تتواصل عملية شد الحبل بين الجماعة الحضرية لتطوان وساكنتها، وشركة «تيك ميد» التي تملك عقدا للتدبير المفوض لجمع ومعالجة النفايات المنزلية. فمن إضراب إلى إضراب معلن أو مفاجئ أضحت الشركة تجد صعوبة في المصالحة مع الجماعة والساكنة التي ضاقت ذرعا بتدهور الخدمات في مجال جمع النفايات المنزلية خاصة في الأحياء الهامشية حيث تتراكم النفايات طيلة اليوم. وشكل الإضراب الأخير «المفاجئ» النقطة التي أفاضت الكأس، مثيرة غضب الجماعة التي أعلنت في ندوة صحفية عن قرارها مراجعة العقد الذي يربط المدينة مع هذه الشركة الإسبانية منذ فاتح غشت 2007 «مراجعة شاملة». وإذا كان الطرفان لم يتوقفا في الفترة الأخيرة من إلقاء المسؤولية على بعضهما البعض حول تدهور هذه الخدمة بالمدينة المعروفة بنظافتها الفائقة، فإن الكيل قد طفح بالنسبة ولم يعد هناك مجال لاتخاذ موقف سلبي اتجاه هذه الحركات الاجتماعية المتكررة التي يتعين أن تجد الشركة حلا لها. وحسب عمدة المدينة فإنه يتعين القيام بمراجعة للعقد تأخذ بعين الاعتبار وبشكل مستعجل المحور الاجتماعي، مضيفا أن المبلغ المرصود سنويا لجمع النفايات وتنظيف الفضاءات العمومية يبلغ 41 مليون و135 ألف و272 درهم، وهو ما يشكل عبئا ثقيلا على ميزانية الجماعة التي لا تستوعب كيف أن هذه الشركة لازلت تعاني من نقص المستخدمين (377 عامل حاليا) والتي لا تتجاوز معداتها 37 في مدينة بمثل أهمية تطوان التي تبلغ ساكنتها حوالي 400 ألف نسمة. وكل هذا يفسر التراجع الذي يعرفه هذا القطاع الذي تدهورت خدماته بشكل غير مسبوق. وبالفعل، فإن العلاقات تأزمت ما بين الجماعة وشركة «تيك ميد» التي أثارت حركات اجتماعية لم تتمكن من التحكم فيها وعرقلت سير نشاطها وبالتالي حالت دون تفعيل الميثاق الجماعي الموقع ما بين الممثلين النقابيين و»تيك ميد» المغرب. وأوضحت «تيك ميد» في بيان لها نشر خلال يونيو الماضي على إثر إضراب قام به المستخدمون أنه كان من المتوقع أن يرسي هذا الميثاق سلما اجتماعيا لمدة ثلاث سنوات منذ تاريخ توقيعه في نونبر 2010. إلى جانب معاناة السكان جراء أكوام النفايات التي تنتشر بمختلف الأزقة والأحياء، وتنبعث منها روائح كريهة مضرة بالصحة والبيئة. وقد أصبحت هذه الوضعية غير مقبولة ودفعت المنتخبين المحليين إلى الاعتقاد بأنه حان الوقت للقيام بمراجعة شاملة لهذا العقد الذي يتعين أن يتضمن زيادات في رواتب العاملين وزيادة عدد الشاحنات التي تنقل الأزبال وغيرها من الشروط. وكانت (تيك ميد) قد سجلت في بلاغها «مجموعة من مظاهر الخلل الوظيفي من قبل السلطة المفوضة التي تهدد أسس الثقة الضرورية لتقود إلى عقد للتدبير المفوض»، وهو الأمر الذي ينفيه رئيس مجلس المدينة الذي شدد على المسؤولية الكاملة ل(تيك ميد) في نزاعاتها الاجتماعية. وخلال هذا المؤتمر الصحافي، تطرق رئيس الجماعة إلى عشرات الرسائل «لإعادة النظام» التي تم توجيهها إلى هذه الشركة دون احتساب عدد الغرامات المسجلة وتلك المفروضة بسبب عدم الالتزام بدفتر التحملات. غير أنه وبحسب (تيك ميد)، فإن «المادة 22 التي تربط السلطة المفوضة بالجهة المفوض لها توضح أنه لا يمكن فرض أية عقوبة على الشركة المفوض لها في حالة إضراب وأنه يتعين على السلطات ضمان الحد الأدنى للخدمة». لكن رئيس مجلس مدينة تطوان نفى ذلك وأكد على أن العقد الذي يربط الجماعة بهذه الشركة يتجسد من خلال ما وصفه ب»عدم التوازن بين الحقوق والواجبات» وغياب تدابير زجرية على الخصوص، وهو ما يفرض ضرورة والطابع العاجل لمراجعته، وهو القرار الذي شدد رئيس مجلس المدينة على أنه لا علاقة له بالانتخابات المقبلة. كما أكد على أن هذه المراجعة لا تعني بأي حال من الأحوال إلغاء العقد. وخلص الرئيس الذي يسير مجلس المدينة بفضل تحالف بين حزبه (العدالة والتنمية) والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى التأكيد على أنه يعتزم المحافظة على نظافة المدينة رغم أن «هناك جهات في الظل» بحسب رأيه تحاول المس باستقرار هذا التحالف وبالتالي، الاستفادة من القذارة التي تسبب فيها هذا الإضراب.