضافية». وبنفس التفاؤل يرى نائب رئيس اللجنة الأوروبية المكلفة بالصناعة والمقاولات، أن الإجراءات الجديدة لتسهيل الحصول على التأشيرة لدخول فضاء «شينغن»، تمثل دعما لقطاع السياحة في أوروبا في وقت أصبحت فيه المنافسة الدولية قوية بالنظر لتزايد عدد الدول المعتمدة على السياحة لتحقيق النمو الاقتصادي، قائلا «إن الإجراءات الجديدة في مجال الحصول على التأشيرة تعد بمثابة إجابة على هذا التحدي». وأوضح أن التغييرات التي يتضمنها مشروع القانون الجديد ستساعد قطاع السياحة لمواجهة الارتفاع المتزايد لعدد السياح الراغبين في زيارة أوروبا، خاصة وأن السياحة تعد أحد محركات التنمية في المنطقة الأوروبية، وتعتبر إحدى أعمدة الاقتصاد الأوروبي خلال الأزمة الاقتصادية الحالية. ولم تلق هذه المبادرة إجماع برلمانيي الاتحاد الأوروبي، فالمؤيدون اصطفوا إلى جانب الرأي الذي أدلت به مفوضة الاتحاد الأوربي للشؤون الداخلية، معتبرة الخطوة بمثابة دفعة قوية لتحفيز قطاع السياحة، في حين يرى المتخوفون من المبادرة، أن الإجراءات الجديدة ستجعل أوروبا تفتح أبوابها على مصراعيها للذين يريدون العيش في دول الاتحاد، بما يشكله ذلك من ضغط على الاقتصاد الأوروبي وأخطار على أمن الاتحاد، حسب ما تم تقديمه من مبررات لرفض المشروع.