في هذا السياق المغاربي والعربي الساخن جدا والمتحرك كثيرا، يجدر بطبقتنا السياسية أن تتأمل ما يجري في الجوار، القريب منه والبعيد، وتحسن قراءة التفاصيل والمخاطر فيه. إن ما حدث منذ أيام في تونس من مواجهات بين السلطات وعناصر سلفية متطرفة لا يجب التقليل من مخاطره، ولا التغاضي عن ربط مجرياته بكل ما يجري في المنطقة، وبما يصدر عن الحركات الإرهابية المتطرفة من تهديدات، ومن ثم، لابد من تقوية الانتباه إلى ما يتربص أيضا ببلادنا، والعمل من أجل حماية أمنها واستقرارها . أما ما يجري في الجزائر، وحتى إن كان يتعلق بالمرض وبإرادة الله، ما يجعل الدعاء بالشفاء واجب، فرغم ذلك، يبقى مفروضا على بلادنا فتح كل عيونها على ما يجري لدى البلد الجار، وأيضا تقوية الانتباه إلى كل ما قد يحدث من انعكاسات وتداعيات ليس فقط على العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين، وإنما أساسا على قضية وحدتنا الترابية، وعلى الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا، وهذا يفرض اليوم الحرص الجماعي على تمتين الجبهة الوطنية الداخلية. إذا اكتفينا بهذين النموذجين وحدهما، مع استحضار الأوضاع الحالية في ليبيا، وفي منطقة الساحل والصحراء، وحتى في موريتانيا، فان التحدي يصير مسؤولية وطنية فعلا تجاه البلاد ومستقبلها، ويفرض أن تنكب مجموع طبقتنا السياسية على تفعيل سبل وآليات كسبه. أما إذا ابتعدنا شيئا ما عن المنطقة المغاربية، فعندما نتمعن اليوم في المأساة التي تستمر في سوريا، ونلتفت إلى ما يحصل أيضا في العراق، خصوصا على صعيد الاقتتال الداخلي المروع، وإشعال كل نيران الطائفية بين العراقيين، واختراق البلاد من لدن التنظيمات الإرهابية، وأيضا المخابرات الإيرانية، بالإضافة إلى التأثير الكبير للوضع العراقي على ما يجري في سوريا، فان كل هذا يؤكد تنامي البيئة النفسية والفكرية الحاضنة للإرهاب والإرهابيين على صعيد المنطقة العربية، وهنا المخاطر تعني الجميع، شرقا وغربا. وعندما يضاف إلى هذا الجوار العامر بالمخاطر، واقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي ليست، هي الأخرى، بلا امتدادات إقليمية ودولية، فان المرء يستغرب حقا، كيف أن بعض سياسيينا هم إلى هذا الحد لا يبصرون، ولا يفهمون، ولا يقدرون، ولا يتعظون من تجارب الآخرين. لقد وضعت بلادنا لنفسها بنيانا دستوريا ومؤسساتيا يقوم على أفق متقدم قياسا إلى كامل الجوار المتحدث عنه هنا، وهي أيضا تمتلك التراكم الحزبي والثقافي والبرلماني الذي لا يتوفر لغيرها من بلدان المنطقة، لكن يتضح اليوم أنها أساسا في حاجة كبيرة وملحة إلى ثورة حقيقية على مستوى ممارسة السياسة فيها، وعلى مستوى العقل الحزبي العام، حيث أن سقطات بعض السياسيين هذه الأيام تجعل الكثيرين يخشون على البلاد ومستقبلها، ويشفقون عليها من كل هذه التفاهة المحيطة بنا، وهذا العمى الذي حل ببعض سياسيينا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته