حضور أمني كبير وعزوف جماهيري لم يتحقق ديربي البيضاء بين الواداد والرجاء النجاح المعهود وتراجع في حجمه وقيمته الفنية والإبداعية والمالية وذلك لأسباب عديدة مرتبط بعضها بأحداث الشغب والفوضى التي اندلعت في مباريات سابقة. والصور المحملة بالدم والكراهية والعنف إضافة إلى الخلافات التي طبعت العلاقات بين مسيري الوداد وبعض محبي الفريق. وقد اتفقت جماهير الوداد على مقاطعة الديربي، وفي مشهد حزين عاشت مدرجات (فريميجة) فراغا قاتلا، وترجم هذا الغياب الممنهج ما راج على صفحات الفايسبوك. ولن نخوض في تفاصيل الأسباب وعمق الخلافات وما حرك الطلاق لأن المشكل أكبر وأضخم كونه مس بلقاء رياضي تاريخي أبدعته الدارالبيضاء، بأبنائنا عبر تنافس رياضي استمر خلال أكثر من نصف قرن من الزمن، وتحول بفضل الرجال الذين عملوا على تنشيطه وتأطيره عبر أجيال وحقب في التاريخ إلى لقاء ديربي مصنف ضمن السبعة الأوائل عالميا. ويفضل ما يقدمه الجمهور في ضفتي الرجاء والوداد من إبداع فني وتنظيمي وحضور مقرون بالجمال والمتعة تشد كرة القدم الوطنية اهتمام مسؤولي العالم في «الكرة»، لقد خيم الهاجس الأمني على اللقاء وتم التعامل بصرامة في منع القاصرين الغير مرافقين بأوليائهم. وخضعت الشرايين والمسالك المؤدية إلى الملعب للمراقبة والضبط تفاديا لتسرب الشغب وأدواته. وفي جو من القلق والخوف قابله انضباط وحزم المجال الأمني جريت المباراة محملة برسالتين واحدة ترمي للتحسيس بأضرار ومخاطر الشغب، وأخرى تدعو للتبرع بالأعضاء البشرية، وسجلت المباراة انخراط مسؤوليين في الحكومة، وزيرا العدل والحريات والأستاذ مصطفى الرميد والشبيبة والرياضة محمد أوزين، إضافة إلى فنانين وأطناء وإعلاميين وشخصيات عديدة من المجتمع المدني. وتألم المتتبعون والمهتمون لضعف حجم الديربي، ومقاطعة الجمهور بهذا اللقاء الوطني والتاريخي. نعم هذا اللقاء الذي ينبغي الحفاظ عليه ورعايته من لدن الجميع ليستمر ويكبر في عروضه الرياضية والفنية وفي عائداته المالية. مداخيل لقاء الرجاء والوداد يوم الأحد لم يتجاوز 698750 ألف درهم أي ما يناهز 70 مليون سنتيم مقابل 10647 تذكرة تم بيعها. وهذا الرقم بعيد جدا عن الرقم القياسي الذي سجله فريق الوداد في الديربي سنة 2011 حيث بلغ دخل الفريق 242 مليون سنتيم، وهو رقم سجل بعد سنة 2008 حيث استفاد الرجاء من دخل بلغ 177 مليون سنتيم، والوداد من مبلغ 172 مليون سنتيم. ولن ننسى بداية تطور مداخيل الديربي في سنة 1997، وبالضبط في الديربي الذي أقيم في شهر ماي حيث استفاد الوداد من عائدات بلغت 162.500 ألف درهم، وذلك في زمن كان فيه ثمن التذكرة الخاصة بالمدرجات العارية لا يتجاوز 15 درهم وتذكرة المنصة الجانبية 30 درهم. برودة الديربي والشغب والفوضى عوامل أساءت للقاء وضربته في العمق، فمن يتربص بهذا المتلقى التربوي الرياضي والفني؟ ومن يضرب هذا المكسب الرياضي الشعبي؟