بعد المبادرة التي قادها فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين، من خلال مقترح القانون الذي قدمه النقيب الأستاذ عبد اللطيف أوعمو لتعديل بنود في القانون الجنائي وفي مدونة الأسرة بغاية وضع حد لمآسي زواج القاصرات، جاءت مبادرة ثانية من الفريق الاشتراكي بالمجلس ذاته تمثلت في تنظيم لقاء دراسي حضرته فعاليات حقوقية وسياسية وبرلمانية، وأفضت خلاصاته إلى التعبير عن المطالب نفسها المتضمنة في مقترح قانون المستشار البرلماني التقدمي، وقد أبرزت المبادرتان البرلمانيتان، بالإضافة إلى الاحتجاجات في الشارع والكثير من الكتابات والتصريحات التي رافقت مأساة الطفلة أمينة الفيلالي، الحاجة الواضحة لتغيير القوانين. لقد عرض أمام القضاة خلال سنة 2010 أزيد من 44 ألف طلب يندرج ضمن زواج القاصرات، و99 في المائة من هذه الطلبات تتعلق بالفتيات، ووافق القضاة على قبول 92 في المائة من مجموع هذه الطلبات، كما أن إحصائيات تؤكد أن الظاهرة تتزايد بنسبة 10 في المائة سنويا، حيث أنه في 2010 تم تزويج 35 ألف قاصر، مقابل 33 ألف زيجة مماثلة عام 2009، و30 ألف في 2008. وتكشف الإحصائيات نفسها على أن أكثر من 27 ألف قاصرة جرى تزويجها، لا يزيد عمرها عن 17 سنة، وأن ما يزيد عن 13 ألف منهن لم يتجاوزن بعد 16 سنة، و3257 أخرى هن في سن 15 سنة، أما 69 فتاة من أصل 339 تقدمن بالطلب، فقد حصلن على الإذن بالزواج رغم أن أعمارهن لا تتعدى 14 سنة. إن هذه الأرقام المفزعة التي تدوولت أثناء اللقاء الدراسي الذي نظمه الفريق الاتحادي بمجلس المستشارين تؤكد ما سجله الأستاذ عبد اللطيف أوعمو في تقديمه لمقترح القانون المشار إليه، وهو أن الأمر لم يعد استثناء، إنما تحولت قرارات الإذن إلى شكليات عادية لدى كثير من قضاتنا حتى أنها باتت تنتج المآسي في مناطق متعددة من البلاد، وتخلف الكثير من الضحايا. من جهة ثانية، تفيد الأرقام أن حالات تزويج القاصرة تنتشر في المدن بنفس المستوى تقريبا الذي تنتشر به في البوادي، حيث أن 43 في المائة من الطلبات جرى تقديمها في المدن، وهذا يجعل اليوم الأمر ظاهرة حقيقية في مجتمعنا، ويعتبر توسعها في الواقع مخالفة لروح وخلفية ما نصت عليه مدونة الأسرة، ما حول الاستثناء الذي منحه القانون للقاضي إلى قاعدة عامة. إن الظاهرة اليوم تجعل بلادنا في تناقض صارخ مع روح قوانينها، وخصوصا مدونة الأسرة، فضلا عن التناقض مع الالتزامات الحقوقية للمملكة سواء على صعيد حقوق المرأة، أو فيما يتعلق بحقوق الطفل، ما يستوجب الإسراع اليوم بإعادة النظر في مثل هذه المقتضيات القانونية، وذلك بما يصون حقوق الإنسان، ويحفظ كرامة أطفالنا ونسائنا وحقوقهم وسلامتهم. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته