يبدو أن نقاشات إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب بدأت تتجاوز وضعية الشلل التي أصابتها منذ ما يزيد عن السنة. فقد تسارعت خلال الأسابيع الماضية اجتماعات اللجنة التقنية لإصلاح نظم التقاعد بالمغرب بوتيرة غير مسبوقة في مسعى لتدارك الوقت الضائع منذ تعليق اجتماعات اللجنة قبل ما يزيد عن السنة. في هذا الإطار علم من مصدر داخل اللجنة أن التقرير النهائي سيكون جاهزا عند نهاية ماي الجاري حتى يتسنى للجنة الوطنية لإصلاح نظم التقاعد، التي يرأسها رئيس الحكومة، عقد اجتماعها للبت في سيناريو الإصلاح. المصدر ذاته كشف أن السيناريو الأكثر احتمالا هو نظام أساسي موحد لكل الصناديق إضافة إلى أنظمة تكميلية خاصة بكل واحد منها. ويتعلق الأمر بالصندوق المغربي للتقاعد الذي يدبر معاش الموظفين، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة لمأجوري القطاع الخاص، والصندوق المهني المغربي للتقاعد كنظام تكميلي للقطاع الخاص، والصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد بالمغرب. في هذا الصدد أكد العربي حبشي، القيادي بالفدرالية الديمقراطية للشغل وممثل المركزية النقابية في اللجنة التقنية لإصلاح نظم التقاعد، أن «حالة البلوكاج زالت، وأن النقاشات بدأت تسير بشكل جيد»، مما يؤشر، حسب رأيه، على «توصل الفرقاء لحل توافقي حول إصلاح نظم التقاعد». وفي جوابه على سؤال لبيان اليوم، متعلق بتاريخ انتهاء اللجنة التقنية من وضع تقريرها النهائي، قال حبشي إنه «لا يمكن التكهن بتاريخ محدد، فاللجنة مازالت تدرس السيناريوهات التي وضعها مكتب الدراسات «أكتواريا» وتدارس إيجابيات وسلبيات كل سيناريو على حدة». مضيفا أن «طبيعة الإشكالية معقدة، وبالتالي فهي لا تتطلب إجراءات تقنية فقط، بل قرارات سياسية جريئة»، معتبرا أن «النقاشات تسير بشكل إيجابي وسيتم التوصل إلى تقرير توافقي». وبخصوص الإشكالية الرئيسية التي اعترضت النقاشات حول إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب والمتمثلة في نوعية المقاربة التي يتبناها كل طرف، قال حبشي في حديثه للجريدة إن «الفدرالية ترى أن المقاربة السليمة لهذه الإشكالية يجب أن تكون مقاربة شمولية لا تختزل في إصلاح صناديق التقاعد، بل في إصلاح شامل يعتمد عدة محاور منها منظومة التقاعد ومنظومة الأجور ونظام المقاصة والمنظومة الضريبية»، وهذا يتطلب، حسب المتحدث، «قرارا سياسيا مبنيا على رؤية شمولية لا بد أن تتبناها اللجنة الوطنية لإصلاح نظم التقاعد برئاسة رئيس الحكومة والتي ستعرض عليها اللجنة التقنية تقريرها النهائي». وفي هذا الإطار، يقول المتحدث، فقد «بدأنا نلحظ بعض الاقتناع بهذه المقاربة الشمولية من قبل الأطراف الأخرى، خاصة ممثلي صناديق التقاعد»، ويشدد العربي حبشي على أن «حل هذه الإشكالية المعقدة لن يكون إلا في إطار اللجنة الوطنية والحوار المركزي الوطني». للتذكير فقد تم تحديد تاريخ 2016 لانطلاقة إصلاح أنظمة التقاعد، وهو التاريخ ذاته الذي تقول الدراسات الاكتوارية المنشورة من قبل مكتب الدراسات الذي عهدت الحكومة إليه بتشخيص وضعية الصناديق ووضع سيناريوهات الإصلاح، أن الصندوق المغربي للتقاعد سيشهد عجزا ماليا خطيرا من شأنه تهديد معاشات المتقاعدين والدفع به إلى حافة الإفلاس إذا لم يتم إصلاح منظومة التقاعد ككل. وهي نفس الوضعية التي ستؤول إليها الصناديق الأخرى خاصة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لاحقا.