مافتئت تتواتر ردود الفعل المنوهة بالقرار التاريخي الذي اتخذه البرلمان مؤخرا بالمصادقة على مقترح القانون القاضي بتعديل الفصل 475 من القانون الجنائي والذي تقدم به النقيب عبد الطيف أوعمو عن فريق التحالف الاشتراكي (التقدم والاشتراكية) بمجلس المستشارين، والذي بموجبه تم إقرار إحدى الآليات التي ستحد من الإفلات من العقاب الذي كان يتمتع به مقترفو أفعال الاغتصاب في حق الطفلات، إذ سجلت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بارتياح اعتماد هذا المقترح من طرف المؤسسة التشريعية، معتبرة أن المبادرة تعد مدخلا للاستجابة لمطالب الحركة النسائية والحقوقية بإجراء تعديل شامل للقانون الجنائي بما يضمن العدالة الجنائية للنساء وحمايتهن وتجريم كل أشكال العنف والتمييز. الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، باعتبارها إحدى المكونات الأساسية للحركة النسائية والتي رفعت قبل سنوات مطلب الإصلاح الشامل لمنظومة القانون الجنائي بشكل يضمن الحماية والعدالة الجنائية للنساء، وصفت إقدام مجلس النواب على المصادقة على مقترح القانون القاضي بتعديل الفصل سالف الذكر، بالتطور الهام الذي يهدف إلى تعزيز الحقوق والحريات في مجال التشريع الجنائي، مبرزة أن من شأنه أن يضع حدا للإفلات من العقاب لكل من يحاول المس بالسلامة الجسدية والنفسية للطفلات بل ويعزز حمايتهن من الاغتصاب والعنف. إعدام الفصل 475 من القانون الجنائي الذي كان قبل تعديله يخول للمغتصب الزواج من ضحيته ومجازاته بذلك على فعلته وتمكينه من الإفلات من المتابعة القضائية ومن العقاب على فعل جرمي خطير، يعد مبادرة تكرس مسار التزام المغرب بمقتضيات المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان وخاصة حماية الأطفال، بل ومبادرة تنهي مأساة الآلاف من الفتيات القاصرات اللواتي كن يجبرن من طرف أسرهن ودرء لما يعتبر فضيحة إلى الزواج من مغتصبهن وتعرضهن بذلك للاغتصاب مدى الحياة تحت غطاء القانون وبمباركة رسمية، والتي يعد أوضح تجل لها الفتاة الضحية أمينة الفيلالي بمنطقة العرائش التي اختارت الانتحار للهروب من مثل هذا الجحيم. هذا ولم تتوقف مطالب الجمعية بالتركيز فقط على إجراء إصلاح شامل للقانون الجنائي بما يضمن العدالة الجنائية للنساء وحمايتهن وتجريم كل أشكال العنف والتمييز، بل شملت أيضا مطلب إرساء هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز كآلية من آليات حماية الحقوق الإنسانية للنساء وتحقيق مبدأ المناصفة بين النساء والرجال. ومن جانبها اعتبرت منظمة العفو الدولية التي ثمنت قرار مجلس النواب بتبني مقترح القانون القاضي بوضع حد لزواج المغتصب من ضحيته القاصر والحيلولة بذلك دون معاقبته، بأن الأمر يتعلق بإجراء إيجابي لكن لازال على المغرب القيام بالكثير في مجال حماية النساء والفتيات. وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة، حسيبة حاج صحراوي في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه، «إن تصويت البرلمان على مقترح القانون بتعديل الفصل 475 من القانون الجنائي، يعد أمرا إيجابيا، ولكن المغرب مازال مطالبا باتخاذ تدابير جوهرية تتمثل أساسا في وضع استراتيجية مندمجة لحماية النساء والفتيات ضد العنف وذلك عبر اعتماد مقاربة تشاركية مع الهيئات المدافعة عن حقوق النساء والتي تم إقصاؤها إلى حدود اليوم من مسلسل إصلاح التشريع الجنائي».