تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل ما قالت إنها خطوط عريضة لصفقة تبادل محتملة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي صيغت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ورئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار. وتحت وطأة الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي المطالبة بتحرير المحتجزين لدى حماس، وتعزز القناعات بالإخفاق الإسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب على غزة، والخلافات في "كابينت الحرب" أقر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه قدم خطوطا عريضة لصفقة تبادل محتملة، رافضا الخوض بالتفاصيل. وبموجب هذه الخطوط يتم إطلاق سراح 136 محتجزا إسرائيليا على 3 مراحل، هي: المحتجزون المدنيون. ثم المجندات وجثث محتجزين قتلى. وأخيرا الجنود والرجال الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي من النظاميين والاحتياط، وهو الشرط الذي تصر عليه حماس منذ البداية. في المقابل، ستطلق إسرائيل في كل مرحلة سراح آلاف الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، ومن ضمنهم الأسرى القدامى والمرضى وكبار السن وأصحاب المحكومات العالية وأسرى ممن يقول الاحتلال إن "أيديهم ملطخة بالدماء"، وسينسحب الجيش تدريجيا من قطاع غزة. من جهة أخرى، خرج الكلام عن حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من غياهب النسيان، في ظل الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، من دون أن يعني ذلك أنه سيكون سهلا أن يجد طريقه إلى التطبيق. أمضى وسطاء من أجل السلام عقودا من الزمن متشبثين بفكرة أن الفلسطينيين والإسرائيليين يمكنهم العيش جنبا إلى جنب في دولتين منفصلتين ذات سيادة. إلا أن الانقسامات الفلسطينية الفلسطينية وجنوح إسرائيل نحو اليمين المتطرف ورفض قادتها أي وجود لدولة فلسطينية وملل العديد من دول العالم من صراع متواصل منذ 75 عاما، حول الفكرة على مدى العقود الماضية إلى وهم. وتكشف الحرب التي بدأت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر والتي تسببت حتى الآن بمقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، الهوة بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين بشأن المستقبل. وتضع الحرب غزة حل الدولتين على المحك. الأسبوع الماضي، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رفضه لأي سيادة فلسطينية، حتى مع إصرار حليف إسرائيل القوي الرئيس الأميركي جو بايدن والاتحاد الأوروبي على التأكيد أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن للصراع التاريخي. img src="http://bayanealyaoume.press.ma/wp-content/uploads/2024/01/1-7-230x130.jpg" alt="" width="230" height="130" class="size-medium wp-image-235028" وعد البريطانيون للمرة الأولى بإقامة وطن للشعب اليهودي في فلسطين في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1917، في رسالة موجهة لوزير خارجية المملكة المتحدة آرثر بلفور، بعد أن أصبحت بريطانيا القوة المنتدبة على فلسطين بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية. في عام 1947، اقترح قرار الأممالمتحدة رقم 181 إنشاء دولتين يهودية وعربية منفصلتين، ما مهد الطريق لتأسيس إسرائيل في العام التالي. عارض الزعماء العرب إقامة دولة يهودية منذ البداية وساعدت هذه القضية في إشعال ثورة أوسع ضد الانتداب البريطاني في العام 1936. خسر العرب حربهم مع اليهود عام 1948 وتأسست دولة إسرائيل وتشتت الفلسطينيون وهجروا بعد ما عرف بالنكبة. وسيطر الإسرائيليون على أراض جديدة أوسع مما كان ينص عليه اقتراح الأممالمتحدة. بعدها ضمت المملكة الأردنية الهاشمية الضفة الغربية إليها، وأدارت مصر قطاع غزة وذلك حتى عام 1967 عندما احتلت إسرائيل هذه الأراضي. كانت منظمة التحرير الفلسطينية تأسست العام 1964 بهدف استعادة كل فلسطين. بموجب القانون الدولي، الأراضي الفلسطينية لا تزال محتلة حتى هذا اليوم، والمستوطنات الإسرائيلية المقامة فيها غير قانونية. وشجعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ما عقد كل تفاوض حول دولة فلسطينية محتملة. [caption id="attachment_235029" align="alignnone" width="230"] خاضت منظمة التحرير الفلسطينية معارك عديدة مع إسرائيل. كانت أشرس هذه المعارك في عام 1982 في بيروت العاصمة اللبنانية حيث كان مقر المنظمة قبل أن تنتقل إلى تونس. بدأت منظمة التحرير تغير استراتيجيها وتبنت فكرة الدولتين، وأعلنت دولة فلسطين في الخارج العام 1988. في العام 1991، عقد في تشرين الأول/أكتوبر مؤتمر مدريد للسلام الذي شاركت في رعايته الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي آنذاك. وكانت محاولة من المجتمع الدولي لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية من خلال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين ودول عربية بينها الأردن ولبنان وسوريا. img src="http://bayanealyaoume.press.ma/wp-content/uploads/2024/01/6-230x130.jpg" alt="" width="230" height="130" class="size-medium wp-image أوجدت اتفاقيات أوسلو التاريخية حكما ذاتيا فلسطينيا محدودا تحت مسمى "السلطة الفلسطينية" ومقرها رام الله مع هدف نهائي يتمثل في إنشاء دولة فلسطينية يعيش شعبها بحرية وسلام إلى جانب إسرائيل. في العام 2002، استندت "المبادرة العربية للسلام" على مبدأ حل الدولتين، واقترحت إقامة دولة فلسطينية مقابل إقامة تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، في سياق تدعيم فرص الحل. اغتال متطرف يهودي كان يعارض اتفاقيات أوسلو رابين في العام 1995، ما فتح الطريق لعقود من العنف وتوقف المفاوضات. ومنذ اغتيال رابين وصعود حزب الليكود الذي يعارض إقامة دولة فلسطينية واتفاقيات أوسلو. وبدأ الاستيطان يتوسع. ولم تنف ذ إسرائيل اتفاق أوسلو بنقل مناطق من السلطة الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية، وراوحت مفاوضات السلام مكانها. في العام 2006، حصل شرخ بين حركة حماس وحركة فتح غثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية، وبعد صدامات مسلحة، سيطرت حماس على قطاع غزة وأخرجت فتح منه. وعقدت الانقسامات الفلسطينية توحيد الموقف الفلسطيني تجاه إسرائيل. ويقول كزافييه غينيارد من مؤسسة نوريا للأبحاث التي تتخذ من باريس مقرا، إن المجتمع الدولي بذل جهود ا لآخر مرة في محادثات جدية في العام 2013. ويوضح لوكالة فرانس برس "من الناحية السياسية، لم نشهد أي جهد لجعل ذلك ممكنا منذ ذلك الحين". وتؤيد السلطة الفلسطينية رسميا حل الدولتين. ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عقد مؤتمر دولي حول هذه القضية في أيلول/سبتمبر الماضي، قائلا إنها "قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين". في العام 2017، قالت حركة حماس للمرة الأولى إنها تقبل بمبدأ إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود ما قبل 1967، مع احتفاظها بهدف بعيد المدى يقضي ب"تحرير" كل فلسطيني التاريخية. ترفض الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتانياهو أي حديث عن إقامة دولة فلسطينية. وطرح بعض الوزراء فكرة فتح باب التهجير القسري أو الطوعي أمام الفلسطينيين في غزة. تراجع تأييد "حل الدولتين" إلى حد كبير في الجانبين. وقال استطلاع للرأي أجراه مركز "بيو" أن دعم الإسرائيليين اليهود قبل الحرب الحالية لهذا الحل انخفض من 46% في عام 2013 إلى 32% في العام الماضي. وأفاد استطلاع أجرته مؤسسة "غالوب" قبل الحرب أيضا أن التأييد بين الفلسطينيين في غزةوالضفة الغربية انخفض من 59% عام 2012 إلى 24% العام الماضي. عاد قادة الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة لتأييد هذه الفكرة علنا. [caption id="attachment_235030" align="alignnone" width="230"] وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأسبوع الماضي إنه "من غير المقبول" حرمان الفلسطينيين من حقهم في إقامة دولتهم. ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن مرارا إلى العمل على هذا الحل. وقال الأسبوع الماضي "هناك عدد من أنواع حلول الدولتين. هناك عدد من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة… ليس لديها جيوشها الخاصة". وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن عباس "ملتزم" بإصلاح السلطة الفلسطينية بطريقة تؤدي إلى إعادة توحيد غزة التي مزقتها الحرب والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل تحت قيادتها. وانتقد منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي يدعم بقوة حل الدولتين، القادة الإسرائيليين. وتساءل الاثنين "ما هي الحلول الأخرى التي يفك رون فيها؟ إجبار جميع الفلسطينيين على الرحيل؟ قتلهم؟". وأصر نتانياهو على أن أي اتفاق سلام يجب أن يحافظ على "السيطرة الأمنية لإسرائيل على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن"، وهي المنطقة التي تشمل جميع الأراضي الفلسطينية. ويبدو المحلل غينيارد أقل تفاؤلا بشأن مستقبل حل الدولتين. ويقول "قد أكون متشائما ، لكن الصراع الحالي لم يغير شيئا لأن حل الدولتين كان ميتا منذ زمن طويل على أي حال".