باتت المصانع الإسرائيلية الكيماوية المقامة على أراضي المواطنين غرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، (باتت) مصدر تهديد بالموت لأهالي المنطقة الذين يستنشقون الغازات المنبعثة من تلك المصانع، ويتنفسون الهواء الملوث بالدخان المتصاعد منها، ويعيشون على الأراضي الملوثة بمخلفات تلك المصانع التي باتت تعرف فلسطينيا بمصانع «الموت الكيماوي». وجاءت تلك المصانع الكيماوية الخطيرة لتقام على أراضي المواطنين في المنطقة الغربية من طولكرم بعد أن أجبرت على الرحيل من داخل الأراضي المحتلة عام 1948، والتي يسكنها الإسرائيليون، بقرار من المحاكم الإسرائيلية لتغلق أبوابها لما تسببه من مخاطر صحية جسيمة على حياة البشر، فرحلت من داخل إسرائيل لتنتقل لأراضي الضفة الغربية وتفتك بحياة الفلسطينيين، بعيدا عن المحاكم والقوانين الإسرائيلية التي تحرص على الحفاظ على حياة الإسرائيليين. وأكد عبد الخالق جبارة مدير العلاقات العامة في بلدية طولكرم لبيان اليوم الجمعة الماضي بأن تلك المصانع أغلقت في داخل إسرائيل بقرار من المحاكم، فوجد القائمون عليها ضالتهم بنقلها للأراضي الفلسطينية بالتنسيق مع سلطات الاحتلال التي لا تكترث بما تخلفه تلك المصانع من موت في صفوف الفلسطينيين والضرر الجسيم الذي تسببه لبيئتهم. وفي حين أجبرت تلك المصانع على الرحيل من داخل إسرائيل حماية لأرواح السكان هناك، وضعت رحالها على أراضي الفلسطينيين شمال الضفة الغربية، وبقوة الاحتلال، لتنشر الموت في صفوفهم جراء الأمراض الخطيرة التي تسببها مخلفات تلك المصانع والتي يتم التخلص منها عبر الهواء المستنشق من قبل الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة، وذلك في ظل عدم وجود جهات قادرة على منع سلطات الاحتلال من وقف مسلسل الموت الذي تسببه تلك المصانع للأهالي. وتعتبر منطقة المصانع الكيماوية الإسرائيلية غربي مدينة طولكرم، والتي تضم العديد من المصانع، مصدرا حقيقيا للموت، حيث أكدت الدراسات البيئية على خطورة الأوضاع الناجمة عن الأبخرة التي تنبعث منها، مثل تلك التي تخرج من مصنع «كيشيت بريما» الإسرائيلي لصناعة المبيدات الحشرية والمقام على حدود مدينة طولكرم. وأشارت تلك الدراسات أن الأبخرة تحتوي على أوكسيدات الكبريت ومواد كبريتية أخرى، وبعض أكاسيد النيتروجين الأوزرون، وأكاسيد الكربون، والفورمالديهايد، وبعض الجسيمات المعلقة في الهواء، كما أن الفضلات السائلة الصناعية الناتجة عن المصنع تذهب إلى الأرض الفلسطينية وهي تحتوي على تركيزات عالية من «سلفا أسيد» التي تشكل اللبنة الأولى في سلسلة تفاعلات تؤدي إلى تصنيع «آمونيا سلفامات» الذي يعمل كمبيد عشبي قاتل للمجموع الخضري. ويترتب على تلوث الهواء المزمن بهذه الملوثات ارتفاع كذلك في نسبة الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، مثل الالتهاب الشعبي المزمن والربو الشعبي وانتفاخ الرئة وسرطان الرئة والسعال. كما يؤدي هذا التلوث إلى ارتفاع نسبة إصابات العين والأنف وأمراض القلب والشرايين والحساسية، وهو يؤدي إلى تدني مستوى مقاومة الإنسان للأمراض الميكروبية بالإضافة إلى الأضرار التي يسببها تلوث الهواء بهذه المواد لصحة الإنسان. وهناك أخطار أخرى تشمل الجو والنبات والحيوان والجماد. وفيما تواصل الجهات الرسمية الفلسطينية مطالبة سلطات الاحتلال بإغلاق تلك المصانع المقامة على أراضي المواطنين بطولكرم شمال الضفة الغربية، لما لها من ضرر كبير على البيئة وصحة الإنسان، أكدت فصائل العمل الوطني في المحافظة، خلال اجتماع قيادي عقدته مؤخرا، على ضرورة التحرك رسميا وشعبيا من أجل الضغط على حكومة إسرائيل وإجبارها على إزالة مصانع «الموت الكيماوي» المقامة على أراضي غرب المدينة، والتي تشكل مخاطر وأضرار كبيرة، بيئية وصحية، نتيجة وجود هذه المصانع والمخلفات الناتجة عنها والدخان المتصاعد منها والذي يوجه عن قصد باتجاه مدينة طولكرم، حيث تعاني طولكرم من ارتفاع ملحوظ في معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض والأوبئة الخطيرة، والتي أكدتها العديد من الدراسات العلمية من قبل خبراء محليين ودوليين. وأعادت فصائل العمل الوطني، التأكيد خلال اجتماعها على عدم شرعية وقانونية إقامة مجموعة المصانع الإسرائيلية الكيماوية على الأراضي المحتلة، محذرة من استمرار السياسات الإسرائيلية التي تستهدف تلويث والإضرار ببيئة الأرض وصحة الإنسان الفلسطيني. وحملت حكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الكارثة الصحية وتداعياتها وكل ما يترتب عليها من أضرار ومخاطر جسيمة، مطالبة كافة المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية والبيئية وكافة محبي الخير والعدل في العالم، بالضغط على حكومة إسرائيل، من أجل إزالة مصانع «الموت» لما تسببه من ضرر بالغ على مستوى محافظة طولكرم عموما والمدينة بشكل خاص. وقررت فصائل العمل الوطني تشكيل لجنة شعبية لمواجهة «مصانع الموت» التي باتت خطرا دائما يتهدد صحة الأهالي في المنطقة، في حين تجلب تلك المصانع مقابل موت الفلسطينيين بالأمراض الفتاكة المرابح المالية للإسرائيليين القائمين على تلك الصناعة. وفي إطار السعي الفلسطيني الرسمي لوقف تلك الكارثة الصحية شمال الضفة الغربية، شرعت سلطة جودة البيئة في الاتصال بكافة المنظمات والهيئات الدولية المتخصصة وكل أنصار البيئة وحقوق الإنسان في العالم، للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل إخلاء ونقل هذه المصانع الخطرة من الأراضي الفلسطينية.