اللجنة تسجل تكرار حالات الإفلات من العقاب في الانتهاكات الممارسة على الساكنة كشفت لجنة التحقيق التي شكلها الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان من أجل التقصي في الأحداث التي شهدتها مدينة تازة بين 4 يناير وفاتح فبراير الماضيين، أن تلك الأحداث أبانت عن تغليب المقاربة الأمنية في مواجهة الحركات الاحتجاجية بدل مقاربة الحوار، وحملت في هذا الصدد المسؤولية المباشرة لعامل الإقليم. وأوضح الائتلاف الذي يضم 18 هيئة حقوقية، في ندوة صحفية نظمها صباح أمس الأربعاء بالرباط لتقديم تقريره النهائي على إثر التقصي في شأن الأحداث الاجتماعية التي عرفها إقليمتازة، أن هذه الأحداث كشفت مرة أخرى عن إشكالية تدبير الأزمات المرتبطة بالأحداث الاجتماعية والسياسية من طرف الجهات الرسمية في علاقة باحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، مما فتح الباب من جديد أمام منزلقات أمنية خطيرة سقطت فيها هذه الجهات باعتمادها المقاربة الأمنية في التعاطي مع الشأن المحلي عوض المقاربة التفاوضية والمقاربة التنموية التشاركية والبحث عن الحلول للمطالب المطروحة من طرف الحركات الاحتجاجية السلمية. وأعلنت اللجنة التي كانت تتألف من عبد العزيز التوساني عن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وجواد الصقلي عن المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، ووهيبة بوطيب عن جمعية عدالة، ومحمد عامري عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وزهير أصدور منسقا للجنة ممثلا عن الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، وجواد الخني عن الرابطة للمواطنة وحقوق الإنسان، (أعلنت) أن عامل إقليمتازة رفض اللقاء بأعضاء اللجنة الحقوقية للتقصي، كما رفض الترخيص لها للقيام بزيارة السجناء المعتقلين على خلفية تلك الأحداث، وكلف أعوانه بتتبع خطواتها طيلة الأيام الثلاث التي قضتها بالمنطقة. في حين أعلنت تمكنها من عقد لقاء مع الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتازة ومدير المستشفى الإقليمي ابن باجة، وبرلماني عن دائرة تازة عضو اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع الاحتياجات التنموية للمدينة، كما تمكنت من الاجتماع بممثلي الهيئات الحقوقية والسياسية والإعلامية وهيئة دفاع المعتقلين على خلفية الأحداث والطلبة، واستقت شهادات وتصريحات من طرف أسر المعتقلين وعدد من ساكنة حي الكوشة الذي كان مسرحا رئيسيا لهذه الأحداث. هذا وأرجعت اللجنة الحقوقية للتقصي في تقريرها النهائي، الأحداث التي عاشت على وقعها المنطقة إلى التهميش الذي يعاني منه الإقليم وذلك رغم المؤهلات الاقتصادية والبشرية والطبيعية التي يتوفر عليها، بل واعتبرت أن تلك الأحداث هي أيضا نتيجة للسياسات التدبيرية السيئة ولغياب الحوار، إذ سجلت في هذا الإطار تعنت العامل والغياب التام للآليات المباشرة للحوار المفترض توفرها لدى الأجهزة الرسمية والتمثيلية في المدينة بل وفي الإقليم والتي يستدعيها الحوار الجاد والفعال بخصوص مطالب وانتظارات المواطنين. وشددت مرة أخرى على أن الدولة تتحمل كامل المسؤولية فيما يخص انطلاق الحركة الاحتجاجية الاجتماعية بمدينة تازة اعتبارا للتدبير السيئ للشأن المحلي من جهة، ومن جهة أخرى لكونها فشلت في إيجاد الحلول التي تستجيب لمطالب المواطنات والمواطنين في الشغل وفي العيش الكريم بصفة عامة، ولجوئها بدل ذلك إلى اعتماد المقاربة الأمنية كجواب على تلك المطالب، الأمر الذي أسفر عن ارتكاب عدة انتهاكات لحقوق الإنسان من طرف القوات الأمنية. وسجلت اللجنة في تقريرها، تكرار حالات الإفلات من العقاب، إذ أشارت إلى أن الاعتقالات التي تمت في صفوف المواطنين والمحاكمات التي وصفتها بالجائرة وغير العادلة التي تعرضوا لها مقابل عدم مساءلة أي مسؤول أمني في موضوع الانتهاكات الممارسة ضد الساكنة وعدم إعلان الحكومة عن أي إجراء بهذا الخصوص ينشر الإحساس بالغبن ويشجع على الشطط في استعمال السلطة بل ويؤدي إلى تكرار الانتهاكات الخطيرة. هذا ووضعت اللجنة 12 توصية، من بينها المطالبة بتشكيل لجنة برلمانية للنظر في مسؤولية الدولة والحكومة ومدبري الشأن الإقليمي والمحلي حول ما حصل في علاقة مع أحداث تازة وغيرها من المناطق الأخرى التي عرفت نفس الأحداث، وفتح تحقيق في كل الصفقات العمومية وفي التدبير المالي للشأن المحلي مع إقرار عدم الإفلات من الجرائم الاقتصادية. كما تمت الدعوة إلى فتح تحقيق نزيه ومحايد للكشف عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات بشأن الأحداث التي عرفها الإقليم ،مع إعمال العدالة وتفعيل مبدأ الإفلات من العقاب لكل من ثبتت مسؤوليته سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وما نتج عنها من انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك في مختلف المراحل وبالنسبة لكل الوقائع مع عدم فصل التحقيق عن الظروف الاجتماعية والاحتقان الذي عمقه عامل الإقليم، يشير التقرير. هذا فضلا عن الدعوة إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الأحداث وإيقاف مسلسل المتابعات، هذا مع رفع الإنزال الأمني عن المدينة وسحب القوات العمومية من كل الأحياء وعلى رأسها حي الكوشة، وفتح تحقيق فيما صرح به وزير الاتصال بشأن عدم صرف ال10 ملايير درهم في المشاريع التنموية التي رصدت لها واسترجاعها ومعاقبة المسؤولين عن تبذيرها أو نهبها، ورفع التهميش عن المدينة ووضع سياسية تنموية تشاركية في إطار تنفيذ التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان بما يضمن حق الساكنة في التنمية وضمان الحياة الكريمة. ويشار إلى أن الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان يضم 18 هيئة ممثلة في الجمعية المغربية حقوق الإنسان، ومنتدى الحقيقة والإنصاف، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، المرصد المغربي للسجون، ومنظمة العفو الدولية فرع المغرب، جمعية عدالة، الجمعية المغربية للنساء التقدميات، الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، المركز المغربي لحقوق الإنسان، المرصد المغربي للحريات العامة، ومنظمة حريات الإعلام والتعبير، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، ومنتدى المواطنين والهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب ومرصد العدالة بالمغرب.