في إطار جهودها ومبادراتها الهادفة إلى إغناء وتعميق البحث العلمي والتنقيب في فصول وزوايا أمجاد الكفاح الوطني وملاحم وبطولات المقاومة المغربية، أصدرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مؤلفا جديدا يقع في 90 صفحة، جامعا لأشغال وفعاليات الندوة العلمية التي نظمت بحاضرة فاس تحت عنوان: «فاس وترسيخ قيم الوطنية: أحداث 30-29 و31 يناير 1944» بتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية -سايس فاس لجامعة سيدي محمد بن عبد الله، وذلك احتفاء بالذكرى السادسة والستين لقيام هذه الانتفاضات المباركة المعبرة عن أروع مواقف البطولة والتضحية في سبيل كرامة وعزة الوطن. ويتناول هذا الإصدار بين دفتيه مداخلات ومطارحات علمية سعت للإحاطة بالعوامل التي ساهمت في اندلاع تلك الأحداث العظيمة في غضون الأيام التي تلت يوم تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، والتي جسدت بحق وحقيق الميثاق التاريخي والالتحام الوثيق بين العرش والشعب، هذه الوثيقة التي على إثرها تم اعتقال بعض الموقعين عليها. فشهدت المدينة مظاهرتين سلميتين خلال يومي 29 و30 يناير 1944، أعقبتهما مظاهرة ثالثة يوم 31 يناير شملت كل أحياء المدينة، وشاركت فيها كل شرائح المجتمع الفاسي. ولم تكتف السلطات الاستعمارية بالقمع والتنكيل والاضطهاد ولكن سلطت سيف العقاب الجماعي على مجموع سكان المدينة التي تم عزلها وقطع الماء والكهرباء عنها بالكامل، مع استمرار حملة الاعتقالات التعسفية والمحاكمات العسكرية التي انتهت بإصدار أحكام جائرة وظالمة وقاسية بعد جلسات صورية مثيرة. ويأتي هذا الإصدار حرصا، انمطلاقا من حرص المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، على توفير مادة علمية غنية وتراكم معرفي للباحثين والدارسين وجمهور القراء وكافة المهتمين بالرصيد التاريخي لبلادنا وبمكنونات الذاكرة الوطنية الزاخرة بالمواقف البطولية.