يتجه «التحالف الإقليمي من أجل مناهضة الاتجار بالنساء» نحو اعتماد مشروع قانون يجرم الاتجار والمتاجرين بالنساء في الدول العربية، سواء كانت دول المصدر أو ودول العبور أو دول الاستقبال، على أن يتم في مرحلة لاحقة إطلاق حملة وطنية بكل قطر عربي على حدة، تستهدف الحكومات والمؤسسات التشريعية من أجل إقرار هذا القانون، تليها حملة ترافعية إقليمية تستهدف جامعة الدول العربية لحثها على تبني قانون عربي موحد لمجابهة الاتجار بالبشر عموما والاتجار بالنساء خصوصا. وفي هذا الإطار تحتضن العاصمة الرباط، على مدى ثلاثة أيام متتالية، أشغال الملتقى الإقليمي الثالث للجان القانونية «للتحالف الإقليمي من أجل مناهضة الاتجار بالنساء»، والذي سيتم خلاله العمل على وضع اللمسات الأخيرة على مسودة مشروع هذا القانون الذي أعده أعضاء التحالف والذي يريد أن يكون إطارا تشريعيا عصريا يمكن من مكافحة الظاهرة عبر متابعة و معاقبة مقترفي جرائم استغلال النساء أيا كان نوعه، ويتعامل مع النساء الضحايا باعتبارهن مجنيا عليهن. هذا وتندرج مبادرة وضع هذا الإطار التشريعي الذي يهدف إلى محاصرة الظاهرة التي باتت تداعياتها تضرب عمق وأسس المجتمعات في البلدان العربية، ضمن الأهداف الرئيسية التي من أجلها تم إحداث التحالف الإقليمي من أجل مناهضة الاتجار بالبشر قبل أكثر من سنة من طرف اتحاد العمل النسائي بالمغرب، واتحاد المرأة الأردنية ومركز قضايا المرأة المصرية بمصر. وأكدت نزهة العلوي رئيسة اتحاد العمل النسائي العضو المؤسس ل»التحالف الإقليمي من أجل مناهضة الاتجار بالبشر»، خلال ندوة صحفية نظمها أعضاء التحالف صباح أول أمس الخميس بالرباط، وخصصت لتقديم المحاور الرئيسية للملتقى الإقليمي الثالث والتي تتمحور بالأساس حول اعتماد قانون يجرم الظاهرة ومقترفي جرائم استغلال النساء، أن الهدف وراء بلورة قانون يخص الاتجار بالنساء يتحدد بالأساس في محاولة محاصرة الظاهرة وتجريم مقترفيها، إذ سيتم الاعتماد في صياغته على التعريف الذي تتضمنه المنظومة القانونية الدولية في مجال مناهضة الاتجار بالبشر. وأوضحت المتحدثة، أن الهيئات المدنية المكونة للتحالف ستقوم خلال هذا الملتقى الإقليمي الثالث للجان القانونية والذي افتتحت أشغاله أمس بالرباط، على وضع اللمسات النهائية على مشروع هذا القانون الذي كان محط تشاور واسع بين الهيئات المكونة للتحالف وعدد من الخبراء في مجال القانون، على أن يتم العمل في مرحلة لاحقة على إطلاق حملة وطنية من أجل إقرار القوانين التي أعدت من طرف التحالفات الوطنية تستهدف الحكومات والمؤسسات التشريعية في الدول الثلاث، وحملة ترافعية إقليمية تستهدف جامعة الدول العربية لحثها على تبني قانون عربي موحد لمجابهة الاتجار بالبشر عموما والاتجار بالنساء خصوصا. وأضافت أن الإطار التشريعي الذي يستعد التحالف إلى اعتماده قد تم الأخذ بعين الاعتبار، قبل صياغة مسودته الأولية، بعض التجارب المقارنة خاصة قانون مكافحة الاتجار بالبشر المعتمد بالأردن ومصر والإمارات والسويد، فضلا عما تتضمنه الاتفاقيات الدولية التي تكافح الاسترقاق والذي تشكل النساء أهم ضحاياه ويبقى ممارسة منتشرة وعصية على المحاربة . وذكرت المتحدثة بحجم الظاهرة التي تمس مجموع الدول العربية، وأشارت إلى حالات نساء وفتيات هاجرن تحت ضغط أوضاع اجتماعية واقتصادية مزرية طمعا في تحسن ظروفهن الاقتصادية ومساعدة أسرهن ،لكن اكتشفن أنهن كن ضحية إما استغلال اقتصادي مقيت بعد أن انتزعت منهن أوراقهم الثبوتية وجوازات سفرهن وحرمن من وعدن به من مقابل مادي كخادمات بيوت، أو فوجئن عند وصول بلدان الاستقبال أنه تم خداعهن بعقود عمل ظاهرها قانوني لكنها مزورة وأنهن كن ضحية شبكات للاتجار في البشر . وشددت بالنسبة للمغرب على ضرورة وضع إطار قانوني موحد يجرم ظاهرة الاتجار بالنساء على اعتبار أن المقتضيات التي تحيط بالظاهرة توجد موزعة على عدد من النصوص التشريعية، مبرزة أن القانون الجنائي الحالي يعاقب الضحية في حين أن قانون الإتجار في البشر يجب أن ينص على معاقبة مقترفي فعل الاتجار واستثناء النساء الضحايا باعتبارهن مستضعفات وينبغي توفير العلاج لهن ،وإحداث مراكز لاستقبالهن وتأهيلهن. و من جانبها، أبرزت نادية شروخ المنسقة الإقليمية «للتحالف من أجل مناهضة الاتجار بالنساء»، أن مشروع القانون الذي يعمل التحالف من أجل اعتماده تم التأكيد على أن ينص في مقتضياته على اعتبار أي فعل يقع فيه استغلال النساء من أي نوع بأنه اتجار وعلى القانون أن يتصدى له، وذلك وفق وجهة نظر التحالف، مبرزة أن ذلك يسمح لأن تشمل الحماية العديد من النساء اللواتي يتعرضن للاستغلال سواء كان باستخدام أساليب مراوغة أو كان بواسطة وعود بعمل أو حتى العمل المقنن الذي ينفذ بعقد يستغل فيه ضعف الضحية أو ظروفها الاجتماعية والاقتصادية أو جهلها بحقوقها. وقالت المنسقة الإقليمية «إن إحداث التحالف الذي يبقى مفتوحا لانضمام كل المنظمات والجمعيات النسائية والحقوقية العاملة في مجال مناهضة العنف المبني على النوع، كان بهدف كسر طوق الصمت عن ظاهرة الاتجار بالنساء التي ينكر وجودها أغلب المجتمعات ومسؤولو الدول العربية، والعمل من أجل نشر الوعي حول الأخطار الكارثية للظاهرة وحجمها، ومن تم المساهمة في وضع التدابير الضرورية التي تستهدف تجريمها والوقاية منها».