احتفت مدينة مكناس بشاعرها المتميز علال الحجام الذي ساهم في تطوير القصيدة العربية، وبمولوده الشعري الجديد «صباح إيموري» الذي صدر مؤخرا عن جامعة الأخوين. وعرف الحفل الذي نظمه مؤخرا القسم الثقافي بالجماعة الحضرية وجمعية الأفق التربوي ضمن الاحتفال باليوم العالمي للشعر، حضورا نوعيا ضم نخبة من الشعراء والكتاب والفنانين من أصدقاء المحتفى به ومن متذوقي هذا الفن الذين التأموا وتقاسموا البوح بحب الشاعر بسخاء. وافتتح الحفل رئيس الجماعة الحضرية أحمد هلال بكلمة أكد فيها أن الاحتفال بهذا اليوم يترجم الإدراك بدلالات ورمزية هذا الحدث وبأبعاده الانسانية والجمالية والحضارية، وبالاحتفاظ بمكانة خاصة للشعر باعتباره شكلا تعبيريا متكاملا، مبرزا أن المحتفى به صوت شعري متميز استطاع بمنجزه الشعري أن يحظى بتقدير كل عشاق هذا الجنس الأدبي الراقي. وبعد ذلك تناول الكلمة الناقدان بنعيسى بوحمالة ومحمد عفط، إلى جانب الشاعرة نعيمة زايد رئيسة الجمعية، أبرزوا من خلال قراءاتهم لديوان «إيموري» إمكانات وملامح وسمات قصائد الشاعر الحجام الذي راكم ستة دواوين انطلقت في بواكير عقد سبعينيات القرن الماضي. وعبر معاينة عناوين المنجز الجديد للحجام، يقول بوحمالة، يمكن إدراك أن الأمر يضمر موضوعا أمريكيا من مبتدئه إلى خاتمته، خاصة وأن «إيموري» هي جامعة عريقة بأطلانتا، إذ مكن من الوقوف على تمثل شاعر مغربي للواقع والمشهد بأمريكا وترجمته كرؤية اتجاه هذا الحلم الذي يسكن نواجد العديدين. وأشار إلى أنه لأول مرة يفرد شاعر مغربي ديوانا بكامله للولايات المتحدة ويستبد به موضوعها قبل أن يصبح مشروعا متكاملا، معتبرا أنها سابقة في المشهد الشعري، ومن العنوان يدرك القارئ أنه في معمعان هذه الرقعة الجغرافية التي ظهرت الإرهاصات الأولى للحديث عنها في الديوان ما قبل الأخير. أما الناقد عفط، فاعتبر أن الشاعر الحجام الذي يحرص على حضوره النوعي والدال في المشهد الشعري المغربي جعله «يتملك اختيارات تبتعد عن مستنقع الاستسهال والاجترار والتكرار»، مشيرا إلى أن الديوان الأخير دليل على الوعي الابداعي لدى الشاعر وتعامله مع كل لحظة شعرية بجدية. وقال عفط إن كل ديوان للمحتفى به يجسد تجانسا مع شروط العشق وفرط الحب للشعر حتى أضحى «الرجل العشيق» في هذا الألق بالشعر، وكل ديوان أيضا تتويج للحوار الذي لا يتوقف الشاعر عن ممارسته بجمالية وإنسانية تخصب تجربته بجمل الطعوم والمشتهيات، وبالميولات والصور والاستهامات التي تتولف حسب تطابقات الذاكرة والتساؤلات، وهو تنوع وثراء اعتبرهما المتدخل يميزان ثقافة الحجام التي تبحث باستمرار عن عمقها. وأضاف أن الديوان فيه إيقاع إبداعي، وموئل أصوات آتية من الأساطير والتاريخ والفن والفلسفة? متعالية على لحظتها، تجعل من هذا الحضور تأكيد على الرصيد الإنساني، وإلحاح على الحمولة الرمزية عبر استحضار رموز أمريكية مؤثرة استمد الشاعر من معينها ووجد فيها طاقة خلاقة. ومن جانبها اعتبرت الشاعرة زايد أن هذا الاحتفال يليق بصوت شعري مغربي امتد داخل الوطن وخارجه ولا يبخل بإسهاماته الفكرية والإبداعية، حاملا رسالة القيم الجمالية والفنية. وفي قراءتها للديوان، اعتبرت أن هذا الأخير يرسم ظلا يمكن تقسيمه إلى شعرية الذات المبدعة وشعرية النص، وشعرية المتلقي محللة أبعاد النصوص العشرية المتضمنة له وصورها الجمالية وتفاعلها الإبداعي مع المشهد الأمريكي. وعبر الشاعر الحجام عن امتنانه على الحفل التكريمي الذي شكل لحظة متألقة لتبادل المحبة والمودة بينه وبين الحضور، معتبرا أن مكناس التي أنجبت أعلاما في كل مجالات الإبداع ظلت ترحب بكل واطئ على أرضها بلا شروط أو قيود. واعتبر الحجام الذي شنف مسامع الحضور بمختارات من قصائد ديوانه، أن الاحتفاء بالشعر في شخصه أكد له أن السنين التي قضاها في مراودة القصيدة عن نفسها لم تذهب سدى. وتميز الحفل بتقديم مقطوعات موسيقية على آلة القانون من توقيع الفنان إدريس الوزاني، وعلى آلة الأورغ من توقيع الفنان عبد الفتاح النكادي.