تونس استرجعت من لبنان مبلغ 128 مليون دولار كانت في حساب زوجة الرئيس السابق زيد العابدين بنعلي أغلب الأموال المهربة تستثمر في اقتصاديات الدول الأوربية عبر مشاريع خاصة مستغلة ظروف الأزمة العالمية احتضنت العاصمة البريطانية لندن خلال الفترة ما بين 3 و4 من شهر شتنبر الجاري فعاليات الجلسة الخاصة الثالثة للمنتدى العربي لاسترداد الأموال المنهوبة، وهي الجلسة التي خصصت لتقديم صورة شاملة عن الوضع القائم بشأن موضوع الأموال المنهوبة، والنتائج والتحديات التي تواجهها الدول العربية وهي تمر بمرحلة انتقالية في تتبع واسترداد الأموال المنهوبة من قبل رموز الأنظمة السابقة في مراكز مالية مختلفة. وحسب البلاغ الذي أصدره المكتب الإعلامي للخارجية البريطانية، فإن الجلسة الثالثة خصصت للنظر في المساهمات المتنوعة التي يمكن للمجتمع المدني أن يقدمها للمساعدة في استرداد الأموال، ابتداء بالتأييد الشعبي وتنمية درجة الوعي بأجندة استرداد الأموال، ومرورا بجمع الأدلة، وحتى اتخاذ إجراء قانوني لاسترداد الأموال المنهوبة. هذا فضلا عن العمل من أجل تمكين هيئات المجتمع المدني من تملك الأدوات اللازمة لتحليل الجهود في ضوء الخبرات المتاحة دوليًا، والدروس المستفادة وأفضل الممارسات في مجال استرداد الأموال، فضلاً عن الدور الذي يمكن للمجتمع المدني أن يقوم به وما قام به بالفعل في هذا السياق، وكذا تملك هذه هيئاته للآليات الضرورية للعمل على دمج ودعم مسألة استرداد الأموال بفعالية في بلدانها المختلفة وخارجها، بما في ذلك من خلال إعداد «كتيب عملي لاسترداد الأموال المنهوبة» لمنظمات المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. عن هذه الجلسة التي شاركت فيها مجموعة من ممثلي هيئات المجتمع المدني المغربية، فضلا عن ممثلين عن حكومات البلدان العربية المعنية بأحداث الربيع العربي والتي تخصها مسألة استرجاع الأموال المنهوبة، يحدثنا رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام محمد مسكاوي، والذي سبق وشارك في الدورتين الأولى والثانية لدى انعقادهما على التوالي بالعاصمة القطرية الدوحة، والمصرية القاهرة، على اعتبار أن الشبكة المغربية هي عضو رسمي في المجموعة غير الحكومية للشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد التي يرعاها برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، كما أنها تشكل إحدى هيئات المجتمع المدني في المغرب التي تعمل من أجل مكافحة الفساد ونهب المال العام. ما هي النقط الأساسية التي تم التركيز عليها خلال المناقشات التي عرفتها هذه الدورة، وما هي الخلاصات التي توصل إليها المشاركون بشأن استرجاع الأموال المنهوبة؟ تعد هاته الدورة الثالثة، بعد لقاء الدوحةوالقاهرة، التي تنعقد على إثر تأسيس المنتدى العربي لاسترجاع الأموال المنهوبة، وهو مبادرة تجمع ما بين الدول العربية التي تمر بالربيع العربي ومجموعة الثمانية الأوربية وشمال إفريقيا، وهدفت الدورة إلى إعداد دليل يسعى إلى كيفية استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج خاصة من الدول العربية التي مرت بأحداث الربيع العربي، حيث تتشبث الدول الأوربية بوجود عوائق قانونية وتقنية في استرجاع الأموال المنهوبة إلى الدول الأصلية، ومن أهم الخلاصات غير النهائية ضرورة إعداد القوانين الكفيلة باسترجاع تلك الأموال أولا والتفكير في خلق آلية لاستثمارها في دول الأصل تحت مراقبة المجتمع المدني بدعم من دول الاتحاد الأوربي والبنك الدولي. هل تم الاتفاق أو بلورة خطة عمل مشتركة أو خاصة بكل بلد على حدة، وحسب الحالة، لاسترداد الأموال المنهوبة؟ لقد تم التوصل إلى خلاصات وخطة عامة، من أهم محاورها ضرورة استرجاع الأموال المهربة إلى دولها الأصل وتجاوز المعيقات، وقد قدمت الشبكة المغربية لحماية المال العام عرضا استغربت فيه كيف أنه يتم في الدول الأوربية اكتشاف الأموال المهربة أو تلك الناتجة عن تبييض الأموال في إطار مكافحة الإرهاب وفي قضايا الفساد المالي، ويتم التحجج بالمعيقات القانونية، وطالبتُ شخصيا باسم الشبكة كهيئة عضو رسمي في المجموعة غير الحكومية للشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد، من هذه الدول الاعتراف بأن تلك الأموال أغلبها يستثمر في اقتصادياتها عبر مشاريع خاصة مستغلة ظروف الأزمة العالمية. هذا وقد تم الاتفاق على عقد دورات تدريبية لتطوير الكفاءات القانونية والترافع لفائدة المجتمع المدني العربي، إضافة إلى التدقيق في مراحل المطالبة، من مرحلة ما قبل التحقيق إلى مرحلة التصرف في تلك الأرصدة. وقد أبدى العديد من المحامين الأوروبيين استعدادهم للتعاون، كما تم في هذا الإطار تقديم بعض النماذج الإفريقية في استرجاع الأموال المنهوبة، لكن الخلاصة الأساسية التي تبدت هي أنه وحسب اعتقاد أغلب المشاركين، فإن الدول الأوربية على ما يبدو تعول على دور المجتمع المدني بشكل كبير جدا، خاصة في ظل تباين المواقف الرسمية التي سجلت أثناء انعقاد مؤتمر جنيف الأخير حول نفس الموضوع وكذا مؤتمر مجموعة العشرين بروسيا. وماذا كان رد فعل ممثلي الدول الأوروبية أو الغربية التي هربت إليها الأموال المنهوبة؟ كما قلت سابقا فإن هذه الدول تتحجج بالمعيقات القانونية والإدارية، فمثلا قد طلبت من بعض دول الربيع العربي الصفة القانونية للمطالبة باسترجاع تلك الأموال، وفي إطار الاقتراحات أيضا وعلى غرار لقاء القاهرة فقد طالبنا بقرار أممي ينهي مسألة الحسابات السرية بدولة سويسرا، باعتبار ذلك يتيح الحق في الوصول للمعلومة وتتبع الشبكات التي تشتغل مع الأنظمة في تبييض تلك الأموال، باعتبار تلك الجرائم جرائم ضد الإنسانية. هل تم الحديث بالأرقام عن حجم الأموال المنهوبة بهذه البلدان، وما هي حالة كل بلد على حدة بما فيها المغرب؟ التجربة الوحيدة الناجحة هي تجربة تونس التي استطاعت استرجاع 128 مليون دولار من لبنان بمساعدة السلطات القضائية اللبنانية، وكانت هذه الأموال مودعة في حساب باسم زوجة الرئيس السابق زيد العابدين بنعلي، وعدا ذلك لا توجد أية نتائج أخرى لدول الربيع العربي. وقد تم الاتفاق على تبادل الخبرات ما بين فعاليات المجتمع المدني العربي، لذلك كان لنا عدة لقاءات خاصة مع ممثلي ليبيا الذين دعونا إلى التعاون من أجل استرجاع الأموال التي هربت إلى المغرب على عهد القذافي كما يقولون. وعموما فكل التقديرات بشأن الأموال المهربة من بلدان الربيع العربي وشمال إفريقيا والتي طرحت بالمنتدى تشير إلى بليارات الدولارات التي تم تهريبها إما عن طريق المافيا أو عن طريق مختصين يتنقلون بجوازات دبلوماسية. أما بخصوص الحالة المغربية فقد تم تداولها أيضا بالنقاش من طرف بعض ممثلي المجتمع المدني المغربي، وكل تلك الآراء أجمعت على ضرورة العمل من أجل استرداد الأموال المنهوبة وإعادة استثمارها في مجالات التنمية.