إقبال متزايد في صفوف المغربيات على قاتل الأنوثة يلاحظ خلال السنوات الأخيرة انتشار متزايد وسريع لآفة التدخين في صفوف النساء والفتيات بالمغرب. وعلى الرغم من أن الظاهرة ما تزال نسبيا مرفوضة ثقافيا واجتماعيا، إلى أنها بدأت بالفعل تفرض نفسها ليس فقط في المقاهي والحانات، بل أيضا في مجموعة من الفضاءات العمومية المفتوحة وعلى رأسها الشارع العام. وكانت دراسة حول انتشار التدخين بالمغرب، نشرت نتائجها في سنة 2007، قدرت عدد المدخنات بالمغرب بنصف مليون، مشيرة أن نسبة التعاطي للتدخين بالمغرب تبلغ 30% عند الرجال و3% لدى النساء، و أن هذا المعدل يرتفع عند النساء اللائي بلغن مستوى دراسيا عاليا. وكانت الدراسة قد همت العديد من الجهات التمثيلية على المستوى الوطني على اعتبار أن التدخين يمثل مشكلا حقيقيا للصحة العمومية، واستهدفت تسعة آلاف شخص ينتمون إلى الفئة العمرية المعنية 15 إلى 75 سنة. وأوضحت الدراسة أن من بين 100 مدخن، يعبر 80% عن ندمهم لاستهلاكهم التبغ، و75% يرغبون في الإقلاع عنه. وتتراوح أعمار أكثر من 60% من المدخنين بين 20 و39 سنة، في حين، تصل نسبة الأشخاص المعرضين للتدخين غير المباشر إلى 41.7%. ويصل استهلاك السجائر في المغرب إلى 14.4 مليار سيجارة في السنة، ما يكلف 9 ملايير درهم. كما تكشف دراسات بعض الجمعيات المختصة أن نسبة المدخنين في الإدارات العمومية تصل إلى 40%، وفي كليات الطب، إلى 35%. إلا أن هذه الأرقام تبدو حاليا متجاوزة وفي حاجة إلى تحيين بالنظر إلى ما أصبح الواقع يشهد عليه من ارتفاع كبير في أعداد الفتيات والنساء المدخنات، على الرغم من وعيهن بمخاطر التدخين على الصحة والتي تصل إلى السرطان مرورا بأمراض القلب والشرايين وهشاشة العظام، وفضلا عن ما يشكله التدخين من خطر محدق أيضا بأنوثتهن وصحتهن الإنجابية ومواليدهن. ويفتقد المغرب إلى سجل وطني لعدد الوفيات الناتجة عن أمراض لها صلة بالإدمان على التدخين، في الوقت الذي تؤكد الدراسات أن 41.7% من المغاربة معرضون للإصابة بأمراض خطيرة، بسبب تعرضهم للتدخين السلبي. ويمثّل تعاطي التبغ ثاني أهمّ أسباب الوفاة على الصعيد العالمي، بعد ارتفاع ضغط الدم، فهو يقف، حالياً، وراء 10% من الوفيات التي تُسجّل في أوساط البالغين في شتى أرجاء العالم. وتفيد منظمة الصحة العالمية أن التدخين يقتل ستة ملايين شخصا سنويا في العالم٬ 5 ملايين منهم مستهلكين أو مستهلكين سابقين و أكثر من600 ألف غير مدخنين لكنهم معرضين للدخان بصفة غير إرادية. وكانت منظمة الصحة العالمية قد خصصت اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لعام 2012 لموضوع «الجندر والتبغ»، مع إيلاء اهتمام خاص لمسألة تسويق التبغ للنساء.واسترعت المنظمة الانتباه بشكل خاص للآثار الضارة التي يخلّفها تسويق التبغ ودخان التبغ على النساء والفتيات. و دعت بالمناسبة إلى مزيد من العمل ضد الدعاية للتبغ التي تستهدف النساء والفتيات. وأوضحت أن النساء يمثلن أكبر سوق نمو محتمل لمنتجات التبغ وأنهن يتعرضن لحملات دعاية مكثفة في هذا المجال. وقال دوغلاس بيتشر مدير مبادرة مكافحة التبغ بمنظمة الصحة العالمية في بيان إن»صناعة التبغ تنفق بشكل كثيف على الدعاية التي تستهدف النساء لاسيما في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، إذ تحاول الدعاية خداع النساء ودفعهن للاعتقاد بأن استخدام التبغ مرتبط بالجمال والتحرر». وطبقا للمنظمة فان عدد المدخنين في العالم يبلغ مليار شخص 80% منهم من الرجال. وتبلغ نسبة المدخنين بين الرجال البالغين 40% بالمقارنة بنحو 9% بين البالغات. وتقول منظمة الصحة العالمية أن قرابة خمسة ملايين شخص يلقون حتفهم سنويا جراء أمراض ذات صلة باستهلاك التبغ بينهم 1.5 مليون امرأة. ويموت 430 ألفا آخرين سنويا جراء التعرض للتدخين السلبى يمثل النساء الثلثين بينهم. وأوصت معاهدة لمنظمة الصحة العالمية في عام 2003 أقرتها 160 دولة بفرض حظر كامل على الإعلان والترويج والتسويق لمنتجات التبغ. وأشارت المنظمة إلى أن 26 دولة فقط هي التي نفذت ذلك. من جهة أخرى، حذّر باحثون كنديون من أن تدخين سيجارة واحدة في اليوم يضاعف خطر وفاة النساء بالسكتة القلبية المفاجئة. وأفاد الباحثون الذين أعلنوا عن نتائج دراستهم مؤخرا أن «دراستنا تظهر أن التدخين هو عامل هام في السكتة القلبية المفاجئة لدى النساء ويمكن تغييره». وأضافوا أن «الإقلاع عن التدخين للوقاية من الإصابة بأمراض القلب أمر أساسي». وقام الباحثون بدراسة على أكثر من 100 ألف امرأة سليمة، وراقبوا معدل وفياتهن جراء السكتة القلبية المفاجئة. كما اطلعوا على سجلاتهنّ التي تعود إلى العام 1980، و تمت متابعتهنّ على مدى 30 عاماً، علماً أن المشاركات كانت أعمارهنّ في بداية الدراسة تتراوح بين 33 و50 عاماً. وأوضحوا أن تاريخ هؤلاء النساء الطبي كان خالياً من أمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان، مشيرين إلى أن 351 امرأة توفين بالسكتة القلبية المفاجئة خلال الدراسة. واستنتج الباحثون أن تدخين سيجارة واحدة في اليوم (أو التدخين بمستوى منخفض إلى معتدل) يزيد خطر وفاة المدخّنات بالسكتة القلبية المفاجئة مرتين ونصف المرة بالمقارنة مع غير المدخنات. كما استنتجوا أنه مع كل 5 سنوات من التدخين، ازداد هذا الخطر بنسبة 8%. ورأى الباحثون أن خطر الوفاة بالسكتة القلبية المفاجئة انخفض إلى معدل يساوي معدل غير المدخنات، بعد أقل من 5 سنوات من الإقلاع عن التدخين. كما أظهرت دراسة طبية مماثلة أن التدخين يعجل بانقطاع الطمث لدى النساء المدخنات، وأن ذلك الانقطاع ربما يزيد مخاطر إصابتهن بأمراض القلب والعظام. وجاء في الدراسة -التي نشرت في دورية مينوبوس الطبية، واعتمدت بيانات نشرت في دراسات سابقة شملت ما يقارب ستة آلاف سيدة في الولاياتالمتحدة واليابان وتركيا وإيران- أن الطمث قد ينقطع لدى المدخنات قبل عام على الأقل من انقطاعه لدى غير المدخنات. وحسب البيانات التي اعتمدت عليها الدراسة الجديدة، فإن الطمث لدى غير المدخنات ينقطع في الغالب بين سن السادسة والأربعين والحادية والخمسين، في حين أنه قد ينقطع لدى المدخنات بين الثالثة والأربعين والخمسين. وقال مؤلف الدراسة والباحث في جامعة هونغ كونغ فولودمير دفورنيك إن النتائج التي خلصت إليها الدراسة تقدم دليلا جديدا على أن التدخين مرتبط بدرجة كبيرة بانقطاع الطمث مبكرا عن موعده، وتقدم سببا جديدا للسيدات لتجنب عادة التدخين. ومن بين أكثر من 43 ألف سيدة شملتهن الدراسة، كان احتمال حدوث انقطاع الطمث المبكر أعلى بنسبة 43% بين المدخنات مقارنة بغير المدخنات. وتوصلت الدراسة إلى أن انقطاع الطمث المبكر والمتأخر يزيد أيضا مخاطر الإصابة بالأمراض. فالانقطاع المبكر يرتبط على الأرجح بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض هشاشة العظام والقلب والسكري والبدانة والزهايمر.حظر التدخين يخفض عدد الولادات المبكرة إلى ذلك أظهرت دراسة بريطانية أن حظر التدخين بشكل واسع يمكن أن يؤدي إلى تراجع حالات الولادة المبكرة وأنه ذو أثر إيجابي على صحة الأطفال. وحسب الدراسة التي أجراها علماء بجامعة غلاسغو في أسكتلندا ونشرت في مجلة «بلوس ميدسين» البريطانية فإن عدد حالات الولادة المبكرة والمواليد الذين يعتبر حجمهم صغيرا كثيرا مقارنة بأعمارهم تراجع بشكل واضح منذ اعتماد قوانين حظر التدخين في الأماكن العامة. وقال الباحثون إن العلاقة بين تراجع حالات الولادة المبكرة وحظر التدخين تظهر لدى الأمهات المدخنات وغير المدخنات مما يدل على مدى خطورة التدخين السلبي. كما أشاروا إلى أن هناك استمراراً في تزايد الأدلة على أن ضبط التدخين من خلال فرض قوانين خاصة بذلك له تأثيرات إيجابية على الصحة. وأوصوا المزيد من الدول باعتماد قوانين مشابهة لقوانين حظر التدخين. واعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات جميع الأطفال حديثي الولادة في أسكتلندا الذين ولدوا في الفترة بين يناير 1996 وديسمبر 2009. يذكر أن أسكتلندا اعتمدت قوانين حظر التدخين منذ مارس 2006 مما أدى إلى تراجع أعداد الولادات الفاشلة بنسبة 10% منذ ذلك الحين.