اكتفت القناة الأولى للتلفزة المغربية، خلال البرمجة الرمضانية لهذه السنة، بعرض شريط سينمائي مغربي واحد، هو طريق العيالات للمخرجة فريدة بورقية. ففي الوقت الذي حرصت فيه هذه القناة على برمجة أشرطة تلفزيونية ومسرحيات بشكل أسبوعي طيلة هذا الشهر الكريم، ناهيك عن العدد الوافر من السيتكومات وغيرها من البرامج الترفيهية، لم تر ضرورة لكي تنال السينما حيزا زمانيا معتبرا ضمن خريطة برامجها. يحدث هذا في الوقت الذي تشهد فيه السينما المغربية طفرة على مستوى عدد الأشرطة التي تنتج سنويا، بفضل الدعم المادي الذي تخصصه الدولة لهذا القطاع؛ فبعد أن كانت السينما المغربية لا تنتج سوى ستة أشرطة سينمائية سنويا منذ عهد ليس بالبعيد، صارت اليوم تنتج ما لا يقل عن خمس عشرة شريطا مطولا، فضلا عن الأشرطة القصيرة التي يفوق عددها الثمانين سنويا كذلك، مع العلم أنه لم يتم برمجة أي عمل من هذا النوع الأخير ضمن خريطة البرامج الخاصة برمضان. الطفرة التي تعرفها السينما المغربية لا تنحصر فقط في عدد الأفلام المنتجة، بل هناك حركية تعرفها التظاهرات التي تهتم بهذا القطاع؛ فعلى سبيل المثال، بات المركز السينمائي المغربي مضطرا إلى تنظيم المهرجان الوطني للسينما كل سنة، بعد أن كان يتم الاقتصار على ذلك مرة واحدة كل سنتين أو أكثر، بالنظر إلى الارتفاع المضطرد لوتيرة الإنتاج السينمائي، كما تضاعف عدد المهرجانات السينمائية الموضوعاتية، من قبيل مهرجان السينما والهجرة الذي تحتضنه مدينة أكادير، والملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء بمدينة زاكورة، وملتقى السينما والأدب بمشرع بلقصيري، ومهرجان سينما المرأة بسلا.. إلى غير ذلك من التظاهرات السينمائية المغربية، التي إن عنت شيئا إنما تعني أن هناك فورة، من الناحية الكمية على الأقل، يعرفها هذا القطاع الفني. بالرغم من كل ذلك؛ فإن القناة الأولى للتلفزة المغربية، لم تجد بين كل الأعمال التي أنتجتها السينما المغربية، ما يستحق عرضه خلال رمضان، غير شريط يتيم هو طريق العيالات، مع العلم أن هذا الشريط يعود تاريخ إنتاجه إلى سنة 2007، وكان من الأجدر برمجة شريط حديث نسبيا. هذا الشريط السينمائي المفضل لدى قناتنا الأولى، اعتبره الخبراء في مجال السينما، بأنه أنجز بتقنيات الشريط التلفزيوني، وهذا ليس مصادفة اعتبارا إلى أن مخرجته مختصة أصلا في إخراج المسلسلات الدرامية التلفزيونية وراكمت على هذا المستوى عدة أعمال، من قبيل: عز الخيل مرابطها، ودواير الزمان، وحوت البر، وجنان الكرمة، والمجدوب، وغيرها، وكانت هذه المخرجة كذلك موظفة بالقناة نفسها بصفتها مخرجة تلفزيونية، قبل استفادتها من المغادرة الطوعية. إن الاكتفاء ببرمجة شريط سينمائي مغربي واحد، طيلة شهر رمضان، على خلاف غيره من الأعمال الفنية، من قبيل: الفيلم التلفزيوني، والمسرحية، وما إلى ذلك، ينم عن تقصير شديد في حق السينما المغربية، التي ما أحوجها إلى الشاشة الصغيرة، على اعتبار التقهقر الذي مافتئت تعرفه قاعاتنا السينمائية.