نظمت جمعية فضاء للمستقبل المنضوية تحت لواء فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، يوم أمس، وقفة أمام مقر البرلمان بالرباط، تحت شعار «وقف ما تحرش بيا.. متساويين فالكرامة والحرية». وتأتي هذه الوقفة التحسيسية في إطار فعاليات الحملة الوطنية لمناهضة التحرش الجنسي التي تنظمها الجمعية منذ 14 نونبر الماضي وإلى غاية 4 دجنبر الجاري، وذلك بتزامن مع تخليد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء الذي يصادف 25 نونبر من كل سنة. وتشمل أنشطة الحملة كذلك تنظيم عدد من اللقاءات التواصلية والندوات والعروض داخل المؤسسات التعليمية والجامعات. وكانت ممثلات الجمعية قد أوضحن في ندوة صحفية نظمت مؤخرا بالدار البيضاء أن انفتاح الجمعية على المؤسسات التعليمية ومحيطها جعل متطوعيها يقفون على قوة ظاهرة التحرش الجنسي في غياب تناول جدي من قبل السلطات المعنية، وذلك على الرغم من التداعيات الخطيرة للظاهرة على النساء والفتيات وعلى المجتمع برمته. وأكدت المتدخلات خلال الندوة أن الأرقام تفيد بتضرر شريحة الشابات والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 12 و30 سنة، على الخصوص، من هذه الظاهرة، سواء في المدن أو القرى. وتستوي في ذلك التلميذات في جميع المستويات الدراسية، والشابات المتزوجات أو العازبات، المشتغلات منهن والعاطلات. وتتفاوت طبيعة السلوكات المندرجة في سياق التحرش الجنسي، حسب المعاينة الميدانية للجمعية ومعطيات الدراسات حول العنف ومراكز الاستماع والنجدة للنساء ضحايا العنف، بين النظرات غير البريئة والمساومة والابتزاز في إطار المسار الدراسي أو في إطار العمل، والإهانات اللفظية والكلام البذيء والملاحقة في الشارع، والإيحاءات الجنسية، وصولا إلى التحرش الجسدي من خلال لمس بعض مناطق جسد المتحرش بها بعنف أو بغير عنف. كما تتفاوت درجة التضرر من التحرش حسب هوية المتحرش الذي قد يكون شخصا له سلطة على المتحرش بها في المؤسسة التعليمية أو في العمل، كما قد يكون شخصا مقربا منها أو مجهولا يعترض طريقها دون سابق إنذار. وحسب الجمعية دائما، فإن التحرش الجنسي يخلف آثارا نفسية وصحية على المتحرش بها، تتراوح بين الخوف والإحساس بالإهانة والحكرة والاكتئاب والاضطرابات الصحية، كما أنه قد يتطور ليشكل أذى اجتماعيا للضحايا بتأثيره على استقرارهن النفسي واندماجهن الاجتماعي من خلال الفشل في الدراسة والتخلي عنها، وتراجع المردودية المهنية ومواجهة مشاكل في العمل من خلال تعرضهن لعقوبات جراء رفضهن الخضوع للمتحرش بهن، وهي المشاكل التي قد تصل إلى العقوبات والطرد التعسفي. علما أن هناك حالات عديدة، يتطور فيها التحرش بشكل تراجيدي إلى جرائم عنف جسدي تجاه المتحرش بهن تصل حد الاغتصاب أو التهديد بالقتل أو الاعتداء الجسدي. ويندرج التحرش في سياق العنف الجنسي الممارس ضد النساء في جميع بقاع العالم. وتفيد إحصائيات لشبكة الرابطة إنجاد ضد العنف أن نسبة العنف الجنسي تصل إلى 3.5% من مجموع حالات العنف بأنواعه. في حين يشكل التحرش نسبة 15% من مجموع أفعال العنف الجنسي الذي لا يستثني حتى المحارم. كما تمت الإشارة خلال اللقاء إلى أرقام حول العنف الجسدي والجنسي مأخوذة من الصحافة الوطنية في الفترة بين مارس وأبريل للسنة الجارية، حيث سجلت 47 حالة اختصاب قاصر، و9 حالات قتل، و20 حالة اختطاف، و8 حالات للتهديد بالقتل، و9 محاولات اغتصاب. ويجرم القانون المغربي أفعال التحرش الجنسي المرتبط باستغلال السلطة بحيث ينص الفصل 1-503 من القانون الجنائي على معاقبة جريمة التحرش بالحبس من سنة إلى سنتين وبالغرامة من 5 ألاف إلى 50 ألف درهم «كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه أو أي وسيلة أخرى مستغلا السلطة التي تخولها له مهامه، لأغراض ذات طبيعة جنسية». غير أن القانون يصمت في ذات الوقت عن التحرش الذي تتعرض له النساء والفتيات في الشارع والفضاءات العمومية. كما أن قانون الوظيفة العمومية يقر بحق كل مواطن في ولوج الوظائف العمومية على وجه المساواة ودون تمييز بين النساء والرجال. وبحق كل موظف في الحماية من التهديدات والهجمات التي قد يتعرض لها بمناسبة مزاولته لمهنته. أما قانون الشغل فينص في الفصل 35 من ظهير يوليوز 1947 على إلزام أرباب العمل بالتشبت بمكارم الأخلاق ومراعاة ما من شأنه صيانة الأعراض. وتبعث جمعية فضاء المستقبل من خلا لهذه الحملة رسالة أيضا إلى الحكومة المغربية من أجل تحمل مسؤولياتها في مجال مناهضة العنف المبني على النوع عبر إقرار قانون شامل يعالج ويطرح حلولا للظاهرة في شموليتها، في إطار التفعيل الصحيح لمقتضات القوانين الوطنية و الدستور المغربي الذي يعتبر القانون الأسمى للبلاد ومرجعيته، إذ يعد العنف الممارس ضد النساء بجميع أشكاله شكلا من أشكال التمييز ضد المرأة وبالتالي يجب مناهضته في إطار الإقرار بالمساواة الفعلية وبكافة الحقوق المعترف بها للنساء.