قرعة موحدة بين التنظيم الرسمي ووكالات الأسفار وتوقعات بانخفاض تكاليف الحج على المدى البعيد انطلقت بداية الأسبوع الجاري عملية تسجيل الراغبين في أداء مناسك الحج برسم موسم 1435/2014 الذي سيشهد لأول مرة تنظيم قرعة موحدة بين التنظيم الرسمي ووكالات الأسفار تكون بموجبها للمواطن الذي رست عليه القرعة حرية الاختيار بين هذه الجهة أو تلك لتأطيره في أداء المناسك، وذلك وسط توقعات بأن يؤدي ذلك لانخفاض أسعار الحج على المدى البعيد بفعل توسع المنافسة. وتتم عملية التسجيل في لائحة واحدة بدل نظام اللائحتين وقرعتين منفصلتين لكل من حجاج التنظيم الرسمي الذي تشرف عليه وزارة الأوقاف الإسلامية وحجاج وكالات الأسفار المعمول به سابقا، بعد أن قررت اللجنة الملكية للحج في دجنبر الماضي اعتماد هذا الإجراء إثر مقترح تقدمت به وزارة السياحة وكان موضوع طلب ملح طالما عبرت عنه الجامعة الوطنية لوكالات الأسفار المغربية. وفور الإعلان عن هذا القرار، صرح وزير السياحة لحسن حداد أن الأمر يتعلق بوكالات الأسفار التي ستخضع للعلامة التجارية بهدف ضمان تقديم خدمات عالية الجودة للحجاج، معتبرا أن قرار اعتماد لائحة واحدة سيساهم في تقليص مصاريف الحج على المديين المتوسط والبعيد. خصوص النظام الجديد للقرعة، قال رئيس قسم الحج والشؤون الاجتماعية بالوزارة خالد بوطيب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه تمت الاستجابة لهذا المطلب على أساس تجريبه هذه السنة وتقييم مدى نجاعته، معربا عن أن أمله في أن تتراجع أسعار الحج نسبيا بفعل المنافسة بين الوكالات. ولا يتوقع بوطيب أن يحدث هذا النظام فرقا كبيرا على اعتبار أن جزءا هاما من المواطنين يفضل الحج مع التنظيم الرسمي، مضيفا أن الدولة لا تتوخى الربح وهدفها أن يؤدي الحاج المناسك في ظروف مقبولة من خلال منتوج عمومي يوفر الحد الأدنى للخدمات لذوي الدخل المحدود. وحتى هذا المنتوج العمومي، الذي يقبل عليه جزء هام من المواطنين اعتقادا منهم أنه أقل تكلفة مقارنة مع وكالات الأسفار، شهد ارتفاعا متواصلا في السنوات الأخيرة، حيث اضطر الحجاج الذين رست عليهم القرعة الأخيرة لموسم 2013 الخاصة بالتنظيم الرسمي لدفع 43 ألفا و900 درهم، مقابل 41 ألف و800 درهم في 2012 و39 ألف و800 درهم في 2011. وحول ارتفاع تكاليف الحج مجددا هذه السنة، يقول بوطيب «لا نزيد في سعر المنتوج لتحسينه وإنما فقط للحفاظ على مواقعنا لأنه تم هدم أزيد من 1500 عقار جوار المسجد الحرام في إطار الأشغال الجارية لتوسعته، مما أسفر عن أزمة سكن في مكة وقلة العرض أمام حجم الطلب، وبالتالي ارتفاع الأسعار واحتدام المنافسة بين بعثات الدول التي تسعى لكراء فنادق قريبة من المسجد». واعتبر أن العديد من المشاكل المطروحة لا يرتبط حلها بالوزارة، موضحا «أن محضر الاتفاق الذي يتم توقيعه بين وزير الحج السعودي ووزير الأوقاف يتضمن نقاطا ملزمة للبعثة المغربية وعلى جميع البعثات احترامها، بما فيها ما يتعلق بالنقل والإسكان بالمشاعر المقدسة»، وأن «اختيار المخيمات في منى وعرفة ليس من صلاحيات البعثة وإنما تفرضه السلطات السعودية المعنية». وبالمقابل، تراهن وكالات الأسفار على النظام الجديد لاستمالة فئة المواطنين من ذوي الدخل المحدود ورفع حصتها التي شهدت تناقصا في السنوات الأخيرة حيث بلغت 3780 حاجا موزعة على 84 وكالة (مقابل 250 سابقا)، مقابل 28 ألف حاج أطرتهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال الموسم الماضي. ويعتبر رئيس الجامعة الوطنية لوكالات الأسفار المغربية خليل مجدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، نظام القرعة الجديد «مكسبا أساسيا ومهيكلا لقطاع التوزيع برمته، سيشكل نقلة نوعية بالنسبة للمقاربة التي كانت معتمدة في تدبير عملية الحج عامة وتسجيل المواطنين لأداء هذه الفريضة بشكل خاص». وأضاف أن النظام الجديد، الذي يروم تحرير السوق المرتبطة بتنظيم هذه العملية، «سيجعل المواطن المسجل في اللائحة، بعد الخضوع لعملية القرعة الموحدة، حرا في اختيار الجهة التي يرغب في السفر معها إلى الديار المقدسة وهو على بينة من مكونات المنتوج ونوعية الخدمات ومستوى الأثمنة التي يبني عليها اختياره». وسيدفع هذا الإجراء، حسب مجدي، القطاع لاعتماد استراتيجية تختلف عن النظام القديم الذي كان يتسم بالانتظارية (انتظار الحصة الممنوحة) والانخراط في مقاربة تستهدف التعاون والتكتل بين الوكالات لتعزيز قدراتها التجارية والاستثمارية والتنافسية في هذا المجال، وقوتها التفاوضية مع مختلف الجهات المتدخلة في هذه العملية من مقدمي الخدمات في المملكة العربية السعودية وغيرهم. وأبرز أن ذلك سيؤدي لا محالة إلى تحقيق النجاعة المطلوبة لتدبير هذه العملية وترشيدها والعمل على تخفيض الأثمان المعروضة وتحسين الخدمات المقترحة،بما يدفع المواطنين لاختيار وكالات الأسفار «التي تتميز في هذا المجال بتجربة رائدة ومهنية فائقة في تنظيم الأسفار». وسجل رئيس الجامعة أن «الحاج يرتبط مع الوكالات بعقد يحدد مسؤولية وواجبات وحقوق الطرفين المتعاقدين، مما يؤمن سفر الحاج لأداء مناسكه في أحسن الظروف وهو الهدف الأسمى الذي نسعى من أجله بتعاون وإشراف السلطات العمومية المختصة.» وتخضع الوكالات الراغبة في المشاركة في عملية الحج لمعايير صارمة، بحيث يتم إقصاء تلك التي تظهر عدم قدرتها على الالتزام بدفتر التحملات. وتتراوح منتوجاتها ما بين المنتوج الاقتصادي الذي يقارب في سعره المنتوج الذي يقدمه التنظيم الرسمي، ومنتوجي الدرجة الأولى والثانية، والمنتوج الممتاز. ويرتقب أن تجري عملية التسجيل للحج على صعيد المقاطعات والقيادات في كناش فريد ما بين 18 و29 مارس الجاري، تليها عملية إجراء القرعة ما بين 17 و28 يونيو القادم تحت إشراف لجنة مكونة من ممثلي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والسلطة المحلية ووزارة السياحة.