حشائش وأوراق يابسة، أشجار ميتة هنا وأخرى في طريقها إلى الزوال هناك، ذاك هو مشهد أصبح عليه المنتزه الطبيعي»بيرديكاريس» بمنطقة الجبل الكبير بطنجة. هذا المنتزه الذي كانت له قيمة ايكولوجية عالية تميزه عن غيره في مختلف المناطق.كان بفضائه الواسع يستهوي الزوار من جميع أنحاء المغرب يجلب إليه المهاجرين المغاربة، وكذا الأجانب،الكل يقصده من أجل قضاء فترات في الاستجمام والراحة والاستمتاع بمنظره الخلاب. اليوم، هذا المنتزه الطبيعي الذي يمتد على مساحة تقدر بسبعين هكتارا، صار يحصي أنفاسه الأخيرة بسبب الإهمال المتعمد والتدمير المقصود الذي يتعرض له، بهذه المواصفات البئيسة اختزلت رابطة حماية المستهلكين بالشمال صورة لمنتزه تاريخي، كان حلما يغري وأصبح كابوسا يزعج المهتمين بالشأن المحلي. وحسب رابطة حماية المستهلكين بالشمال، فإن المنتزه تعرض ولمدة عشر سنوات إلى التدمير الممنهج للأشجار وإتلاف النباتات النادرة، قبل محاولة إعادة تأهيله، والتي أعطيت انطلاقتها في إطار مشروع للشراكة بين سلطات ولاية طنجة، ومجلس جهة طنجة تطوان، ومجلس جهة باكا بفرنسا، وهو مشروع رصد له إعتمادات ضخمة، من أجل إنجاز أهداف محددة متمثلة في تحصين الموقع، وتنظيم مرافقه، وترميم القصر التاريخي الموجود فيه والذي يعود تاريخه إلى نهاية القرن 19، وأخيرا استثمار المؤهلات التي يتميز بها المنتزه، إلا أن عشر سنوات مرت على إعطاء الانطلاقة لهذا المشروع ولا شيء قد تحقق لإنقاذ هذا المنتزه الطبيعي الذي يعد بمثابة معلمة تاريخية ومظهرمن المظاهر الثقافية التي يجب حفظها للأجيال القادمة، وليبقى الإهمال والتجاهل السمة البارزة في تعامل المسؤولين اتجاه هذه المعلمة الطبيعية والتاريخية.وأشارت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، إلى أن الوعي البيئي واستدماج مفهوم التنمية المستدامة في الذهنية وفي السلوك يشكلان رهانا استراتيجيا ليس بالنسبة للمنطقة فحسب بل على الصعيد الوطني،مشددة على ضرورة التعامل مع المنتزه الطبيعي والحفاظ عليه من الاندثار، وفق هذا المنظور الذي يشكل بالنسبة للمغرب رهانا حقيقيا يجب رفعه. وأكدت الجمعية على ضرورة انخراط المسؤولين في الورش الكبير لوقف التلف والتدهور بالمنتزه الطبيعي،لا سيما،الأنشطة المضرة بالبيئة التي تمارس داخل فضاءاته، من ألعاب عشوائية، وإعداد مواقد لطهي الأطعمة، وإحراق جذور الأشجار وإلقاء النفايات... ولفتت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين الانتباه إلى أنه ولحد الساعة لم يظهر أي تغييرملموس في موقف المسؤولين تجاه هذا المنتزه الذي سيكون مصيره الفناء إذا ما استمر الوضع على ماهو عليه من تدمير لبيئة المنتزه وإتلاف غطائه النباتي وأشجاره النادرة التي يزيد عمرها عن مائة سنة. إن التحرك الذي قام به المسؤولون، تقول الرابطة،لم يتعد عملية تكلفت بها مقاولة صغيرة تمثلت في تنقية الموقع وإزالة الأشجار اليابسة والمتساقطة، وتجميع جذوع الأشجار الضخمة التي تم قطعها بكيفية عشوائية من طرف إحدى المقاولات، وذلك في إطار مشروع لم يكتمل هو الآخر وكان يهدف إلى لتقليص من كثافة الأشجار وخلق فضاءات للترفيه ومقاعد للإستراحة،ورسم حدود الممرات. وأضافت الجمعية، أن بعض اللجن حلت بالمنتزه من أجل إحياء المشروع المذكور،كما طرحت المصلحة الإقليمية لإدارة المياه والغابات بالمدينة إنجاز سبع كيلومترات من الممرات داخل المنتزه من أجل تحديد المسارات، إلا أن ذلك كله لم ير النور وليبقى مصير المنتزه معلقا. وقد طالبت رابطة حماية المستهلكين بفتح تحقيق حول العوامل التي تسببت في تعطيل إعادة تأهيل وتهيئة منتزه «بيرديكاريس» التي توقفت أشغاله منذ سنة 2005.