بالرغم من المؤهلات التي يحظى بها قطاع الصناعة التقليدية بالحوز،فإنه يواجه عددا من الاكراهات التي تبطئ تطوره، والتي تتمثل، على الخصوص، في ضعف مستوى تأهيل الصناع التقليديين، وعدم انتظام أداء سوق الصناعة التقليدية، حيث يتعلق الأمر هنا بغياب مناطق خاصة بالأنشطة التقليدية وقلة هياكل التأطير. وحسب معطيات صادرة عن المديرية الجهوية للصناعة التقليدية، فإنه تم إحصاء سنة 2008 عشر تعاونيات وجمعيات مهنية تضم فقط 608 منخرط. أما بالنسبة لعدم انتظام أداء سوق الصناعة التقليدية، فإن ذلك يرجع بالأساس إلى الهيمنة الكبيرة للوسطاء على هذا الميدان واستحواذهم على النصيب الأوفر منه وذلك على حساب الصناع التقليديين الذين يعتبرون المنتجين الأساسيين. ويعتبر المعرض السنوي للصناعة التقليدية لإقليم الحوز، الذي انطلقت دورته الثالثة يوم 16 يوليوز الجاري وستستمر إلى غاية فاتح غشت المقبل، مناسبة لتثمين عمل الصانع التقليدي المحلي، الذي بفضله ملكاته الخلاقة والمتجددة وقدرته على الإبداع استطاع ليس فقط المحافظة على فن أصيل بل وعمل على تطويره بطريقة مكنته من تصديره خارج المغرب. وقد أصبحت هذه التظاهرة،الهادفة إلى تثمين المنتوج المحلي للصناعة التقليدية،تكتسي أهمية بالغة على المستويين الجهوي والوطني لكونه يتميز بمشاركة صناع تقليديين رائدين في هذا المجال، مما يتيح لهم الفرصة لعرض منتوجاتهم وابراز كفاءاتهم المهنية، علاوة على كونه يشكل فضاء رحبا لتبادل التجارب والمعارف وربط علاقات ذات طابع أخوي وعملي. كما يشكل هذا الملتقى بالنسبة لبعض العارضين فرصة مواتية لتسليط الضوء على خصوصيات وأصالة المنتوج المحلي للصناعة التقليدية والتعريف بها أكثر سواء على المستوى الجهوي أو الوطني أوالدولي، بالإضافة إلى إعادة إنعاش بعض مهن الصناعة التقليدية المهددة بالزوال بسبب المنافسة الشديدة التي تفرضها المنتوجات المصنعة. وحسب منظمي هذه التظاهرة، فإن المعرض يعتبر مبادرة محمودة من شأنها ضمان انتعاشة حقيقية للمجال السوسيو اقتصادي للمنطقة وتنمية قطاع الصناعة التقليدية، فضلا عن كونه يعد آلية أساسية للاقتصاد المحلي ومورد دخل هام لآلاف الأسر بمنطقة الحوز. وأضافوا أن أهمية قطاع الصناعة التقليدية بالنسبة لمنطقة لها كل المؤهلات لتصبح وجهة حقيقية للسياحة الجبلية والبيئية، تكمن في العلاقة الوطيدة لهذا المجال مع الأنشطة السياحية، حيث إن ازدهار هذا الأخير له وقع إيجابي ومباشر على نمو الصناعة التقليدية. وأبرزوا في هذا الصدد أنه «إذا استطاع قطاع الصناعة التقليدية أن يعرف خلال السنوات الأخيرة دينامية مهمة، فإن ذلك راجع بالأساس إلى النمو الذي ميز المجال السياحة بالمنطقة، خاصة مع إحداث هياكل جديدة للاستقبال من بينها مآوي وفنادق مصنفة، إلى جانب التركيز أكثر على أصالة المنتوج». يتميز قطاع الصناعة التقليدية بإقليم الحوز بوفرة الموارد الطبيعية، التي تعد مؤهلات حقيقية لتنمية هذا المجال، مما من شأنه أن يجعل الصناعة التقليدية تستفيد من هذا الانسجام الكائن بين الانشطة السياحية والفلاحية. ومن بين نقط القوى التي تتميز بها الصناعة التقليدية المحلية، تنوع منتوجاتها من فخار ونسيج وطرز وألبسة ونحث وحديد مطروق، علاوة على المنتجات الخشبية والشموع والحلي ومختلف مواد التزيين والزخرفة. وانطلاقا من معاينة واقع هذا القطاع، فإن عدد الصناع التقليديين على مستوى هذا الإقليم يصل إلى حوالي 40 ألف شخص، الشيء الذي يبرز مدى توفر اليد العاملة، خاصة لدى النساء اللواتي يتوفرن على خبرة جد هامة في هذا المجال. ويبقى عامل القرب من مدينة مراكش (الوجهة الأولى للسياحة على الصعيد الوطني)، أحد العناصر الهامة لتسويق منتوجات الصناعة التقليدية المحلية، علاوة على مساهمة هذا العامل في جلب نسبة كبيرة من السياح لزيارة الإقليم. كما يتميز القطاع بمساهمة أساتذة هذا الفن «المعلمين» في النهوض به إلى جانب العمل الكبير الذي يقوم به الجيل الجديد من الصناع التقليديين الشباب الذين ما فتئوا يضيفون لمسات من الابداع والابتكار على هذا المنتوج، مما عمل على تلبية مختلف أذواق الزبناء، وجعل هذا القطاع أكثر تنافسية والمساهمة في تحسين ظروف عيش الساكنة المحلية. ويحظى قطاع الصناعة التقليدية باقليم الحوز باهتمام خاص من قبل السلطات المحلية، والذي يتجسد في عدد المشاريع البنيوية المبرمجة للسنوات المقبلة،والهادفة إلى تحفيز الصناع التقليديين المحليين للعمل على المحافظة على هذا المجال عبر التحلي بالإبداع والابتكار والجودة. وفي هذا الصدد، يعتبر المشروع الأول المخصص لهذا المجال إحداث متحف، وتأهيل وإعداد الفضاءات الخاصة بالصناع التقليديين (قرى)، تتوفر على معايير الصحة وتتميز بعامل القرب من الشبكة الطرقية مما من شانه ضمان تسويق أفضل للمنتوجات الصناعة التقليدية.