مكتسبات ملموسة وتراكمات إيجابية تفرض المضي إلى أمام على درب الإصلاح ضمانا لحقوق المرأة والطفل شكلت الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، التي عقدها مجلس النواب، أول أمس الاثنين، حول تعزيز حقوق النساء ومناهضة العنف الأسري، مناسبة وحدت بين الأغلبية والمعارضة بخصوص استمرار بعض مظاهر الإقصاء والعنف اتجاه النساء وسبل الحد منها، ومحطة تباينت فيها مواقف الطرفين بخصوص تقييم ما حققته الحكومة في هذا المجال. وفي هذا السياق، عدد فريق التقدم الديمقراطي ما تضمنه البرنامج الحكومي بخصوص النهوض بوضعية النساء وتعزيز حقوقهن، ومحاربة العنف ضد النساء، وبالاستراتيجيات التي تم اعتمادها في مجال محاربة الأمية، وتفعيل مراكز الاستماع، وتعزيز المكتسبات التي تحققت لفائدة المرأة والرامية إلى تكريمها. كما أكد الفريق و ضرورة قيام الحكومة بجهود أكبر للوقوف على مكامن النقص والارتقاء الى ما يتضمن الدستور من مقومات يمكن استغلالها لبلوغ المناصفة وحماية حقوق المرأة والطفل . فيما يلي نقدم المداخلة الكاملة لرشيدة الطاهري وملخصا لمداخلة النائبة نزهة الصقلي اللتان شددتا على طموح كل المغربيات لتحقيق المساواة بين الجنسين وحظر التمييز في كل مجالات السياسات العمومية. النائبة رشيدة الطاهري: نريد من الحكومة تثمين التراكمات وتقديم قيمة مضافة بتفعيل روح ومنطوق الدستور حول المساواة سعيدة لتناولي الكلمة باسم فريق التقدم الديمقراطي في هذه الجلسة التي نخصصها لمناقشة موضوع حقوق النساء والمساواة ومناهضة التمييز في السياسات العمومية، هذه الجلسة التي نريدها دورية. نود بداية أن نسجل في فريق التقدم الديمقراطي ارتياحنا الكبير لبرمجة الموضوع لأول مرة لمناقشته. وإذا كنا طرحناه فلأن المغربيات، نصف المجتمع، لهن انتظارات ومن حقهن، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، أن يعرفن مكانة حقوقهن في مجموع السياسات العمومية. المساواة بين الجنسين وحظر التمييز مسألة عرضانية تهم كل مجالات السياسات العمومية، وبالتالي سأتطرق لبعض القضايا في الحيز الزمني المخصص لمداخلتي هذه. لقد راكمت بلادنا مكتسبات مهمة على طريق المساواة ذكرتموها السيد رئيس الحكومة، نثمنها ونعتز بها، مكتسبات تحققت بالتقائية مجهودات المجتمع المدني والإرادة السياسية، لكن هناك في نفس الوقت خصاصات كبرى. فلا زالت هناك هوة بين مضامين الاتفاقيات الدولية لحقوق النساء وبين التشريعات الوطنية من جهة وبينها وبين المعيش اليومي للنساء والفتيات من جهة أخرى. السيد رئيس الحكومة نفرح حين تعتمد الحكومة البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، ضمن مجموعة من البروتوكولات، ولكننا نقلق لما يرتب المغرب في المراتب الأخيرة حسب العديد من التقارير الدولية، وأساسا بسبب أوضاع النساء: بسبب الأمية ، بسبب عدم تمدرس الفتيات، بسبب تشغيل الطفلات خادمات في البيوت، لكن أيضا بسبب ضعف نسبة النساء النشيطات اقتصاديا، إذ لا تتجاوز هذه النسبة 27 % وهي أضعف نسبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أن النساء المقاولات لا تتجاوزن 12 % من مجموع المقاولات أخذا بعين الاعتبار الصعوبات في الولوج للقروض وغيرها من المعيقات. وإننا لنتساءل على سبيل المثال: كم نسبة مناصب الشغل المحددة للنساء ضمن مناصب الشغل المحدثة برسم ميزانية 2013؟ وما هي التدابير لتشجيع تشغيل الشابات؟ هذه المعطيات وغيرها كثير مما يبين التفاوتات واللامساواة، تضمنها تقرير النوع الاجتماعي المرفق بمشروع ميزانية 2013، لكن أين يكمن المشكل ؟ إنه في كون هذا التقرير لا يتم توظيفه أثناء إعداد البرامج و الميزانيات القطاعية ولا يتم اعتماد هذه المعطيات بشكل منهجي. ونود أن ننبه لمطالب النساء السلاليات وحاجتهن لقانون يحمي حقوقهن. أما فيما يتعلق بالعنف ضد النساء فستتناوله المداخلة الموالية، لكن أود أن أشير إلى رقمين فقط حسب البحث الوطني للمندوبية السامية للتخطيط. 62.8 % من المبحوثات تعرضن للعنف خلال السنة السابقة للبحث، وحسب مكان حدوث العنف، فإن نسبة 55% تتم في بيت الزوجية. إن الأرقام لها دلالاتها وهي أدوات لمعرفة الواقع، ولرسم السياسات وتحديد الأولويات. وقد دأبت الحكومات السابقة، ومنذ 1998 ، على نشر تقارير تتضمن معطيات عن حالات العنف المصرح بها لدى الشرطة، لدى الدرك الملكي، لدى المحاكم، لدى وزارة الصحة، ومن خلال الخط الأخضر لوزارة التنمية، وذلك في إطار الحملة الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء من 25 نونبر إلى 10 دجنبر من كل سنة. نتساءل السيد رئيس الحكومة عن عدم تنظيم الحملة الوطنية لمناهضة العنف لهذه السنة وعدم تقديم تقرير كما كان الأمر سابقا. النساء القرويات الكل يتكلم عنهن ويتم الحديث عنهن وكأنهن نموذج واحد. ما ينبغي أن نضع عليه الأصبع هو أن أغلبية النساء القرويات يشتغلن لكنهن يحتسبن ضمن خانة مساعدات أسر لأن عملهن غير مؤدى عنه، وبدون حماية اجتماعية. والشيء بالشيء يذكر، وحسب الإحصائيات المتعلقة بالعنف فإن نسبة حدوث العنف تشكل 63% بالمدن و%57 بالعالم القروي، تلاحظون معي السيد رئيس الحكومة أن هذه الأرقام تدحض كلام القائلين بأن من تتحدثن عن العنف هن نساء الدارالبيضاء والرباط فقط. فالنساء القرويات تتقاسمن إذن العنف والتمييز مع مثيلاتهن في المدن وتطمحن لأن تتم حمايتهن وتحترم كرامتهن. المشاركة في مراكز القرار التزمتم، السيد رئيس الحكومة، ومن هذه المنصة أثناء تقديمكم للبرنامج الحكومي، باتخاذ إجراءات ملزمة لتدارك خطأ الحكومة بتعيين وزيرة واحدة. جاءنا مشروع القانون التنظيمي للتعيينات في المناصب العليا وانتظرنا أن بتم تضمينه إجراءات ملزمة، لكن شيئا من ذلك لم يحصل. فكيف ستنفذون التزامكم بدون إجراءات مدققة؟ علما أن نسبة النساء في مراكز القرار في الوظيفة العمومية حوالي 15 % فقط وأن أغلب هؤلاء النساء هن رئيسات مصالح، أي في أسفل السلم. يستتبع ذلك أن كتلة أجور النساء في الوظيفة العمومية جد ضعيفة مع ما يترتب على المسار المهني لديهن. هذا المسح يعني أن النهوض بالمساواة ومكافحة التمييز ضد النساء يقتضي مقاربة مندمجة ووجود لوحة قيادة، إنها الأجندة الحكومية للمساواة التي التزمتم بها ضمن البرنامج الحكومي، وسميتموها اليوم الخطة الوطنية للمساواة في أفق المناصفة. إننا في فريق التقدم الديمقراطي نعتبرأن تفعيل الدستور والنهوض بالمساواة لا يمكن أن يتم بإجراءات مشتتة بل من خلال خطة عمل تضمن التقائية خطط القطاعات الحكومية بمؤشرات للمتابعة. ما نريده اليوم: هو تثمين التراكمات وأن تقدم هذه الحكومة، التي نحن مكون من مكوناتها، قيمة مضافة من خلال تفعيل روح ومنطوق الدستور. إدماج مناهضة العنف والتمييز ضمن أوراش الإصلاح: - إصلاح العدالة. - القانون التنظيمي للمالية : إشراك النساء (الخبراء في مجال النوع ). - الإصلاح الجبائي : برمجة محور حول الإصلاح الجبائي ومقاربة النوع. - إصلاح أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية. - إدراج مقاربة النوع في مشاريع القوانين المتعلقة بالجماعات الترابية على مستوى : إجراءات وتدابير تمثيلية النساء في كل المجالس والهياكل. الاختصاصات التي تمكن من مناهضة العنف والتمييز( الأمن، النقل، السكن، التشغيل...). - التسريع بإحداث الهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز. - الشراكة مع الجمعيات: كرافعة للنهوض بالحقوق الإنسانية للنساء. النائبة نزهة الصقلي: ضرورة إصلاح القانون الجنائي ليتلاءم ومقاربة حقوق الإنسان أكدت نزهة الصقلي أن المغرب بحاجة إلى قانون لمحاربة العنف ضد النساء من خلال إحداث مرصد لمحاربة العنف، ودعت إلى ضرورة جعل مناهضة العنف ضد النساء يرقى إلى مستوى خدمة عمومية مواطنة أساسها مبادئ حقوقية عميقة مرتبطة بترسيخ المساواة، ولها إطار قانوني ينظمها، وتستجيب لمعايير وضوابط إجرائية موحدة، ويلتزم فيها كل طرف وكل متدخل بمصفوفة من التحملات والالتزامات تدخل في نطاق مسالك حمائية موحدة ومنظمة وسهلة الولوج للجميع وبدون تمييز. وأكدت نزهة الصقلي المغرب أن المغرب انخر بالفعل ، منذ سنوات، في محاربة هذه الظاهرة، من خلال مجموعة من التدابير ذات طبيعة اجتماعية وتشريعية، وأنه تم وضع خطط وطنية تستهدف في جانب منها مناهضة العنف الأسري عامة والعنف ضد النساء خاصة والإنصاف والمساواة بين الجنسين، مبرزة أن المغرب انخرط في تحقيق أهداف الألفية للتنمية التي ترمي إلى تحسين ظروف عيش الأسر والقضاء على الأسباب البنيوية للعنف بمختلف تجلياته (الأمية، الحرمان من أبسط الحقوق الصحية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية...)، مذكرا بما تحقق في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى محاربة الفقر والهشاشة، وخصوصا في صفوف النساء لارتباط هذا الوضع بالقابلية للعنف. بيد أنها شددت، رغم هذه التراكمات الايجابية، على ضرورة اتخاذ تدابير وقائية تعتمد نشر الثقافة الحقوقية والتربية على القيم النبيلة، وأخرى زجرية تستوجب مراجعة الترسانة القانونية والتطبيق الصارم للمقتضيات القانونية، داعية الحكومة إلى العمل على توفير الأرضية القانونية المناسبة والقابلة للتطبيق في مجال حماية النساء من العنف، مع التأكيد دائما على أن المقاربة القانونية لوحدها تبقى غير كافية للتصدي لظاهرة مرتبطة أكثر بالعقليات والبنيات المنتجة للعنف كسلوك وكممارسة، مضيفة أن الرهان المطروح يتمثل في تعزيز القانون بالتنمية والتربية، والرفع من مؤشرات التعليم والوعي بالحقوق والمساواة. كما أوصت ، بضرورة تطوير آليات الرصد القريب، عبر توفير أرضيات وبنيات مؤسساتية تكون قريبة من النساء المعنفات، وتقوم بدور مزدوج، بحيث تسمح للضحية أومن ينوب عنها بالتبليغ المباشر والفوري، وتسمح للدولة بمؤسساتها أن تشرع في عملية المواكبة الاجتماعية والنفسية للضحية وأطفالها، وتحديد معايير مضبوطة ل»مسالك الرعاية»، لأنه بالرغم النيات الحسنة والمواطنة التي من الممكن أن يعبر عنها جميع المتدخلين في المجال، تبقى المعايير غير مقننة، وتضيع المرأة المعنفة في مسالك لا تتمتع بالنجاعة. وبخصوص حماية حقوق الطفل والنهوض بها، اعتبرت النائبة البرلمانية أن هذا الورش يندرج ضمن الاختيارات التي لا محيد عنها للمغرب من أجل إرساء أسس مجتمع حداثي ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، وهو ما يفرض، تضيف المتحدثة، توفير الحياة الكريمة للأطفال والتعليم الجيد والحماية من سوء المعاملة، وضمان التغطية الصحية، إضافة إلى المشاركة المجتمعية للأطفال. وشددت الصقلي على ضرورة مواصلة انخراط كل القطاعات المعنية لرفع تحديات أخرى لا زالت تعيق مسلسل النهوض بالطفولة من قبيل تشغيل الأطفال، وزواج القاصرات، والعنف ضد الأطفال والرقي بالحق في الصحة وضمان حياة سليمة والحق في التربية والتعليم والنمو، ثم الحماية. وأبرز أن آليات تتبع ومواكبة تنفيذ هذا الورش تفرض تقوية قدرات العاملين مع الأطفال في المجال الصحي والرفع من الموارد المالية والبشرية المرصودة للنهوض بحقوق الطفل وخلق شراكة بين القطاعات المعنية بالطفولة وتطوير نظام دقيق ومندمج للمعلومات لتتبع مدى احترام هذه الحقوق. وتمحورت أشغال هذه الندوة، التي نظمت على مدى يومين، حول مجموعة من الورشات، همت «حق الطفل في حياة سليمة»، و»حق الطفل في التربية والنمو»، و»حق الطفل في الحماية»، ثم «حق الطفل في المشاركة وتعميم التسجيل في الحالة المدنية».