أعلن كريستوفر روس، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، أن الوضعية الخطيرة في منطقة الساحل وجواره، والتي تتغذى على الفوضى العارمة بتندوف، تستدعي، أكثر من أي وقت مضى، حلا سريعا لهذه الأزمة. وقال روس، في أعقاب لقائه بالرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، أول أمس الخميس، بالقصر الرئاسي في نواكشوط، إن زيارته لموريتانيا تندرج في إطار جولة جديدة مكرسة للبحث عن حل لقضية الصحراء طبقا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وأنه أجرى في هذا الإطار مباحثات وصفها ب «المهمة جدا» مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز حول «أهم الوسائل للعمل على تقدم مسار المفاوضات». ورغم شح المعلومات التي يقدمها كريستوفر روس حول فحوى لقاءاته بأطراف النزاع المفتعل في الصحراء، فإن التعاليق التي تعقب هذه الزيارات تجمع على أن الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لا يرغب، خلال زيارته الحالية للمنطقة، في الاقتصار على تهيئ جولة جديدة من المباحثات غير الرسمية لا تسفر عن أي تقدم في مسار التفاوض، بل يحرص، بدل ذلك، على تجاوز الخطأ الرئيسي الذي وقع فيه، والمتمثل في عدم الاستفادة من قناعات سابقيه الذين أكدوا أن خيار استقلال الصحراء غير واقعي ويتعين تجاوزه. فالهولندي فان والسوم الذي تولى مهام المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء منذ 2005، وسابقه اريك جونسن الذي ترأس لجنة تحديد الهوية منذ 1993 وتولى مهام الممثل الخاص للأمين العام إلى غاية 1997، اعتبرا أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، في أكتوبر 2008، أن «المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء تشكل خطوة مهمة نحو حل نزاع الصحراء وأنه يتعين على الجزائر التخلي عن بعض طموحاتها». ولا يرغب روس، بعد اشتعال منطقة الساحل، نتيجة تنامي المد الإرهابي الذي يتغذى على واقع الفوضى في تندوف، الوقوع في الخطأ ذاته، وسيحرص على استحضار الاستنتاجات التي توصل إليها فان فالسوم واريك جونسون بعد تجربة عميقة وتحليل موضوعي لملابسات النزاع وخلفياته. وبالتالي لن يرغب ممثل بان كيمون للصحراء في أن يلدغ من جحر «قبول مناقشة اقتراح الاستفتاء» مرتين، وذلك خشية إعادة النزاع المفتعل إلى نقطة الصفر. ومن المنتظر أن يقدم كريستوفر روس، بعد محطة الجزائر يومه السبت، تقريرا أوليا، مطلع الشهر القادم، عن جولته للمنطقة، ستسلم نسخة منه إلى إسبانيا ثم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وانجلترا وفرنسا وروسيا بصفتها دولا دائمة العضوية في مجلس الأمن. ويستشف من تصريح روس بنواكشوط أنه سيحرص هذه المرة على تفادي ما عرضه في السابق من مقاربة سطحية للمشكل المفتعل، وسيقدم، بدل ذلك، تصورا يثبت تشبعه بطبيعة النزاع وخلفياته الحقيقية، وبمناورات «جبهة البوليساريو» التي يعلم الجميع، مسبقا، أنها تتخلى دائما عن أي مقترح يقبل به المغرب وتطرح مقترحات أخرى لا ترمي سوى إلى ضمان الانزياح عن الممر المفضي إلى حل نهائي، يخدم مصالح السكان الذين يؤدون غاليا ثمن مشكل مفتعل في الصحراء المغربية.