أفاد الحسين الوردي، وزير الصحة، أنه من المتوقع الإعلان عن الميثاق الوطني للصحة الذي سيحدد الأولويات الكبرى للعمل في مجال الصحة للثلاثين سنة المقبلة، وذلك خلال المناظرة الوطنية الثانية للصحة التي ستنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك من فاتح إلى ثالث يوليوز المقبل بمدينة مراكش، تحت شعار «من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة». وأوضح الوزير الذي كان يتحدث خلال لقاء نظمه فضاء أطر حزب التقدم والاشتراكية أول أمس الخميس بالرباط، أن هذه المناظرة التي تعد الثانية من نوعها بعد المناظرة الأولى التي تم تنظيمها سنة 1969، ستتمحور حول خمس محاور رئيسية هي التغطية الصحية الشاملة ومدى فعالية أنظمة التمويل، والحكامة في القطاع الصحي، والمساواة في الولوج إلى الرعاية الصحية وما تتضمنه كحق دستوري في مجال الصحة، والتدريب وتوفر مهنيي الصحة، والتحديات الجديدة للصحة في ظل التحول الوبائي وقضايا الرصد والأمن الصحي. من جانب آخر، جدد الحسين الوردي وزير الصحة التأكيد على ضرورة الشراكة والتكامل بين القطاعيين العام والخاص، في المجال الصحي، مشيرا إلى أن معالجة الاختلالات التي تعرفها المنظومة الصحية ببلادنا، لن تتأتى دون استحضار القطاع الخاص. وأوضح الوزير، في اللقاء ذاته، أن الرؤية الجديدة لوزارة الصحة تقوم على أساس هذا التكامل بين القطاعين الخاص والعمومي على اعتبار أن هذا الأخير لن يكون بمقدوره لوحده الاستجابة لحاجيات الموطنين، مشيرا في هذا الإطار إلى ما تقوم به الوزرة بخصوص شراء خدمات تصفية الكلي من القطاع الخاص والتي تكلف الوزارة ما يناهز 308 مليون درهم. وأقر الحسين الوردي بالخصاص الكبير الذي يعرفه القطاع الصحي على مستوى الموارد البشرية والذي يصل بحسبه إلى 17 ألف طبيب، لكن ذلك يضيف الوزير لن يثني الأطر الصحية من القيام بمهامها رغم محدودية الإمكانيات، خاصة بالعالم القروي والمناطق النائية. وأضاف الوزير أنه لم يعد من المقبول رفض الأطر الطبية المتخرجة حديثا، العمل بالعالم القروي، مؤكدا على أن الوزارة اتخذت قرارا لن تتراجع عنه، وهو تعيين الأطباء ال315 بالعالم القروي، بالنظر إلى الحاجة الملحة لخدماتهم وأيضا بالنظر إلى حق المواطن في التطبيب أين ما وجد. وذكر الحسين الوردي بأولويات وزارته والمتمثلة بالأساس تنفيذ الخطة الوطنية للمستعجالات بشكل تدريجي، مشيرا إلى أن المروحيات الطبيَّة التِي تم اقتناؤها على سبيل المثَال، مكنت من إنقاذ حياة 22 شخصاً، وهو أمر مهم وأساسي لا يمكن الاستهانة به، بالإضافة إلى أحداث المستشفيات المتنقلة بالعالم القروي، وكذا الاهتمام بالصحة العقلية والنفسية التي لم تكن على سلم الأولويات خلال المرحلة السابقة. ونفى الوزير ما تم تداوله بخصوص الزيادة في ثمن الأدوية، أو الوصل إلى أي اتفاق سري مع المهنيين، مشيرا إلى أن ما روج له في بعض وسائل الإعلام مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة، وأنه حال ما يتوصل إلى اتفاق مع المهنيين سيعلنه للرأي العام. ورفض الحسين الوردي الدخول في سجال عقيم مع مروجي هذه الإشاعات أو القيام بأي ردف فعل مماثل لما يقومون به، مشيرا إلى أن تربيته الخاصة وتربيته الحزبية لا تسمحان له بالانخراط في مثل هذه السجالات، مشددا على أن ما يهم المواطن هو تخفيض الأدوية وتحسين الولوج إلى الخدمات الطبيبة وتوسيع نظام المساعدة الطبية وتوفير الأطباء والأطر الصحية. واعتبر الوزير أن الحديث عن ثمن الأدوية، هو فقط حديث عن عنصر واحد ضمن مجموعة عناصر تهم السياسية الدوائية ببلادنا والتي تستوجب اعتماد مقاربة شمولية تراعي مصلحة المواطن وكذا مصلحة الصيادلة والمصنعين. وفي معرض جوابه على تدخلات المشاركين في لقاء أطر حزب التقدم والاشتراكية الذي عرف حضورا متميزا لمختلف الفئات الاجتماعية وخاصة الشباب منهم، أكد الحسين الوردي على أن تجاوز بعض اختلالات القطاع الصحي، يستلزم إعادة النظر في الترسانة القانونية المؤطرة للقطاع، والتفكير في إمكانية فتح رأسمال المصحات الخاصة، مع الحفاظ على استقلالية القرار الطبي وجعله بيد الأطباء وحدهم،حتى لا ينحرف مسار المهنة عن رسالته النبيلة، مبرزا في هذا الصدد أن68% من دول العالم تحرير رأسمال المصحات الخاصة. ويشار إلى أن المناظرة الوطنية الثانية للصحة المزمع تنظيمها بداية الشهر المقبل، ستعرف مشاركة مجموعة من الفعاليات والشركاء بقطاع الصحة بهدف مناقشة أولويات إصلاح النظام الصحي والتي انبثقت من انتظارات المواطنين، وطموحات مهنيي الصحة وآفاق تطوير النظام الصحي الوطني. بالإضافة إلى مشاركة فعاليات من مختلف القطاعات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الاجتماعيين والهيئات المنتخبة والمنظمات الدولية وخبراء وطنيون ودوليون، بهدف تدارس وصياغة التوصيات التي ستكون قاعدة لمشروع الميثاق الوطني للصحة، والذي سيحدد الأولويات الكبرى للعمل في مجال الصحة للثلاثين سنة المقبلة.