المغرب يتجه نحو الريادة القارية والاقليمية في تصنيع السيارات الكهربائية    مسؤول إيراني يؤكد أن حياة الرئيس "في خطر"    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    منصة "طفلي مختفي" تمكن من استرجاع 124 طفلا لذويهم خلال سنة واحدة    سلطات طنجة المدينة تشن حملات لتحرير الملك العمومي والبحري (صور)    إيطاليا تصادر سيارات "فيات" مغربية الصنع    المعرض الدولي للنشر والكتاب.. إبراز تجليات مساهمة رئاسة النيابة العامة في تعزيز جودة العدالة    المحصول الضعيف للحبوب يسائل الحكومة عن التدابير البديلة للنهوض بالقطاع    مهنيو قطاع النقل الطرقي للبضائع يرفضون مضامين مشروع مرسوم ولوج مهن النقل ومزاولتها    المبادرة الوطنية للتنمية البشرية : احتفاء بالذكرى ال19 تحت شعار التعبئة والتوعية بالأهمية الحيوية للأيام الألف الأولى من حياة الطفل    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    أخبار الساحة    انفجارات السمارة.. أكاديمي يحمل المسؤولية للجزائر    الجيش الكونغولي يعلن إحباط "محاولة انقلاب"    الرياض وواشنطن تقتربان من توقيع "اتفاقيات استراتيجية" تمهد للتطبيع    ساكنة الناظور تستنكر إبادة الفلسطينيين في وقفة تضامنية    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تُبرز حضور الشباب المغربي في صلب أولوياتها    البطاقة البيضاء تحتفي بالإبداع السينمائي الشبابي خلال مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة    شبيبة الأحرار تستنكر "التشويش" على الحكومة    بسبب الجفاف.. الجزائر تتجه لخطف المركز الثاني من المغرب    باحثون مغاربة وأجانب يتخوفون من تأثير الذكاء الاصطناعي على الأدب والفن    مجموعة «إمديازن» تعود لجمهورها بأغنية «إلى الجحيم يا حساد»    الإطار المرجعي للامتحانات يخلق الجدل ومطالب بحذف بعض الدروس    عطية الله: سقوط سوتشي "أمر مؤسف"    المالكي : السينما.. جسر تواصل ولغة عالمية تتسامى على الاختلافات    إحباط "محاولة انقلاب" في كينشاسا بحسب متحدث باسم الجيش الكونغولي    موقع أمريكي يصنف طنجة وشفشاون ضمن أرخص الوجهات السياحية في إفريقيا    نجم المنتخب الوطني قريب من مجاورة حكيم زياش    تصادم بين سيارتين يرسل 5 اشخاص الى مستعجلات طنجة    أنشيلوتي يوضح موقفه من أزمة تشافي مع برشلونة    بعد صفعة العزل.. بودريقة مطلوب في جامعة الكرة لهذا السبب    "لا داعي للمالديف".. مصممون سعوديون يعرضون أزياءهم على شواطئ المملكة    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: تسليط الضوء على تحديات وفرص استعمالات الذكاء الاصطناعي في المرافق الأمنية    المغرب وفرنسا يعززان التعاون السينمائي باتفاق جديد    مهرجان "فيستي باز" ينتقد وسائل الإعلام الوطنية والقنوات الرسمية    بعد إسبانيا.. مزارعون فرنسيون يعتدون على شاحنات مغربية محملة بالطماطم    سائقون يتركون شاحنات مغربية مهجورة بإسبانيا بعد توقيعهم على عقود عمل مغرية    مهرجان كناوة بالصويرة من المواعيد الموسيقية الأكثر ترقبا خلال 2024 (موقع أمريكي)    مستشفى بغزة يعلن مقتل 20 شخصا في قصف إسرائيلي    في ظرف يومين فقط.. عدد زوار الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بأكادير يبلُغ 770.000    بعد شجاره مع المدرب.. إشبيلية يزف خبرا سارا للنصيري    مواجهات مسلحة بين مغاربة وأفراد عصابة في إسبانيا    أفغانستان: مصرع 50 شخصا بسبب الفيضانات غرب البلد    أوسيك يهزم فيوري ويصبح بطل العالم بلا منازع في "نزال القرن"    لماذا النسيان مفيد؟    كمال عبد اللطيف: التحديث والحداثة ضرورة.. و"جميع الأمور نسبية"    ندوة علمية بمعرض الكتاب تناقش إكراهات وآفاق الشراكة بين الدولة والجمعيات    الزليج ليس مجرد صور.. ثقافة وصناعة وتنظيم "حنطة" وصُناع مَهَرة    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    أخنوش يقود الوفد المغربي بمنتدى الماء العالمي بإندونيسيا.. وجائزة الحسن الثاني تخطف الأنظار    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو خمس سنوات بحلول 2050    الأمثال العامية بتطوان... (600)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنزيل قانون الحق في الحصول على المعلومات يصطدم بضعف تكوين الموظفين المكلفين بتلقي الطلبات
نشر في بيان اليوم يوم 27 - 11 - 2023

التزاما من المغرب بتفعيل بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لاسيما المادة 19 منه، وكذا العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادتين 10 و13 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تم إصدار القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، والذي دخل حيز التنفيذ بصفة كلية، ابتداء من تاريخ 12 مارس 2020، بعد نشره في الجريدة الرسمية في مارس 2019، وتأخر العمل به، بسبب العوائق اللوجستية والمسائل المتعلقة بالتنفيذ.
أتى إصدار هذا القانون بعد تنصيص المادة 27 من الدستور المغربي لسنة 2011، وتحديدا في الباب الثاني المعنون ب "الحريات والحقوق الأساسية"، على أن: "للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام"، وأنه: "لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة".

الحكومة المنفتحة
سبق صدور هذا القانون الذي كان يتم الإعداد له بشكل جدي، مع مختلف مكونات المجتمع المغربي، انضمام المغرب بتاريخ 27 شتنبر 2018، إلى مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة (OGP)، حيث أصبح العضو 76 ضمنها، وتهدف هذه المبادرة إلى دفع الدول المنخرطة إلى دعم الديمقراطية التشاركية، بوضع المواطن في صلب اهتماماتها، عبر تعزيز الشفافية والحصول على المعلومة، والنزاهة ومحاربة الفساد واستغلال التكنولوجيات الحديثة.
تضم هذه المبادرة ثمانية عشر (18) إجراء في مجالات تتعلق بالولوج إلى المعلومة، والنزاهة ومكافحة الفساد، وشفافية الميزانية، والمشاركة المواطنة، والتواصل والتحسيس بالحكومة المنفتحة.
وتتضمن هذه الخطة خمس (05) إجراءات متعلقة، تحديدا، بالحق في الحصول على المعلومات، وهي أولا؛ تعزيز تحسيس المواطنين بالحق في الولوج إلى المعلومة، ثانيا؛ تنظيم دورات تكوينية لفائدة الموظفين المكلفين بتوفير المعلومات في الإدارات العمومية، ثالثا؛ تعزيز نشر البيانات المفتوحة (open data) وإعادة استعمالها، رابعا؛ وضع آليات لتبادل البيانات ذات صلة بالبيئة (المراصد الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة)، وأخيرا إحداث بوابة خاصة بالشفافية.
يعد القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، أحد المداخل الأساسية لبلورة مشروع الحكومة المنفتحة، حيث تعتبر المشاركة والشفافية، مبدأين أساسيين للمجتمعات الديمقراطية، وهكذا، بعد نشر القانون 31.13 في الجريدة الرسمية، بدأ المغرب يحتفي باليوم العالمي للحق في الحصول على المعلومات في 28 شتنبر من كل سنة.
إلى جانب ذلك، وإيمانا منه، بضرورة التنزيل السليم لهذا الحق الإنساني والدستوري، عملت الإدارات والمؤسسات العمومية على مباشرة عمليات تفعيل القانون 31.13، استنادا إلى توجيهات المنشور رقم 5/2020 (بتاريخ 17 يونيو 2020)، حيث تم تعيين الأشخاص المكلفين بالحصول على المعلومات والذي بلغ عددهم أكثر من 1850 شخصا لتقلي الطلبات والرد عليها.
وكشفت وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أن هؤلاء الأشخاص، استفادوا من دورات تكوينية عبر مكونين مختصين سبق تكوينهم لهذا الغرض، كما تم إحداث بوابة إلكترونية للحصول على المعلومات (chafafiya.ma)، بهدف تيسير عملية إيداع الطلبات واستخراج الإحصائيات المرتبطة بها.
وتشير إحصائيات الموقع الإلكتروني chafafiya.ma، إلى أن عدد المؤسسات أو الهيئات المعنية بتلقي طلبات الحصول على المعلومات، يناهز ألف و703 مؤسسة، وبلغ عدد الطلبات المقدمة منذ تفعيل القانون وإلى غاية 10 نونبر 2023، 15 ألف و245 طلبا، حيث تمت معالجة 8 آلاف و213 طلبا، كما أن 7 آلاف و32 طلبا في طور المعالجة، موضحا أن متوسط مدة الإجابة يصل إلى 68 يوما، وهو ما يعتبر طويلا بالمقارنة مع ما هو منصوص عليه في القانون (20 يوما مع صلاحية تمديد الإدارة لهذه المدة).
وتسجل مجموعة من الملاحظات بشأن تجربة تنزيل هذا القانون، من قبيل عدم إحداث بعض الإدارات بمواقعها الإلكترونية (إن كانت موجودة)، فضاء مخصصا للحق في الحصول على المعلومات، إلى جانب الاحتفاظ بالمعلومات وعدم إدراجها بشكل مفتوح في مواقعها الرسمية، هذا بالنسبة للإدارات المركزية.
أما فيما يتعلق بالمستوى الترابي، فالأمر يعتبر من شبه المستحيل الحصول على المعلومات فيه، سواء بشكل مفتوح أو بناء على طلب يقدم من قبل المواطنين، علما أن الدورات التحسيسية والتكوينية لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة همت، أيضا، جماعات مدن تطوان وطنجة وزاكورة وخنيفرة والدار البيضاء ومراكش، ناهيك عن عقد لقاءات تنسيقية مع أعضاء لجنة الحق في الحصول على المعلومات، لفهم فلسفة هذا الحق الذي أصبح مؤطرا بالقانون، والذي تراهن عليه الدولة المغربية لمكافحة الفساد، والمساهمة في ترسيخ روح الشفافية والمساءلة في المرفق العام، والتحفيز على المشاركة في مراقبة عمل الإدارات، بالإضافة إلى تمكين المواطنين من معرفة حقوقهم والخدمات المتاحة لهم وتنمية الوعي القانوني لديهم.

صعوبات الحصول على المعلومات
واجهت بيان اليوم مجموعة من الصعوبات في الحصول على المعلومات في العديد من المحطات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بتوجيه طلب إلى مؤسسات جهوية وإقليمية، حيث يرفض الموظف المكلف بالتواصل مع المواطنين والصحافيين تسلم الوثيقة والتجاوب مع الطلب، منذ البداية، بحجة أنها معطيات سرية لا يمكن نشرها.
وفي هذا الصدد، كانت قد تقدمت الجريدة، بطلب لمندوبية الصيد البحري بأسفي، من أجل الحصول على معلومات تهم نسب تفريغ الأسماك وأسعار بيعها بميناء المدينة، خلال سنة 2022، إلا أننا لم نتلق أي جواب من قبل الإدارة، التي اكتفت بعدم التفاعل مع الطلب.
والأمر نفسه يهم مندوبية الصيد البحري بطنجة، التي لم يتفاعل موظفها المكلف بالتواصل مع طلب بيان اليوم، بشأن معرفة نسب الأسماك المفرغة في الميناء، وأثمنة بيعها بالجملة، الذي أشار إلى أن المندوبية لا يمكن أن تصرح بالأرقام لأن وزارة الصيد البحري هي المسؤولة عن ذلك، علما أن بعض المندوبيات تفاعلت إيجابا مع أسئلة الجريدة بهذا الخصوص.
ويشتكي الصحافيون من عدم تجاوب الإدارات العمومية مع طلباتهم، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأحداث آنية ومستعجلة، حيث يحول الآجال الذي يتعدى 20 يوما، دون الحصول على المعلومات في وقتها المحدد، خصوصا وأن الموظفين المكلفين يتجهون إلى تعقيد المسطرة في وجه طالب المعلومة، بدل تبسيطها، ومن ثم تصبح غير مهمة للنشر فيما بعد، باستثناء إذا كان الأمر يتعلق بمواضيع غير مرتبطة بالحالية.
وقال الصحافي محمد.ع الذي يشتغل بجريدة إلكترونية وطنية، إنه قام بتجريب طلب المعلومات عبر بوابة chafafiya.ma، لكن لا يتم التفاعل بشكل آني مع طلباته، علما أنه يكون في بعض الأحيان ملزما، بتأكيد بعض المعطيات أو نفيها، بدون الحاجة إلى التفاصيل التي قد تتطلب إجراءات بيروقراطية داخل الإدارة.
ويرى محمد.ع في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن أغلب الصحافيين لا يعتمدون على هذه البوابة، لأنها ليست عملية وسريعة، لهذا يهتدون إلى العلاقات الشخصية التي تربطهم بالمسؤولين عن التواصل ببعض المؤسسات العمومية، معتبرا هذه الطريقة التقليدية أنجع، وإن كانت لا تجدي نفعا بالنسبة لبعض المواضيع التي تتطلب الدقة في المعطيات والأرقام.
وكشفت جمعية سمسم-مشاركة مواطنة، في تقرير لها، خلال سنة 2021، خاص بمدى تجاوب الهيئات العمومية مع طلبات الحصول على المعلومات التي تردها عبر بوابة chafafiya.ma، أنه من أصل 80 طلبا للحصول على المعلومات تم تقديمها عبر البوابة، لم يتم الرد إلا على 17 طلبا منها، فيما بقي 63 طلبا آخر بدون رد. وبعد توجيه شكايات لرؤساء هذه المؤسسات، وكذا لجنة الحق في الحصول على المعلومات، لم تحظ بأي رد.
ومن بين الطلبات التي تم التفاعل معها، إلا أنها ليست بالشكل المطلوب، تتعلق بتوجيه سؤال إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مفاده: "هل انخفض عدد الأشخاص الذين يطلبون تأشيرة الولوج إلى المغرب في الفترة ما بين 1 يناير 2020 إلى 30 نونبر 2020 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية؟"، فكان رد هذه المؤسسة عبر مكالمة هاتفية مضمونها: "لا يمكن تقديم المعلومات المطلوبة لكون قرار منح التأشيرة لأي أجنبي يعتبر قرارا سياديا، ويدخل ضمن شق المعلومات المستثنى الحصول عليها بمقتضى قانون".
وعلقت الجمعية على هذا الجواب في تقريرها، الذي حصلت الجريدة على نسخة منه، بأنه كان بالإمكان أن يكون رد الوزارة قانوني: "أي أنها فعلا معلومات تدخل ضمن السيادة الخارجية للدولة، في حالة ما إذا كان السؤال يقتصر عن جنسيات بعينها مثلا انخفاض أو ارتفاع عددها في الفترة المعنية…، لكن المعطيات التي تم طلبها تعتبر شاملة، وتحتمل الرد ب"نعم" أم "لا" فقط".
ويقر دليل علمي للباحث عبد الرحمان علال، أعده لفائدة منظمة أنترنيوز، بشراكة مع المعهد المغربي لتحليل السياسات، والمنتدى المغربي للصحافيين الشباب، بمواجهة الصحافيين لصعوبات جمة في الحصول على المعلومات، خصوصا لحظة معالجة الأخبار المستعجلة، مشيرا إلى أن القانون لا يمنح للصحافي أي امتياز أو تسهيل، لأنه موجه إلى كافة المواطنين المغاربة.
ويرى عبد الرحمان علال في الدليل العلمي حول: "حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومات"، أن أكبر تحدي يواجه الصحافيين هو الزمن، ومن ثم فإن آجال 20 يوما من أيام العمل، و3 أيام في حالة الاستعجال، غير منطقية في القانون، ولا تخدم ديمقراطية وشفافية الحصول على المعلومات.
وأوصى الدليل العلمي بالحاجة إلى مراجعة الآجال المحددة في القانون 31.13، لتمكين الصحافيين والصحافيات من الحصول على المعلومات بصفتهم المهنية، وفي الآجال المعقولة.

تحديات حقيقة
يظهر أنه بعد مرور أربع سنوات على دخول القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات حيز التنفيذ، أن هناك عدة عوائق تعترض التنزيل السليم لهذا القانون، إذ غالبا ما يشار إلى أن الحاجز الأكبر أمام تفعيله يتمثل في عدم توافر القدر الكافي من الموارد البشرية والمالية، إلى جانب صعوبة تغيير الثقافة المجتمعية والمؤسسية التي تتمثل في الاحتفاظ بالمعلومات وعدم مشاركتها، مما يشكل تحديا حقيقيا في الممارسة.
وبالرغم من التدابير والجهود المبذولة من طرف مختلف المؤسسات والهيئات المعنية، بحسب وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بشأن أجرأة هذا القانون، لا تزال نسبة التفاعل مع طلبات الحصول على المعلومات المقدمة من طرف المرتفقين غير كافية كما وكيفا، وذلك راجع بحسبها، إلى عدة أسباب، من أهمها؛ غياب آلية دائمة لدعم وتقوية قدرات الأشخاص المعينين المكلفين بالمعلومات، إلى جانب وجود قصور على مستوى نشر المعلومات.
ومن أجل الالتزام بتعزيز تفعيل الحق في الحصول على المعلومات، تقترح الوزارة في ورقة لها، ب: "بوابة الحكومة المنفتحة"، تفعيل شبكة الأشخاص المكلفين بالحق في الحصول على المعلومات كفضاء لتقاسم التجارب وتقوية القدرات وتدعيم الخبرات، بالإضافة إلى إحداث منصة إلكترونية موحدة للنشر الاستباقي للمعلومات، والتي ستتيح الولوج إلى جميع البيانات المنشورة من طرف الإدارات العمومية سواء بمواقعها الإلكترونية أو وسائل أخرى.
وإذا تم تنزيل هذه الخطة، استنادا إلى تقرير الوزارة، فإنه من المنتظر، أن يتمكن الأشخاص المكلفين بالحصول على المعلومات من التوفر على مستوى عال من الكفاءة والقدرة للتفاعل مع طلبات الحصول على المعطيات، بل إن تفعيل خاصية بوابة النشر الاستباقي، سيعفي المواطنين من تقديم طلبهم المباشر إلى الإدارة.

الحاجة إلى تعديل القانون
في سياق متصل، أصدر، مؤخرا، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رأيا له، أعده في إطار الإحالة الذاتية، حول: "الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة والمتاحة"، ومن بين ما وقف عنده، إشكالية الولوج والحصول على المعلومات من الإدارة المغربية، وهو ما ينتج عنه تنامي ظاهرة انتشار الأخبار الزائفة في شبكات التواصل الاجتماعي، والذي يطال الأفراد والمؤسسات والمجتمع بوجه عام.
يرى المجلس في التقرير الذي توصلت بيان اليوم بنسخة منه، أن انتشار الأخبار الزائفة، يرجع إلى عدم نشر البيانات الرسمية التي في حوزة بعض الإدارات بكيفية ممنهجة ومنتظمة أو بطريقة محينة، وذلك بالرغم مما ينص عليه صراحةً القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات.
لمحاربة هذه الآفة الجديدة، توصي هذه المؤسسة الدستورية ب: "تفعيل الحق في الحصول على المعلومات، لا سيما من خلال إقرار إلزامية نشر جميع الوثائق الرسمية العمومية في غضون 24 ساعة من تاريخ المصادقة عليها على موقع الإدارة المعنية".
وتفاعلا مع النقاشات الجارية حول الملاحظات المسجلة بشأن القانون رقم 31.13، الذي يعرف تنزيله مجموعة من الاختلالات، من بينها ضعف المواد البشرية في الإدارات وغياب تكوينها، اهتدت لجنة الحق في الحصول على المعلومات، إلى عقد مداولة، بتاريخ 12 مارس 2023، حول مراجعة هذا القانون.
واستنادا إلى بلاغ اللجنة، فإنه ترسخ لديها اقتناع بضرورة إعادة النظر في القانون المذكور، في اتجاه تطوير مقتضياته للتجاوب موضوعيا مع متطلبات الإتاحة الكمية والنوعية للمعلومات لسائر المعنيين، ومواجهة انتشار المعلومات الزائفة التي تشوش على تدبير الشأن العام، الناتج لحد ما عن الشح الملموس في المعلومات المتاحة من لدن المؤسسات والهيئات المعنية بالقانون رقم 31.13 بخصوص القضايا التي تحظى باهتمام الرأي العام.
وتكمن صعوبات تنزيل هذا القانون، وفق تقرير للجنة اطلعت عليه بيان اليوم، في أربعة نقط أساسية، تهم بداية نطاق تطبيق الحق في الحصول على المعلومات (المادة الثانية، المادة السابعة،…)، ثم طالبي المعلومات (توسيع نطاق الأشخاص المعنيين بطلب المعلومات)، بالإضافة إلى مختلف الآجال المنصوص عليها في القانون الحالي، مقترحة إعادة النظر في الآجال المقررة للبت في طلبات الحصول على المعلومات والطعن في القرارات مع وضع ضوابط وشروط معقولة وواضحة لتلك الآجال، وأخيرا صلاحيات اللجنة ومهامها ومجالات تدخلها وطبيعة التوصيات الصادرة عنها، حيث تتضح الحاجة إلى إضفاء الصبغة الإلزامية على قرارات اللجنة وتوصياتها.

قاعدة بيانات مفتوحة
قال يونس بنان رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب: "إن القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، جاء في سياق إتمام مسيرة دمقرطة المجتمع المغربي التي بدأت مع دستور سنة 2011، لاسيما الفصل 27 منه، الذي يدعو إلى تبسيط الحصول على المعلومات التي بحوزة الإدارات العمومية".
وأكد يونس بنان في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن هذا القانون التنظيمي، أتى بعد الفراغ الذي كانت تشهده الساحة القانونية في المغرب، حيث لم يكن مخولا لأي مواطن أن يحصل على المعلومات التي تتوفر عليها الإدارة العمومية.
وأشار بنان إلى ضرورة التمييز بين المصطلحين المتشابهين من ناحية الصيغة، لكن مختلفان على مستوى المعنى، ويتعلق الأمر ب "الحصول" على المعلومات، و"الوصول" إلى المعلومات، موضحا أن الأول يعني، الحصول على المعلومات الجاهزة التي تكون لدى الإدارة العمومية، ويكون عبر طلب المواطن لهذه المعلومة، أما "الوصول" إلى المعلومة فهو البحث والتحري عن المعلومات التي تكون متاحة في البيانات التي تنشرها مؤسسات الدولة.
وقدم المتحدث ذاته، مثالا يخص معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب، الذي عمل في محطات كثيرة على دراسة المعلومات والبيانات المتاحة عبر المواقع الإلكترونية للإدارات العمومية، وتحليلها للوصول إلى المعطيات غير المتاحة للجميع.
في هذا الصدد، كشف أن المعهد أعد سابقا، دراسة حول تقييم عمل مجلس المنافسة، في الفترة ما بين يناير 2020 وأكتوبر 2021، حيث اتضح أن: "أغلب الشكايات التي ترفع إلى مجلس المنافسة تلقى ردا بعدم القبول، وهنا وضع المعهد مجموعة من التساؤلات والفرضيات حول هذه النسبة المرتفعة التي تصل إلى 97 في المائة من عدم قبول الشكايات والإحالات التي يقوم بها المواطنون والجمعيات والمؤسسات الاقتصادية والشركات".
تفاعلا مع سؤال بيان اليوم حول تكوين وقلة الموارد البشرية المكلفة بالتوصل والإجابة عن طلبات الحصول على المعلومات بالإدارات العمومية، ذكر يونس بنان، أنه: "يجب تحديد هذا النقص لدى أي إدارة بالتحديد"، مبينا أن: "الإدارة المكلفة بالمعلومة تسهل مسطرة الحصول على المعلومات، بيد أن المواطن إذا أراد الحصول على المعلومات يتجه مباشرة إلى الإدارات المعنية بالأمر".
وزاد بنان موضحا أنه: "مثلا إذا أردت معلومة تخص وزارة الاقتصاد والمالية يجب أن توجه طلبك إلى هذه الوزارة، ولا أظن مثلا أن بعض الوزارات مثل المالية، والداخلية والعدل، لديها النقص في الموارد البشرية أو المالية، فربما قد يكون هناك خلط بين مهمة الإدارة المكلفة بتسهيل الحق في الحصول على المعلومات، وبالحق في الحصول على المعلومات التي تكون لدى الإدارات".
ومن وجهة نظر رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب، فإن: "الترسانة القانونية الحالية، سواء في تبسيط المساطر الإدارية أو الحصول على المعلومات التي توجد لدى الإدارات المعنية كافية إذا استغلت بشكل عقلاني"، منبها إلى أن المشكل يكمن في عدم: "تدريب المواطنين وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسات على طريقة الوصول إلى المعلومات وليس الحصول عليها"، مبرزا أنه: "للحصول على المعلومات يجب التأكد من نوعيتها وماهيتها، علما أنه يجب أن لا تكون منشورة على المواقع الرسمية للإدارات العمومية".
ودعا يونس بنان إلى ضرورة الاهتمام بقاعدة البيانات الوطنية المفتوحة التي يجب تحيينها وتحديثها بصفة مستمرة، ف:"إذا تصفحنا قاعدة البينات الوطنية للإدارات والوزارات، نجد أنها غير محينة، ويرجع تاريخ المعطيات بها إلى سنة 2015 أو 2017، في الوقت الذي طلب من الإدارات بنشر البيانات التي تخص أعمالها".
وشدد بنان على أنه: "من أجل ضمان ديمقراطية الوصول إلى المعلومات والشفافية، يجب أن تكون هذه البيانات متاحة للجميع عن طريق قاعدة البيانات الوطنية، وهنا سنتجنب تبريرات الإدارة بعدم التوفر على المعلومات وبسريتها، فإذا كانت المعلومات في قاعدة بيانات مدنية يمكن الوصول إليها من طرف الجميع فلا يبقى للإدارة أي سبب للرفض".
وبالمقابل، سجل، على أنه: "إذا كانت البيانات مخفية ويطلب من الإدارة أن تعطيها، فبطبيعة الحال سيكون هناك هامش لمناورات الإدارة من أجل عدم الإدلاء بالمعلومات، خصوصا إذا كانت ستؤدي إلى إدانة الإدارة نفسها، أو إدانة العاملين بها، وقد تعري مثلا واقعا يجب أن تخفيه هذه الإدارة".
وخلص رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب إلى أنه: "يجب أن تكون هناك قواعد بيانات ضخمة تشمل جميع الإدارات العمومية، وتجيب على جميع أسئلة المواطنين أو جمعيات المجتمع المدني، حينها لن نبقى محتاجين إلى وقت للإجابة على الطلبات. ومن جهة أخرى، سيبقى الحصول على المعلومات غير الموجودة في البيانات، خاضعا لضوابط أخرى، بل يمكن في وقتها، التقليص من مدة معالجة طلبات الحصول على المعلومات".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.