في الوقت الذي وحدت فيه المستديرة، كافة الشعوب الإفريقية ومعها العرب من كافة بقاع العالم، متعاضدين ومجتمعين في كتلة واحدة تشجع المنتخب الوحيد الذي لا زال يمثلهم في فعاليات كأس العالم المقام بقطر، لما له من رمزية ثقافية واجتماعية كبيرة، اختار نظام الجارة الشرقية للمغرب، التغريد خارج السرب، مستغلا المناسبة لبث «كراهيته وبغضه» بصورة «بئيسة»، تجاه البلد الذي طالما مد له يد العون والمساعدة على مدى قرون، ولا يزال يعرب عن استعداده لذلك حتى الآن. فقد اختار جنرالات الجزائر، تقطير الشمع على هذه اللحمة العربية، التي تمكن المنتخب الوطني المغربي من تحقيقها، والانزواء في عتمتهم؛ بل وصل بهم حقدهم الدفين غير المبرر، إلى منع شعبهم من الالتحام مع باقي الشعوب الإفريقية والعربية والتعبير عن فرحتهم العارمة تجاه ما يحققه المغرب. «مرض» وخبث جنرالات الجارة الشرقية، الذين يحاولون عزل شعبهم، في وقت أذابت فيه الكرة كل الخلافات ومحت كل الحدود المعنوية، وصل بهم إلى حد إقالة المدير العام للتلفزيون الحكومي شعبان لوناكل بشكل مفاجئ، على خلفية بث هذا الأخير خبر تأهل المنتخب المغربي مساء السبت لدور نصف النهائي بعد فوزه على المنتخب البرتغالي، رغم أنه (الخبر) مر يتيما وبشكل محتشم. إن ما يزعج نظام الجنرالات الحقود، كون الاستثناءات والانتصارات المتتالية التي حققها منتخب أسود الأطلس، لم تتوقف عند حدود ملاعب الكرة، وهز شباك الخصوم، بل تعدت ذلك، وحققت صورة استثنائية وانتصارا عالميا، ذلك أن كل سكان إفريقيا ومكونات الشعب العربي، بمختلف بقاع العالم، خرجوا مجتمعين ومتحدين، رافعين أعلام كل مكونات هذا النسيج الجغرافي والثقافي، ومعربين عن سعادتهم بما يحققه جزء لا يتجزء من هذا المكون، الذي تسعى «الكابرانات» إلى تشتيته؛ بل إن أكثر ما يزعج هذا النظام العجوز هو تحقيق لحمة إفريقية عربية طالما ادعت كذبا وبهتانا أنها تحاول تحقيقها، خاصة أن ذلك تم بفضل منتخب بلد الجار الذي تكن له كل البغض والحقد. الأكثر من ذلك، وهو ما يعكس الصورة الحقيقية لهذا الجار الأناني المغرور، وناكر الجميل، الذي لا يعترف بالفضل، ولا يهتم لأي روابط ثقافية أو جغرافية أو أي شيء، هو معاكسته حتى لشعبه الذي عبر بشكل صريح عن حبه وسعادته بما يحققه أسود الأطلس، في وقت تسابق فيه رؤساء دول بعيدة جدا عن المملكة المغربية جغرافيا وثقافيا، لتقديم التهاني بشكل خاص ورسمي لجلالة الملك محمد السادس، أو بشكل عام لكافة مكونات العالم العربي والقارة الإفريقية، حيث إن أسود الأطلس اليوم لا يمثلون بلدا بعينه، بل يمثلون كل العرب، وكل سكان إفريقيا. وحيث إن منسوب الديمقراطية بأي بلد، يقاس أساسا بمدى حرية الصحافة والإعلام التي تعد المرتكز الذي لا غنى عنه في الديمقراطية الحديثة؛ فلا شك أن نظام الجزائر يفتقد للديمقراطية حتى في أدنى تجلياتها، بل أصبح الحديث عن الممارسة الدكتاتورية بهذا البلد، بعد ما تم رصده من إقالات بسبب التطرق بشكل باهت ومحتشم لخبر فوز منتخب كروي، ومنع الشعب من التعبير عن فرحته، وذلك في وقت خصصت فيه صحف دولية تنتمي لبلدان تم إقصائها، من طرف المنتخب المغربي، صفحاتها الأولى للحديث عن فوز منتخب أسود الأطلس، وحيزات زمنية مهمة في برامجها التحليلية، بل تشيد بما يتم إنجازه. على نظام الكابرانات اليوم، التحلي بروح العروبة والانتماء الجغرافي، والتخلي عن خبثه وأنانيته وأيضا معاداته للمغرب غير المبررة وغير المفهومة، ويعلم أن معاداته للبلد الجار هي معاداة في الأصل للكتلة الإفريقية ووحدة الأمة العربية، التي يجب أن تكون كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؛ فمن المفروض أن يكون النظام الجزائري الحاكم أول من يفرح لإنجازات جاره وأول من يقف إلى جانبه في الظروف القاسية كما فعل معه هو نفسه على مدى سنوات طوال. إن هذه الصورة الاستثنائية التي تحققت بعد طول انتظار بفضل ما يحققه المنتخب الوطني المغربي، تبقى «ناقصة» بدون الجزائر شعبا وحكاما، وبالتالي فعلى النظام الجزائري مراجعة حساباته، والاصطفاف إلى الكتلة الإفريقية والعربية، بدل الانسياق وراء أعداء التكتل ودعم الانفصال، لأن القوة في التكتل، والضعف في الانفصال والفرقة، فهل يعود نظام الكابرانات إلى رشده ويكمل الصورة؟ أم يستمر في التغريد خارج السرب؟