حرارة استثنائية لم يشهدها ربيع المغرب منذ ستين سنة * عدم التعرض المباشر لأشعة الشمس الحارقة لتفادي الضربات الشمسية، خاصة في أوقات الظهيرة * حث الأطفال والشيوخ على الإكثار من شرب السوائل تفاديا للاجتفاف * تجنب رمي أعقاب السجائر و القارورات الزجاجية التي تعمل على تجميع أشعة الشمس وتؤدي إلى اندلاع الحرائق في الغابات * تفادي اللجوء إلى السباحة في بعض المناطق المحظورة وغير المرخصة سواء في الشواطئ والوديان أو الأحواض والبحيرات الراكدة * توخي الحذر من شراء الأطعمة المكشوفة، والتأكد من صلاحية الأغذية المعلبة، والإكثار من الخضروات والفواكه والتقليل من الحلويات والأغذية التي تحتوي على مواد دهنية اعتبر مدير التواصل بمصلحة الأرصاد الجوية، محمد بلعوشي، موجة الحرارة التي تجتاح المغرب، منذ يوم الثلاثاء الماضي، حالة «استثنائية»، إذا ما قورنت بدرجات الحرارة المسجلة خلال شهور ماي على مدى الستين سنة الماضية. وأوضح محمد بلعوشي، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن المحرار لم يسبق له، منذ سنة 1959، أن تجاوز ال 42 درجة خلال الفترة الربيعية من السنة، مشيرا إلى أن التوقعات المتوفرة إلى حدود أمس، تشير إلى عودة الأجواء لوضعها الطبيعي بداية من يوم السبت القادم. وحول الأسباب التي أدت إلى موجة الحر، قال بلعوشي للصحيفة، إن الارتفاع الاستثنائي للحرارة بمختلف مناطق المغرب يعزى إلى «صعود كتل هوائية جافة وحارة من الجنوب الشرقي للمملكة، بعد أن كانت قد استقرت طويلا في الصحراء، حيث أصبحت أكثر جفافا وأكثر حرارة بعد تخطيها لسلسة جبال الأطلس»، مضيفا أن هذه الظاهرة التي يطلق عليها اسم «الشركي»، تتأثر بها، حاليا وعلى الخصوص، مناطق اللكوس وسوس والحوز وتادلة والشاوية ودكالة وعبدة والغرب، بالإضافة إلى الشريط الممتد شمال الأقاليم الجنوبية. ويرتقب، حسب مديرية الأرصاد الجوية الوطنية، أن تتراوح درجات الحرارة بمنطقة سوس ما بين 37 و47 درجة مئوية تحت الظل. أما في منطقة الحوز والمناطق الأخرى فستتفاوت درجات الحرارة بين 40 و42 درجة مئوية، أي ما يفوق بكثير المتوسط الشهري لشهر ماي. وشدد محمد بلعوشي، في معرض تقديمه لبيان اليوم للحالة الاستثنائية التي تميز أجواء المغرب، في انتظار توقعات جديدة ما بعد السبت القادم، على ضرورة إلباس نشرة الأرصاد الجوية لبوسا إنداريا، حيث دعا المواطنين إلى عدم التعرض المباشر لأشعة الشمس الحارقة لتفادي الضربات الشمسية، خاصة في أوقات الظهيرة، وارتداء القبعات والإكثار من شرب السوائل وحث الأطفال والمتقدمين في السن على ذلك تفاديا للاجتفاف. كما دعا بلعوشي المواطنين الذين يتوفرون على حيوانات أليفة إلى عدم تركها بداخل السيارات بدون تهوية حتى لا تتعرض للاختناق، والى اتخاذ الحيطة والحذر عند قضاء فترات الاستجمام في الغابات وذلك بعدم رمي أعقاب السجائر أو رمي القارورات الزجاجية التي تعمل على تجميع أشعة الشمس وتؤدي إلى اندلاع الحرائق. من جانبها، نبهت مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض التابعة لوزارة الصحة إلى تبعات موجة الحرارة الاستثنائية التي تجتاح المغرب، مؤكدة استعدادات المؤسسات الصحية في أنحاء البلاد لأية حالة طارئة قد تحدث، بسبب الظروف المناخية. وقال مسؤول المديرية الدكتور عبد العالي البردعي، في تصريح لبيان اليوم، إن هناك عددا من الإجراءات الوقائية الضرورية لمواجهة الحر يجب على المواطنين الالتزام بها، منها على الخصوص «عدم التعرض بشكل مباشر لأشعة الشمس، واللجوء إلى مناطق الظل، ووضع أغطية الرأس الواقية من أشعة الشمس للذين تتطلب أعمالهم التواجد في المناطق المكشوفة»، بالإضافة إلى «تفادي اللجوء إلى السباحة في بعض المناطق المحظورة وغير المرخصة سواء في الشواطئ والوديان أو الأحواض والبحيرات الراكدة، وتوخي الحذر من شراء الأطعمة المكشوفة، والتأكد من صلاحية الأغذية المعلبة، والإكثار من الخضروات والفواكه والتقليل من الحلويات والأغذية التي تحتوي على مواد ذهنية». ولم ينف المتحدث ذاته، تأثر المغرب بالتحولات المناخية العالمية التي تطرق لها المؤتمر الأخير للجنة الدولية الحكومية لتغير المناخ، مؤكدا أن التغيرات العميقة في الطقس، طيلة السنة الجارية، هي إحدى مظاهر تغير المناخ العالمي (الاحتباس الحراري)، الذي ينجم عنه ارتفاع شديد في درجات الحرارة أو انخفاض شديد فيها، بالإضافة إلى ظواهر الصقيع وتساقط الثلوج وزيادة حدة الأعاصير والعواصف المدارية في أقاليم العالم المختلفة والفيضانات والعواصف والجفاف والتصحر. وفي موضوع ذي صلة، توقع خبراء فرنسيون، الاثنين الماضي، أن تشهد منطقة الحوض المتوسطي ربيعا ساخنا جدا، قد يليه تغير في مواعيد ومعدلات تكرار حدوث الموجات الحارة والباردة والإجهاد المائي للمحاصيل وانتشار الآفات والأمراض. فإلي جانب التأثير في المحاصيل الزراعية وإنتاجيتها، فإن التغيرات المناخية ستؤثر، بحسب الخبراء الفرنسيين، على الإنتاج الحيواني، نتيجة تفاقم أمراض اللسان الأزرق وحمى الوادي المتصدع، فضلا عن انخفاض إنتاجية الأعلاف وزيادة التنافس علي موارد التربة والمياه بين المحاصيل العلفية والحبوب، وتغير توزيع الأسماك باتجاه الشمال وانتقالها للعيش في المياه العميقة، ناهيك عن أثر التغيرات المناخية علي الأوضاع الصحية للإنسان. بهذا الخصوص، أوضحت مديرية الأوبئة بوزارة الصحة، في توضيحاتها لبيان اليوم، أن تباين درجات الحرارة العظمي والصغري يومياً والرطوبة، تؤدي إلي زيادة فرص الإصابة بأمراض الإسهال بين الأطفال.. كما يؤثر توالي الحرارة والرطوبة والرياح، خلال اليوم ذاته، إلى حدوث عوامل تؤدي إلي تطاير الجراثيم الفيروسية (أو ما يسميه عامة الناس الريح) التي تزيد من معدلات التهابات الجهاز التنفسي الحادة والدرن الرئوي والحمي الروماتيزمية والأمراض الصدرية الحساسية والربو القصبي الموسمي. كل هذه الأمراض ناتجة عن التغيرات المناخية التي تعتبر، بحسب محمد بلعوشي، «ظواهر قصوى، بل واقعا بتنا نعيشه اليوم دون أن يتمكن العلماء من التوصل إلى المسببات الحقيقية لظاهرة تطرف المناخ، وإلى تحديد دورة منتظمة له»، بدليل أن الجو الربيعي العادي، يقول المتحدث نفسه، «سيعاود الظهور في المغرب السبت القادم، في انتظار الواحد والعشرين من يونيو، بوابة فصل الصيف والتي تشهد عادة، خلال أسبوعها الأول، هبوب كتل هوائية قارية جافة وحارة من الجنوب الشرقي للبلاد، ترتفع معها الحرارة إلى ما بين 32 و40 درجة، خاصة بمنحدرات جنوب شرق الأطلس والمناطق الجنوبية للبلاد، وإلى ما بين 26 و33 درجة بالمناطق الساحلية، قبل أن تعاود الانتعاش والاستقرار في مستويات تتلاءم والفصل القائظ».